قصة

ركام البيوت المهدمة مصدر دخل لأطفال غزة

أطفال يجرون عربات مليئة بالحجارة والركام | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

يخرجون مع ساعات الصباح الأولى، تاركين فراشهم الدافئ البسيط، يتحسسون طرقاً لا يعرفونها، يجوبون الأزقة والطرقات الجديدة، باحثين عن لقمة عيش مغمسة بالعرق، بعد أن ضاقت بهم سبل العيش الكريم، وأغلقت أمامهم كل الطرق ونهش الحصار غزة وأهلها.

حالة من الوجوم والحزن أحاطت وجه الطفل حمدي سلامة، عندما أخذ ينظر إلى التشققات في يديه، وأصابعه المتورمة من العمل الشاق وشدة البرد، وبالرغم من هذا الحجم من الألم الشديد، فقد نفض حمدي ملابسه ومسح يديه بقوة، وبدأ يستعد إلى أخذ صورة لـ«البيان» وبدأ بجمع ما حصله من نقود لعله يكفي لخبز ساخن لإخوة ينتظرونه على أحر من الجمر.

هذا هو حال الطفل حمدي سلامة (12 عاماً) من بلدة بيت لاهيا، الذي رسم السرور على وجه بيته المكتوي بنار الفقر والبطالة والانقسام، بعدما قضى يومه الشاق في جمع الحجارة والطوب على عربة يجرها حمار من الشوارع وركام البيوت المهدمة.

جمع الحجارة من قبل الأطفال ظاهرة ومهنة جديدة وجدت إقبالاً واهتماماً ملحوظاً من قبل العائلات المحتاجة والفقيرة في غزة، وخاصة الأطفال منهم، والذين تضررت أوضاع أسرهم بسبب الحصار والحروب، ورغم أنها من الأعمال الشاقة والخطيرة على صغار السن من الأطفال فإن شوارع القطاع تعج بهذه العربات التي يقودها الصغار، لتتحول إلى مهنة لكسب دراهم معدودات.

«لن نتسول من أحد»

وهو يتحدث مع أقرانه من الأطفال بأن يحترسوا من أن تفلت الحجارة على أقدامهم، أسرع حمدي في جلب المزيد من الحجارة، ليبيعها قبل هطول المطر ودخول موجة البرد وإغلاق أصحاب الحجارات أبوابهم.

اقتربنا منه لنسأله عن هذا العمل وخطورته، أجابنا حمدي وهو يمسح وجهه من العرق الذي اختلط بالمطر: أبحث برفقة أقراني من الأطفال عن الحجارة ونضعها على عرباتنا حتى تمتلئ لنبيعها للمعامل ونحصل على المال لنساعد أهلنا في مصاريف البيت في ظل هذا الوضع الصعب قائلاً: إن بعض المال أفضل من ذل التسول، وملتقطاً أنفاسه بعد جهد العمل علق حمدي بكلمات تتعدى سنوات عمره بعد أن كان مزهواً بأن ملأ عربته مرة ثانية وفي يوم واحد: «يكفينا أننا نعيش بعز وكرامة ونأكل من كدنا ونطعم أهلنا ولا نستجدي الصدقات من أحد يمنحنا فتات لقمة لا تسد جوعنا».

حمدي سلامه ليس الوحيد الذي دفعته الظروف القهرية للعمل وترك مقاعد الدراسة، ولكن هناك المئات من الأطفال التحقوا للعمل في شوارع قطاع غزة لجلب قوت يومهم بعد أن غيبت البطالة معيلهم الوحيد.

«خسرنا ما لدينا».

وبألم لف وجهه الصغير أضاف: «كل إخوتي الصغار يعملون في هذه المهنة، فبعد تردي الأوضاع الاقتصادية والحرب الأخيرة لم يتبق لنا حتى شبابيك تسترنا وتحمينا من البرد، مشيراً إلى أنه وأشقاءه الصغار يجمعون أربع عربات في اليوم، ويبيعون الواحدة بـ«5 دولارات»، ورغم السعر القليل إلا أن هذا المبلغ يمثل له طوق نجاة فيكفي أنه وأشقاءه يحصلون على وجبة عشاء بسيطة وكلمة رضا من والده العاطل عن العمل».

Email