تقارير «البيان»: الاحتلال يُبعثر أوراق الحياة النمطية لأطفال فلسطين

ألعاب أطفال فلسطين في ظل الاحتلال | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتاد أحمد، ابن الـ9 سنوات، من مدينة رام الله، مشاهدة أفلام الكرتون عبر التلفزيون، ولعب الكرة مع أصدقائه في فناء منزله، لكن بعد الاقتحامات والمواجهات الأخيرة، التي شهدتها المدينة، بدأت اهتماماته تتغير بصورة كلية، إذ تبدلت أولوياته، واختلفت أدوات لعبه، وحتى أسئلته لوالديه، بدأت تتغير.

والدة أحمد قالت: «بعد الأحداث الأخيرة لم يعد أحمد ذاك الطفل الذي أعرفه، فكل اهتماماته وألعابه تغيرت، وبدا تأثره بالأحداث واضحاً، لدرجة أنه استبدل ألعابه من الكرة وركوب الدراجة، ومشاهدة أفلام الكرتون، بأدوات يستخدمها الشبان في التصدي لجيش الاحتلال، كالمقلاع، والنقيفة واللثام، وأصبح يلعب من أبناء الجيران برمي الحجارة، وتقليد مواكب الشهداء!».

أضافت مُستغربة لـ«البيان»: «لم تعد مغامرات «توم وجيري» وغيرها من أفلام الكرتون التي تستهوي الأطفال، محط اهتمام أحمد على شاشة التلفزيون، إذ حلّت مكانها نشرات الأخبار، والأغاني الوطنية، التي تبثها القنوات الفلسطينية، مع تصاعد الأحداث»، لافتة إلى أنه بات يوجّه لوالديه أسئلة غريبة، من قبيل: «شو يعني احتلال، ولماذا يطلق جيشه النار على الشبان؟».

أيام مشوّشة

غير بعيد عن أحمد، جاءت تأثيرات الأحداث مختلفة بعض الشيء لدى الطفل سامر (8 سنوات)، الذي أصبحت أيامه مشوشة لدرجة أنه أصبح يرى جيش الاحتلال في منامه، ويخشى النوم مع إخوانه في الغرفة المخصصة لهم، وتبدو عليه تأثيرات سلبية، وأصبح يحرص على غير عادته، على مشاهدة نشرات الأخبار ومتابعة الأحداث مع والده.

تأثيرات الأحداث الأخيرة تكاد تنسحب على غالبية أطفال فلسطين، فكثيرون منهم -بحسب الأهالي- تغيرات ألعابهم، وطرق قضاء أوقات فراغهم، وبعضهم أخذ يبحث عبر الفضائيات، عن أخبار الاقتحام والمواجهات، وإغلاق الطرق، على حساب برامج الأطفال!

خليل العابد أوضح أن ابنه عامر (10 سنوات)، أصبح يشاركه النقاش حول تداعيات الأحداث وعمليات إطلاق النار على المستوطنين، وحتى مواقف بعض الدول من القضية الفلسطينية، فيسأله أحياناً: «الدولة الفلانية معنا أم مع اليهود؟»، مبيناً أن حديثه أصبح يشعره بأنه أمام إنسان يفوق إدراكه سنوات عمره.

استهداف الأطفال

الأحداث الأخيرة، ألقت بظلالها على أطفال فلسطين، بل إنها «اقتحمت» عليهم ألعابهم، فأصبحوا يقلّدون ما يجري في المسيرات والتظاهرات ومواكب تشييع الشهداء، وتراهم يرشقون الحجارة على أهداف تجسّد في خيالهم آليات احتلالية، وبعضهم يخفون وجوههم باستخدام اللثام، في تقليد عفوي لشبان الانتفاضة.. لقد توارت ألعاب الطفولة من حساباتهم، وأصبح منهم شهداء وجرحى وأسرى.

ولم يعد الأطفال الفلسطينيون بمنأى عن القمع والقتل الذي تمارسه قوات الاحتلال ضد كل ما هو فلسطيني، بل إن جيش الاحتلال أمعن في استهداف الأطفال، ويصرّ قادته على دبّ الرعب في نفوس هؤلاء القاصرين، فيعمل على اختطافهم من بين أحضان عائلاتهم، وهذا نابع من إدراك هؤلاء أن أطفال فلسطين هم لبنة أساسية في بناء مجتمعهم، ووقود ثورة لدى أبناء شعبهم، ولعل «انتفاضة الحجارة» الفلسطينية الأولى، تؤكد صحة هذا المنطق.

54

خلال عام 2018، قتلت قوات الاحتلال 54 طفلاً، ليرتفع عدد الشهداء الأطفال منذ عام 2000 الذي شهد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية «انتفاضة الأقصى» إلى 2072 طفلاً، بينما اعتقلت أكثر من 900 لا زال منهم 270 طفلاً يقبعون في سجونها، ومنعت سلطات الاحتلال وصول 80 ألف طفل إلى مدارسهم بأمن وسلام، في مخالفات واضحة للقانون الدولي، والمعاهدات الدولية، تجاه الأطفال.


Email