تقارير البيان

حكومة لبنان في دوّامة التعثر لأجل غير مسمّى

ت + ت - الحجم الطبيعي

يدخل لبنان أسبوعاً آخر وأزمة تأليف الحكومة على أبواب نهاية شهرها السابع، من دون أن تلوح في الأفق أيّ مؤشرات إلى حلّ قريب لها، فيما كلّ المعطيات تشير إلى أنّها ستدخل فصلاً جديداً من التعقيد والتصعيد، على رغم تفاؤل بعض المعنيّين باحتمال ولادة الحكومة «عيديةً» للّبنانيين لمناسبة عيدَي الميلاد ورأس السنة، اللذين دخلت البلاد في مدارهما.

ومع اقتراب الأعياد، يبدو أنّ كل الجهود السياسية تصبّ في خانة واحدة: إحراز الخرق المنتظر، ومعايدة اللبنانيين بولادة حكومة العهد الأولى، من دون القفز إلى استنتاجات متسرّعة أو تحديد مواعيد.

ذلك أن المتفائلين من المراقبين يرفضون الاستسلام للمعطيات والمواقف التي تؤكد استمرار المراوحة السلبية، ويعوّلون على نجاح المبادرة الرئاسية التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في إخراج عملية التشكيل من عنق الزجاجة، في الأيام القليلة الفاصلة عن نهاية العام، بفعل قناعة لا بدّ من أن تتولّد لدى المعنيين بـ«العقدة السنيّة» جميعهم، بضرورة تقديم تنازلات إنقاذاً للبلاد الواقفة على شفير انهيار اقتصادي، وأمام تحديات أمنية ضاغطة، وأبرزها ماثل على حدودها الجنوبية.

الأفق المسدود

إلى ذلك، وغداة تلميح رئيس الوزراء المكلّف، سعد الحريري، صراحة، إلى إمكانية تأليف الحكومة قبل نهاية السنة الجارية أو بداية السنة المقبلة، شاعت في الأوساط السياسية مناخات حيال الاستحقاق الحكومي، راوحت بين تفاؤل حذر بدرجة دنيا، وتشاؤم بمقدار كبير.

وبدا لكثيرين أنّ الحكومة، إذا لم تولد قبل نهاية الشهر الجاري، فإنّ ملفها سيُرحّل حتماً إلى السنة المقبلة، من دون التكهّن بموعد محدّد لولادتها، إذ إنّ الفلسفة التي قامت عليها المبادرة الرئاسية، لحلّ الأزمة الحكومية، تقضي بأن يقدّم الجميع تنازلات، في الوقت الذي يؤكد كثيرون أنّ هذه التنازلات مطلوبة فقط من أولياء الشأن، دون سواهم.

وفي الانتظار، بدا من المواقف أنّ أفق الحلول ما زال مسدوداً، على رغم تفاؤل البعض بإمكان إيجاد حلّ لعقدة تمثيل النواب السنّة الستة أعضاء «اللقاء التشاوري».

ذلك، أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليس في وارد تمثيل هؤلاء النواب بوزير من حصّته، وكذلك الرئيس المكلّف سعد الحريري الذي لا يزال يرفض حتى الآن استقبالهم والاستماع إلى مطلبهم. أما مصادر «اللقاء التشاوري»، فأكدت لـ«البيان» أن لا قبول بأيّ حلّ لا يفضي إلى تمثيل أعضاء «اللقاء» في الحكومة، وعبر واحد منهم حصراً وليس عبر من يمثلهم.

صدمة إيجابية

وبينما تظهر الوقائع أن لا حكومة في القريب المنظور، لأنّ الأفرقاء المعنيّين بالحلّ لم يعد في إمكانهم التراجع، فإنّ التنازل، إذا ما حصل، يفترض أن يكون على خلفية صدمة إيجابية، لا مؤشرات إليها حالياً.

ذلك أن الرئيس الحريري ليس في وارد الانكسار، وإلاّ يكون قد كتب نهايته السياسية، أو ضعفه الذي سيرتدّ عليه في إدارة الحكم، عدا عن صورته أمام الخارج الداعم له، والمفترض أن يتّكئ عليه سنداً له.

أما «حزب الله»، فلا يزال منتهجاً المنحى التصعيدي، ‏من خلال تحميل الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة شخصياً مسؤولية حلّ عقدة توزير نواب «سنّة 8 ‏آذار»، ويسعى إلى فرض إرادته عبر ما يُسمّى «كسر الأحادية السنيّة». وفي المحصلة، ليس بين الأفرقاء المعنيّين من هو مستعدّ لتقديم أيّ تنازل، ما يشير إلى أنّ البلاد لا تزال مهدّدة بالفراغ الحكومي لأجل غير مسمّى.

صيغ الحلول

وسط التسليم الشامل بأنّ الأفق الحكومي اللبناني مقفل، بالنظر إلى تمترس مختلف الأطراف خلف مواقفها، فإنّ الأسبوع المقبل، وبحسب مصادر مراقبة، لا يمكن إلا أن يحمل جديداً على مستوى التأليف الحكومي، فإمّا أن تُترجم صورة الإيجابيات التي رشحت في الساعات الماضية عن صيغ متداولة للحلول، يتنازل فيها الأفرقاء المعنيون توخياً لولادة الحكومة، أو أن تتعثر كسابقاتها تاركةً البلاد مكشوفة في مواجهة الأزمات المتفاقمة.

Email