رصاص الاحتلال أفقد الطفل محمد أحلامه في ممارسة كرة القدم

ت + ت - الحجم الطبيعي

هنا يرقد طفل فقد عينه بسبب رصاصة معدنية استقرت في جمجمته، وهناك يرقد آخر فقدها بسبب قنبلة غاز، وثالث فقدها برصاصة مطاطية، الضحايا هم أطفال فلسطينيون، والمجرمون هم قوات الاحتلال الإسرائيلي.

لم يكن يوم التاسع من فبراير لهذا العام يوماً عادياً بحياة الطفل محمد نوباني (14 عاماً) من سكان مدينة البيرة الواقعة شمال القدس المحتلة، بعد أن أصيب بعيار معدني مغلف بالمطاط، اخترق عينه واستقر فيها، أثناء توجهه لحديقة الألعاب القريبة من منزله برفقة زميله صالح، الذي أصيب هو الآخر في رأسه بقنبلة غاز مسيل للدموع.

لم يبدر عن الطفلين محمد وصالح، ما يهدد حياة الجنود المتمركزين على البرج العسكري المقابل للحديقة بالخطر، لم يكن بين أيديهم سوى كرة قدم، يبدو أنها خيلت لجنود الاحتلال وكأنها صاروخ سيصيبهم ويلاحقهم وهم يتحصنون خلف أبراجهم العسكرية.

حياة بلا طعم

«فجأة صعد جنديان إلى البرج العسكري الموازي للحديقة، وأطلقا النار وقنابل الغاز علينا، أحسست بشيء يرتطم بعيني اليمنى، لم انتبه أي الجنديين أطلق النار صوب عيني، شعرت بغثيان، وضعت يدي على موضع الإصابة وشعرت بدماء كثيرة تسيل، خفت كثيراً، انتبه لي الصبية الذين كانوا في الحديقة، أعانوني على المشي، لم أبصر شيئاً بعيني المصابة، وشعرت بدوار وتشوش في الرؤية، اصطحبوني إلى سيارة الإسعاف لنقلي لأقرب مستشفى وفي الطريق نظف المسعفون مكان الإصابة وضمدوها بلفافة، وأدركت لحظتها أن حياتي صارت بلا طعم ودون نكهة، وكل موازين حياتي ستنقلب»، بهذه العبارات روى محمد لـ «البيان» تفاصيل إصابته.

أوجاع مستمرة

تقول نفين نوباني والدة محمد لـ «البيان»: فقد محمد البصر في عينه اليمنى، لكنه يعاني منذ خروجه من المستشفى أوجاعاً مستمرة في الرأس، وفي عينه اليسرى، غير المصابة، عينه اليمنى تظل مغطاة بغطاء من البلاستيك لحمايتها، وهو يتلقى أدوية دائمة، عانى ابني من حالة نفسية صعبة، وكان دائماً يحطمني بأسئلته، «هل سأتمكن من الرؤية مجدداً بعيني، ومتى سأعود للمدرسة، وللعب مع أصحابي».

وتتابع: كنت أقنع نفسي بأن محمد لم يفقد البصر في عينه وأنه ما زال هناك بصيص أمل، إلا أن جميع أطباء العيون الذين أشرفوا على حالته أكدوا لي أنه لا يوجد أمل في عودة الرؤية إلى عين محمد اليمنى، وأن علينا التسليم بالأمر الواقع، وإعداد محمد للتأقلم والعودة لحياة طبيعية مع هذا الوضع، ونأمل أن نتمكن قريباً من استئصال عينه وزراعة عين تجميلية مكانها.

وشددت الأم على أن إطلاق الرصاص المعدني المغلف بالمطاط صوب الرأس بشكل متعمد يعد جريمة بكل المقاييس، فقد حكم ذلك المجرم الإسرائيلي على ابني بالإعاقة مدى الحياة، مستغلاً سياسة الإفلات من العقاب وعدم المساءلة التي يتمتع بها جنود الاحتلال، والتي تضمن لهم عدم معاقبتهم، حتى على القتل.

Email