زيادة نمو مواليد المهاجرين تقلق أوروبا من التغيّر الديمغرافي

ت + ت - الحجم الطبيعي

حينما تم الإعلان عن عقد قمة أوروبية مُصغرة حول الهجرة نهاية يونيو الماضي، خرج كثير من خُبراء ملف الهجرة في أوروبا بعبارات وصفوا فيها قادة أوروبا بأنهم في «نزهة سياسية» لن تُحقق الغرض المنشود منها، ولم يخفِ بعضُهم كشف وجود «انقسامات حادة» فيما بينهم.

مايكل كليمنس، خبير الهجرة والاقتصاد الباحث في مركز التنمية العالمية في واشنطن، ومعهد IZA لاقتصاديات العمل في مدينة بون الألمانية، حذر من أن مُساعدة الدول الفقيرة لا تحل مشكلة الهجرة، وقال: «مُساعدة الدول الفقيرة لا تحل مشكلة الهجرة، بل على العكس تماماً، حيث إن المُساعدات المالية تزيد أفواج الهجرة إلى القارة الأوروبية، وخاصة الهجرة غير الشرعية».

ويستند الباحث إلى أن جانباً من دراسات أسباب الهجرة يؤكد أن تحسُن المستوى المالي يحفز نسبة لا بأس بها من مواطنين في أفريقيا على وجه الخصوص على الرحيل، لأن الفرص لديهم تزيد لإمكانية دفع تكاليف السفر لبلد أوروبي.

تؤكد معلومات وبيانات مراكز الدراسات والأبحاث الاقتصادية الاجتماعية في الدول الأوروبية أن الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا أدت إلى حزمة من المشكلات الاقتصادية والديموغرافية والأمنية، بعد تدفق ملايين اللاجئين خلال السنوات الأخيرة من مناطق الصراعات والحروب، خصوصاً من سوريا والعراق، كان من نتيجة ذلك تزايد الأعباء المالية على ميزانيات دول الاتحاد الأوروبي، وقد استغلت الأحزاب الشعبوية «اليمين السياسي المُتطرف» هذا الأمر في تنمية مشاعر العنصرية، والخروج بأجندات ترفض وجود الأجانب غير الأوروبيين عامة، ما هدد وما زال يُهدد بتقويض الاستقرار الاجتماعي، وأيضاً اقتحام أعداد كبيرة من المُهاجرين واللاجئين لأسواق العمل في سنوات قليلة، أجبر الاتحاد الأوروبي على زيادة مخصصات مالية إضافية لتغطية احتياجات تدفق المهاجرين الجُدد.

هذا إلى جانب الإنفاقات المالية الكبيرة التي تكبدتها أوروبا لسد الفجوة في سوق العمل، حيث أدت مُنافسة المهاجرين للسُكان الأوروبيين الأصليين إلى زيادة نسبة البطالة في بعض الدول، حيث تراوحت بين 20، و25% في بعض دول الاتحاد الأوروبي.

كما أشارت الإحصاءات الرسمية إلى أن تكلفة إيواء المهاجر الواحد «الذي لا يعمل» تصل إلى 12 ألف يورو أثناء العام الأول، إضافة إلى إنفاقات تأمين السكن والمأكل، والمدارس للأطفال في سن التعليم، وتدريس لغة البلد التي يقيم فيها المهاجر، والمساعدات المالية الشهرية في مراكز الاستقبال، يُضاف إلى ذلك تكلفة تمكين المهاجرين في وقت قياسي من الاندماج في مجتمع سوق العمل، وتدريب البعض على الحرف التي يحتاجها سوق العمل.

وواحدة من المشكلات التي أثقلت كاهل الميزانيات المالية الأوروبية هي تكلفة ترحيل طالبي اللجوء، ممن ترفض طلبات إقامتهم، حيث بلغت منذ عام 2000 وحتى نهاية العام المُنصرم 2017 نحو 11.8 مليار يورو، يأتي ذلك وسط توقعات إحصائية رسمية بزيادة كلفة استقبال المهاجرين غير الشرعيين في بعض الدول الأكثر استقبالًا للمهاجرين، تتراوح ما بين 0.5% و 0.9% من إجمالي الناتج القومى لتطوير أنظمة دمج المهاجرين في المجتمعات الأوروبية.

كما أن آثار الهجرة إلى أوروبا في خارطة القارة الأوروبية والاختلافات الأخيرة حول إيواء المهاجرين لا تكمن فقط في التكلفة المالية العالية، بل في أن الهجرة غير الشرعية لها تأثير سلبي على مُستقبل الشعوب الأوروبية، حيث إن النمو الديموغرافي للأوروبيين قد شهد تراجعاً في السنوات الأخيرة، نتيجة ضعف مُعدل الخصوبة الذي لا يتجاوز 1.5 طفل (لكل امرأة)، على عكس المهاجرين (خصوصاً من أصول عربية)، حيث يشهد معدل النمو بالنسبة لهم تزايداً مستمراً، نظراً لمعدل الخصوبة المرتفع 2.7 طفل (لكل امرأة). ففي حال استقرارهم في أوروبا قد يؤدي ذلك بمرور الزمن إلى تغير تركيبة المجتمع الأوروبي.

ولم يخفِ خبراء علوم الاجتماع مخاوفهم من حدوث تغير ديموغرافي، حيث جاء في دراسة هولندية حديثة أنه حال استمرار توافد المهاجرين على النحو القائم إلى أوروبا، فمن المتوقع أن يصل عددهم عام 2050 إلى 80 مليون نسمة من المهاجرين، في حين أن عدد السُكان الأصليين سيشهد تراجعاً، وبناءً عليه فإن المُجتمعات الأوروبية مُهددة بالانقراض في ظل التدفق الكبير للمهاجرين.

25 %

أدت مُنافسة المهاجرين للسُكان الأوروبيين الأصليين إلى زيادة نسبة البطالة في بعض الدول، حيث تراوحت بين 20، و25% في بعض دول الاتحاد الأوروبي.

Email