تقارير «البيان»

أم محمد.. امرأة تعيش معاناة اللجوء مضاعفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من اعتبار النساء في حالات النزاعات والحروب الفئة الأكثر تضرراً، إلا أنهن يبرهنّ في كثير من الأحيان على قدرة مذهلة وبراعة ملحوظة في مواجهة الصعاب، فالحرب السورية ألقت بظلالها على النساء السوريات، فأصبحن لاجئات يعشن أقسى وأصعب الظروف النفسية والاقتصادية. والفقدان زاد من مرارة حياتهن الجديدة، حيث دفعن ضريبة الحرب الباهظة هنّ وفلذات أكبادهن.

«أم محمد» نموذج للسيدة السورية التي أجبرتها الحرب على ترك منزلها وأحبائها في سوريا، متوجهة إلى الأردن حاملة في قلبها أملاً في أن تعود إلى بلدها بأسرع وقت ممكن، ومنذ 6 سنوات وما زالت أم محمد تقبع في ظروف اللجوء المأساوية محاولةً تحسين ظروف أسرتها.

تقول أم محمد لـ«البيان»: «لقد تغيرت حياتي للأسوأ، وأصعب ما في اللجوء أن يكون الزوج غير قادر على العمل، لتصبح الغربة التي نعيشها غربتين. فالزوج وما يقوم به من دور في العائلة مهم جداً. خاصة أن لدينا أطفالاً ويحتاجون إلى الرعاية والاهتمام. لديّ أربع بنات وولدان، وهم في سن الدراسة، وزوجي لا يستطيع العمل إثر إصابة قدمه بشظية منعته من العمل والقدرة على المشي بسهولة.

أمل مفقود

لقد ظنت هذه اللاجئة السورية أن القدوم إلى عمّان سيكون لمدة قصيرة جداً، لكن الحرب وما جرى بها من تأزيم دفع زوجها إلى البقاء حفاظاً على حياة الأبناء. تضيف: «لا يوجد لدينا أقارب أو أصدقاء في عمّان، وهذا الأمر عقد وجودنا أكثر، والمساعدات التي كنا نحصل عليها من المنظمات الإنسانية قلت كثيراً. لقد حاولت الاعتماد على نفسي لإعالة هذه الأسرة، من خلال أعمال الطهي المنزلية. لكنني مصابة بأمراض عديدة كالسكري والضغط والتهاب المفاصل، وأحتاج عملية في الكُلى منعتني من الاستمرار».

تحصل العائلة على كوبونات غذائية من مفوضية شؤون اللاجئين، لكن يبقى إيجار المنزل الذي يبلغ 150 ديناراً أردنياً شهرياً هو المشكلة التي يجب حلّها لدى هذه الأسرة. تشير أم محمد: «إيجار المنزل يشكل عبئاً بالنسبة لي، ومنذ سبعة أشهر لم أدفعه، وحالياً أسرتي مهددة بالطرد من المنزل. لا يوجد لدينا معيل أو دخل من الممكن الاعتماد عليه. وابني الكبير يبلغ من العمر تسع سنوات ولا يستطيع العمل فهو ملتزم ومميز في الدراسة».

سلسلة نكبات

وتصف حياتها بكونها سلسلة من النكبات. فذهاب الأطفال إلى المدرسة دون مصروف يحرق قلبها، وعدم قدرتها على توفير أدوية ابنها الصغير الذي يُصاب بالتشنجات التي تهدد حياته يشعرها بالضيق ولا يوجد بيدها ما تستطيع عمله. تقول: «الأم لا تستطيع أن ترى أولادها يعيشون مثل هذه الحياة، بعدما كانوا يعيشون بهدوء وأمان. إنني أنسى ما أشعر به من ألم وأفضل أن أشتري لابني وزوجي الأدوية على أن أشتريها لنفسي».

Email