بالفيديو.. «نمر» الطفولة المسحوقة في مخيمات اللجوء

ت + ت - الحجم الطبيعي

سيذكر التاريخ العربي أن جيلاً كاملاً سقط من الحسابات التاريخية، وتحول إلى عمالة تبحث، فقط، عن لقمة عيش يوم واحد، بالفعل يحدث ذلك في العراق وسوريا.

الطفولة.. لا معنى حقيقي لهذه المفردة هنا في مخيم الهول شمال سوريا، ذلك أن الطفولة سحقت مرتين، في العراق المرة الأولى، حين غادرت تلك العائلات بيوتها على يد تنظيم داعش الإرهابي، ومرة حين وطأت هذه الطفولة أرض المخيمات التي لا تعرف الأمل.

في مخيم الهول، أشبه بالأهوال التي يعيشها الصغار، فلا تعليم ولا رعاية ولا أدنى مقومات الحياة البشرية، هذا من سوء حظ كل من يدخل هذا المخيم، الذي يعيش فيه عراقيون نازحون من مناطقهم.

بالصدفة المحضة، التقت «البيان» أحد ممثلي الطفولة المعذبة في مخيم الهول، إنه الطفل نمر، الذي لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، يشق طريقه من أجل الحياة في هذا المخيم، تارة بالعمل، وتارة بالصراع مع الحياة.

يعمل هذا الطفل الهارب من جحيم الحرب في العراق، في مخيم الهول، حيث يجرّ عربته ليوصل بها مشتريات سكان مخيّم الهول لقاء أجرٍ زهيدٍ، نعم إنها خدمة التوصيل إلى الخيمة، وليس المنزل، هي خدمة «ديلفري» على طريقة المخيمات.. نمر ابن مدينة صلاح الدين العراقية، واحدٌ من عائلة مكوّنة من أحد عشر فرداً، بينهم طفلةٌ مقعدة تحتاج علاجاً. كل ما يملكه في هذا المخيم تلك العربة البسيطة التي تعد مصدر رزقه الوحيد.

وعلى الرغم من المأساة التي يعيشها الطفل نمر، وحرمانه من التعليم وحقوق الطفولة، فإنه سعيد بهذا الأجر الزهيد الذي يحصل عليه، كونه يحميه من الجوع والعوز.

يقول نمر خلال جولة «البيان» في ذلك المخيم: أنا سعيد لأن لدي عملاً، هناك الكثير من الأطفال في المخيم ليس لديهم أي عمل، لكن أنا معروف من قبل الجميع، والجميع يثق بي لتوصيل طلباتهم إلى الخيام، وما أحصل عليه أقوم بتقديمه لعائلتي.

لا يعرف ذلك الطفل العراقي المدرسة منذ حوالي عامين، فقد نسي هذا المفهوم «المدرسة»، ولم تعد تشغل باله بقدر همّ لقمة العيش، ذلك أن صعوبة الحياة باتت أقسى من كل شيء.

وبدلاً من الحديث عن مدرسته ومستقبله، يسرد نمر صعوبة العيش في المخيم، لكن الحفاظ على حياته وحياة عائلته تبقى أولوياته مهما قست الظروف.. ولكن في أعماق الطفل نمر رغبة بعيدة في العودة إلى مقاعد الدراسة والحصول على كتب، بعيداً عن التعب والمشقة التي يعاني منها كل يوم.

يقول نمر: أكيد أريد المدرسة، لكن واقعنا في المخيم لا يجعلني أفكر في هذا الأمر، فالحياة هنا صراع يومي مع البقاء، ومنذ الصباح أذهب للعمل داخل المخيم حتى مغيب الشمس، ويضيف باللهجة العراقية: «باجر نرجع بيوتنا بالعراق ونكمل حياتنا».

والد نمر، أيضاً، تلفه المأساة، ويحلم بالتخلص من الحياة في هذا المخيم، يقول لـ «البيان»: لا نعرف متى نعود، نجترع المرّ كل يوم من قسوة الحياة، لكن لا خيار لنا سوى البقاء ومواجهة الحياة.

Email