السياحة تستعيد مكانتها بعد هزيمة الإرهاب

لأول مرة منذ ما يناهز عقداً من الغياب عادت الرحلات السياحية الأوروبية مجدداً إلى موريتانيا بفضل نجاح المقاربة الأمنية التي انتهجها الرئيس محمد ولد عبد العزيز وكانت حاسمة إلى حد كبير في هزيمة الإرهاب، وتحييد خطر الجماعات المتطرفة التي أبعدت السياح الأوروبيين عن الصحراء الموريتانية لسنوات طويلة.

وتوالت الرحلات القادمة من أوروبا إلى نواكشوط بعد أن حطت في الرابع والعشرين من ديسمبر المنصرم في مطار «أطار» الدولي وسط موريتانيا أول هذه الرحلات قادمة من باريس على متنها 150 سائحاً أوروبياً معلنة بداية الموسم السياحي 2017 ـ 2018 م وكذلك معلنة نهاية سنوات من القطعية نتيجة المخاطر الأمنية.

بلغت المخاطر التي أثرت في القطاع السياحي ذروتها بحادثة اغتيال أربعة سياح فرنسيين في عمق التراب الموريتاني تلاها اختطاف آخرين بينهم إسبان وإيطاليون، على يد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.

وعلى إثر ذلك توقف رالي «باريس- دكار» للسيارات الذي كان يعبر الأراضي الموريتانية ويعتبر مورداً سياحياً هاماً، كما صُنفت موريتانيا من طرف فرنسا وبلدان أوروبية أخرى ضمن المناطق الحمراء الأخطر أمنياً على الأجانب، وتم إلغاء كافة الحجوزات السياحية المتجهة إليها، وتعرض قطاع السياحة الموريتاني إلى ما يشبه الانهيار التام بعد أن عرف انتعاشاً ملحوظاً خلال سنوات قبل ذلك.

حيث افتتن الأوروبيون بجمال وهدوء الصحراء الموريتانية وبمناظرها الخلابة، وأصبحت المدن التاريخية النائمة في أعماق تلك الصحراء مثل شنقيط وودان وتشيت، وجهات مفضلة لديهم.

بارقة أمل

بيد أن وصول الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى الحكم في العام 2009 شكل بارقة أمل جديدة في القضاء على الإرهاب ومن ثم عودة السياحة الموريتانية إلى سابق عهدها، وهو ما تمكن من تحقيقه بالفعل بعد تنفيذ مقاربة أمنية تمحورت حول عناصر أساسية أهمها: إعادة بناء الجيش الموريتاني وتحديث أسلحته وتزويده بالعتاد والوسائل اللازمة.

وتجفيف منابع تمويل الإرهاب وإجراء المناصحات الفكرية للشباب المتطرف، ومنع تقديم أي فديات مقابل إطلاق الرهائن، تنفيذ هجمات استباقية على مواقع الإرهابيين، هذا بالإضافة إلى التعاون الاستخباراتي والأمني مع البلدان الأخرى المهتمة بملف مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي.

وبعد سلسلة من المعارك الدموية مع تنظيم قاعدة بما في ذلك هجمات استباقية قامت بها الوحدات الموريتانية داخل الأراضي المالية المجاورة، بدأ الوضع الأمني يشهد استقراراً وتحسناً ملحوظاً ولم تشهد البلاد أي عمليات إرهابية منذ أزيد من سبع سنوات، الأمر الذي جعل الأوربيين يرفعون موريتانيا من دائرة المناطق الخطرة أمنياً على مواطنيهم، وإعطاء الضوء الأخضر لتنظيم رحلات سياحية منتظمة إليها مما انعش الآمال لدى المستثمرين وآلاف العاملين في قطاع السياحة الموريتاني.

تفاؤل

رجل الأعمال والمستثمر في قطاع السياحة «الشاش ولد ديه» يقول لـ«البيان» «نحن متفائلون جداً بعودة السياحة لوضعها الطبيعي بعد تمكن الجيش من إبعاد شبح الهجمات الإرهابية عن البلاد وتأمين المنطقة التي يقصدها السياح بصورة تامة». ويضيف «في الوقت الحالي كل المؤشرات تدل على تعافي هذا القطاع من أزمته الخانقة.

وقد استقبلت البلاد منذ بداية الموسم الحالي أكثر من 1500 سائح معظمهم من بلدان الاتحاد الأوروبي، وهو ما يمثل عشر العدد الذي كان يفد إلى موريتانيا سنوياً قبل هجمات 2007 الإرهابية».

ويرى «الشاش ولد ديه» أن المسؤولية في إعادة بعث الروح في هذا القطاع مسؤولية مشتركة بين المستثمرين الذين عليهم تقديم أفضل الخدمات للسياح وبين مؤسسة الجيش التي تؤمن منطقة شاسعة من الصحاري المفتوحة بمساحة تبلغ ضعف مساحة فرنسا تقريباً ينتشر فيها السياح إما سيراً على الأقدام أو على ظهور الجمال، لكن الجيش أصبح قادراً على تحقيق ذلك الهدف بفضل المعدات المتطورة التي أصبح يمتلكها.

 

الأكثر مشاركة