خلال محاضرة نظمها مركز الإمارات للدراسات في أبوظبي

دعوات إلى استراتيجية عربية شاملة للتعامل مع الدور التركي

ت + ت - الحجم الطبيعي

نظّم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية محاضرة بعنوان تنامي الدور التركي في العالم العربي وانعكاساته، ألقاها السفير التونسي السابق لدى مملكة البحرين د. زين العابدين التراس.

مشيداً بما حققته دولة الإمارات العربية المتحدة من تطور على مختلف الصعد، مضيفاً أنّ ما شاهده من تقدّم في كل المجالات يجعلنا مطمئنين على مستقبلنا كعرب. ووجّه الشكر لمدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية د. جمال سند السويدي على دعوته وحفاوة الاستقبال في أبوظبي.

ودعا التراس إلى موقف عربي موحد للتعامل مع تركيا، مؤكداً ضرورة أن يستنفر كل الساسة العرب للإسراع بوضع استراتيجية عربية شاملة للتعامل مع الدور التركي المتنامي في المنطقة، وتحييد انعكاساته المباشرة وغير المباشرة على العالم العربي.

ولفت إلى أنّ تركيا وضعت مع نهاية الحرب الباردة حداً لسياساتها الانكفائية تجاه المنطقة، وشرعت وفق الاستراتيجية الجديدة لحزب العدالة والتنمية، في استغلال كل الفرص التي تمكنها من القيام بدور إقليمي تبرز من خلاله كفاعل حيوي ومؤثّر في المنطقة العربية.

مشيراً إلى أنّها استغلت التطورات التي يمر بها العالم العربي وخاصة بعد المستجدات التي شهدتها بعض دول المنطقة بسبب ما عرف بالربيع العربي، وما نجم عنه من سقوط بعض الأنظمة السياسية، وصعود الحركات الإسلامية إلى سدة الحكم، وتفشي ظاهرة الإرهاب وأزمات اللاجئين، والانهيار الاقتصادي، وما آل إليه الأمر في كثير من الأحيان من عدم الاستقرار والفوضى.

في التمدد في العالم العربي. وأضاف: «لولا الإمكانات التي حبتها بها الطبيعة التي اعتمدتها تركيا إلى جانب العوامل والعناصر الأخرى، لما كانت تركيا قادرة على وضع استراتيجية يتمحور حولها دور إقليمي حيوي».

ومن بين الإمكانات التي تناولها التراس الموقع الجغرافي الذي يرى أنه أمّن لها العديد من المضامين السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، ومساحتها الجغرافية الواسعة وحدودها البرية والبحرية مع أوروبا وآسيا، وموقعها الجيوسياسي المتميز الذي أهلها للقيام بدور بارز، كبعد من أبعاد السياسة الخارجية، مشيراً إلى الدور الذي لعبه رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو في الانفتاح على الجوار عندما تولى حقيبة الخارجية.

وتطرق التراس إلى عوامل أخرى استندت إليها تركيا، وأسهمت في تنامي دورها في المنطقة العربية، من أهمها استغلال وجود القضية الفلسطينية في وجدان الشعب التركي للبروز كما لو أن تركيا تساند الفلسطينيين من دون قيد أو شرط، وتدافع عن حقوقهم المسلوبة، في حين أن عدداً من الوقائع تبرز العكس.

كما لعب البعد الأمني دوره، لا سيّما إذا أدركنا الخلفيات السياسية مثل القضية الكردية أو المشكلة الأرمينية أو الخلفيات الأيديولوجية مثل الجماعات المتطرفة، وهو الذي استغلته تركيا للتمدد والتدخل ولو عسكرياً في بعض الدول العربية.

وأكّد د. التراس، أن مستجدات الربيع العربي أوقعت السياسة الخارجية التركية بالفعل، في مأزق عميق اقتضى منها البحث عن الصيغة المثلى للملاءمة بين علاقاتها السياسية ومختلف مصالحها الاقتصادية، ولكنها لم توفق في ذلك لأن ردود أفعالها تجاه الأحداث أجبرتها على اتخاذ مواقف متباينة أحياناً، ومتناقضة أحياناً أخرى ما أنهى سريان أحد أهم محاور استراتيجية حزب العدالة والتنمية، وهو تصفير المشكلات مع الجوار.

وتوقّع السفير تراجع حزب العدالة والتنمية في الانتخابات القادمة، بسبب سياساته البراغماتية، مردفاً: «كل المؤشّرات تدل على عجز حزب العدالة والتنمية، على اكتساب الأغلبية البرلمانية في الانتخابات التشريعية القادمة، وهو ما يعني افتقاده السند السياسي، والقاعدة الشعبية التي يتسنى له بفضلها الاستمرار في أداء دور إقليمي فاعل وحيوي».

Email