تونس.. أطفال يفارقون الحياة بسبب «الحوت الأزرق»

أحد الضحايا

ت + ت - الحجم الطبيعي

المجتمع التونسي لا يزال يعيش فترة ما بعد الحراك السياسي الذي أطاح نظام بن علي ولم يضع البلاد بعد على سكّة الحياة الجديدة التي ينشدها التونسيون، على كثير من الصعد، إذ بات المواطن التونسي مشغولاً بأمور حياته المعيشية، فيما يهرب أطفاله إلى الألعاب الإلكترونية في غفلة من آبائهم المنشغلين بحياة أسرهم ومستقبل أبنائهم، لكن على جبهة رغيف الخبز.

خلال فترة وجيزة، أعلن في تونس عن ثلاث حالات انتحار في صفوف الأطفال، بسبب لعبة «الحوت الأزرق» الإلكترونية. وقال والد الطفل مهدي بلخاوي (13 عاماً) من ولاية زغوان (شمال) إنه كان خارج المنزل عندما انتحر ابنه في غفلة من والدته وأخيه، مشيراً إلى أن أفراد العائلة لم يكونوا على علم بأن الفقيد كان يمارس هذه اللعبة.

الطفلة أمل القربي (14 عاماً) بمنطقة خنيس من ولاية المنستير (وسط شرق) أقدمت على الانتحار شنقاً بسبب اللعبة ذاتها، حيث اكتشفت العائلة جثة ابنتها معلقة بحبل. وأكّدت إحدى صديقاتها عبر تدوينة على صفحات التواصل الاجتماعي أنّ الضّحية لعبت صباحاً لعبة الحوت الأزرق، ولتنهي حياتها بعد ساعات.

والاثنين الماضي، استيقظت مدينة بوفيشة من ولاية سوسة (وسط شرق) على فاجعة رحيل الطفل ياسين بوسيف (13 عاماً) بعد العثور عليه من قبل عائلته مشنوقاً في غرفته ورغم الإسعافات الأولية إلا أنه فارق الحياة تاركاً لوعة في قلوب كل من يعرفه من جيران وإطار تربوي بمدرسته.

مراقبون يرون أن اللعبة باتت تمثّل تحدياً حقيقياً للسلطات التونسية، ما جعل الحكومة تجدّد دعوتها للأولياء بضرورة اتخاذ اليقظة والحيطة من مثل هذه الألعاب الخطيرة، مشيرة إلى أن هذه اللعبة تعتمد أسلوب التحديات لإنجاز مهمات معيّنة وذلك تحت التهديد والإكراه في حال رفض مواصلة التحدي.

وأكدت وزارة شؤون المرأة والطفل سعيها، بكل ما أتيح لها من إمكانيات وبالتنسيق مع وزارة تكنولوجيات الاتصالات والاقتصاد الرقمي قصد تأمين أكبر قدر من الحماية للأطفال. ولفتت الوزارة إلى أنه في الفترات الأخيرة انتشرت ألعاب تهدف إلى تدمير نفسية الطفل والدفع به في متاهات قد تنتهي به نحو سلوكيات محفوفة بالمخاطر وحتى الانتحار.

تأمين الحماية

وقالت الوزارة إنها تسعى بكل ما أتيح لها من إمكانيات وبالتنسيق مع وزارة تكنولوجيات الاتصالات والاقتصاد الرقمي قصد تأمين أكبر قدر من الحماية للأطفال. وأوضحت الوزارة أن هذه اللعبة تعتمد أسلوب التحديات لإنجاز مهمات معيّنة وذلك تحت التهديد والإكراه في حال رفض مواصلة التحدي، وقد أسفرت مثل هذه الألعاب عن مقتل مئات الأطفال في مختلف دول العالم.

كما أكد مندوب حماية الطفولة التابعة لوزارة المرأة، أنيس عون الله، ضرورة التحذير من خطر انتشارها وحماية الأطفال منها، لافتاً إلى أن لعبة الحوت الأزرق التي تقوم على 50 تحدياً تُنجَز خلال 50 يوماً، واحدة منها.

وأوضح عون الله أنها تنطلق بلعبة سهلة وبتحديات بسيطة، قبل أن تتحوّل إلى طلبات تجعل الطفل في وضع نفسي سيئ، ومن بين الطلبات الاستماع إلى أغان حزينة وغريبة، والاستيقاظ في أوقات معيّنة من الليل وإرسال أدلة تثبت أن الطفل أنجز المهمة المطلوبة منه، وفي كل مرة تزداد وتيرة تلك التحديات وحدتها لتقوده في النهاية إلى الانتحار.

إيذاء النفس

وتقوم اللعبة على التحدي وتستمر 50 يوماً وتعتمد بشكل أساسي على إيذاء النفس، حيث تنطلق برسم حوت بأداة حادة على الذراع وتصويره وإرساله ليتأكد القائمون على اللعبة أن الشخص قرر الدخول فعلاً في سلسلة التحديات، ثم تنهال على الشخص التحديات ومنها مشاهدة أفلام الرعب في أوقات متأخرة من الليل والذهاب إلى أماكن عالية وسماع موسيقى غريبة تضع الشخص في حالة نفسية كئيبة وطيلة فترة اللعبة.

ويُفرض على المشارك أن يلزم الصمت وإذا قرر الانسحاب من اللعبة يتعرض إلى تهديدات من الفريق المنظم، بينما يكتشف المشارك أنه وقع في فخ يقوده إلى الانتحار، ولا شيء غيره.

وكان هذا التحدي قد انطلق من روسيا، إذ زعم شاب يدعى فيليب بودي أنه مبتكر هذه اللعبة، وقد قبضت عليه الشرطة الروسية في مايو الماضي واعترف بتشجيعه للآخرين على المشاركة في اللعبة، كما اعتبر ما يقوم به محاولة لتنظيف المجتمع مما سماها نفايات بيولوجية ستؤذي المجتمع لاحقاً حسب وصفه.

Email