استراتيجية عربية موحدة للتصدي لانتهاكات طهران

يحمل الاجتماع العاجل لوزراء الخارجية العرب، اليوم الأحد، في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، العديد من الرسائل السياسية الموجهة لإيران، حيث إن الدول العربية لطالما اعتمدت سياسة ضبط النفس في تعاطيها مع التدخلات الإيرانية في المنطقة، وقد ثبت واضحاً أن هذه السياسة ليست مجدية، وأن الاستمرار فيها قد زاد من إرهاب طهران كامل المنطقة، لذلك، من المرتقب وضع خطة عربية محكمة لوقف أذرع إيران في المنطقة، لا سيما بعد ثبوت بالأدلة تورطها في زعزعة أمن المنطقة، عبر الأحداث المتوالية من استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وتعرض العاصمة السعودية الرياض إلى صاروخ إيراني الصنع من قبل اليمن، بالإضافة إلى التفجير الذي شهدته البحرين.


موقف موحد
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني، رائد الخزاعلة، إن أهمية هذا الاجتماع، تأتي لتشكيل موقف عربي موحد ضد إيران وتدخلاتها في المنطقة.

ومن ثم، التنسيق دولياً مع الجهات الدولية المعنية للاتفاق على آلية، يُرسم من خلالها خطوط واضحة لوضع حدود لإيران ومحاسبتها.

من جهته، أوضح عضو مجلس النواب الاردني، محمد القطاطشة، أن هذا الاجتماع سينتج عنه قرار لتأييد السعودية حول أهمية أمن المنطقة، في ظل تدخلات إيران السافرة، التي تقوم بدعم وتمويل التنظيمات والمليشيات الإرهابية.

وأضاف: «تعرض الرياض إلى صاروخ باليستي إيراني الصنع، حدث خطير، وهو تهديد واضح للأمن القومي، وخاصة أن هذا الصاروخ انطلق من الأراضي اليمنية.

فالحرب بالوكالة يجب التصدي لها. والسياسة الأميركية تدرك مخاطر التدخلات الإيرانية». من جانبه، بين الخبير الاستراتيجي، د.أحمد الخلايلة، أن عقد الاجتماع هو نجاح يسجل في رصيد السعودية، خاصة في ظل الظروف السياسية الراهنة. فالخطوات متسارعة، وتوقيت الاجتماع يأتي من باب الضرورة لتأكيد أهمية التعاون في الصف العربي ضد الانتهاكات الإيرانية الواقعة.

سيكون هنالك بيان يدين إيران بدون شك، ومطالبات لمجلس الأمن لفرض عقوبات عليها، وهذا أقل ما يمكن الاجتماع عليه، فالانتهاكات كثيرة وظاهرة، مع ضرورة التركيز على كيفية التعاطي مع حزب الله، الذي يعد مخلب إيران في المنطقة.


مزيد من العقوبات
الكاتب الصحافي كمال زكارنة، يؤكد أن هذا الاجتماع سيحمل في مضمونه رسائل لتنبيه إيران وتأكيد على إجماع الدول العربية على رفضهم لسياستها التوسعية. وسنشهد اتخاذ مجموعة من القرارات.
يضيف زكارنة: ما زاد من حدة التوتر في العلاقات العربية الإيرانية، التدخل العسكري المباشر لطهران في النزاع الدائر في اليمن، ومواقفها المنحازة إلى مصلحة الحوثيين، الذين استخدموا صواريخ إيرانية الصنع، وبخبرة إيرانية، تم توجيهها إلى الأراضي السعودية.


من المتوقع أن تطلب جامعة الدول العربية، عبر مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة، فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية وغيرها على إيران، إضافة إلى اتخاذ هاتين الجهتين، قرارات إلزامية بحق إيران، للحد من سياستها، الحرب بالوكالة يجب التصدي ووضع حد لها.


خطة خاصة
ويتوقع أن يصدر عن الاجتماع العربي الطارئ، قرار بإدانة التدخلات الإيرانية في المنطقة.

ويعتقد الدبلوماسي المصري، مساعد وزير الخارجية الأسبق، عادل الصفتي، بأن الاجتماع المأمول منه، هو الخروج بخطة عمل عربية خاصة لمواجهة التدخلات الإيرانية الحالية في الكثير من أنحاء العالم العربي، لا سيما أن أذرع إيران تعمل بشكل واضح ومباشر في خمس دول عربية، هي (سوريا ولبنان واليمن والعراق والبحرين أيضاً)، ولها دور كبير في تمويل العمليات الإرهابية ومد العناصر الإرهابية بالسلاح أيضاً، بما يهدد الأمن القومي العربي.

ويوضح السفير عادل الصفتي، لـ «البيان»، أن إيران تتحين الفرص من أجل شق الصف العربي، وإرباك الأوضاع داخل المنطقة العربية، وبالتالي، سارعت في دعم ومساندة قطر عندما قامت الدول الداعية لمواجهة الإرهاب بمقاطعتها، معتبراً أن طهران تقوم بدور تخريبي كبير في المنطقة والدول العربية، بحاجة إلى خطة متقنة لمقاومتها بصورة مباشرة.

والاجتماع لن يبحث الدور الإيراني في المنطقة، لأنه صار معروفاً للجميع، ولا يحتاج لإثبات. وأكد مساعد وزير خارجية مصر الأسبق، نبيل بدر، ضرورة تحقيق التوافق العربي من أهمية قصوى في سبيل مكافحة الإرهاب ومواجهة التدخلات الخارجية في المنطقة، ومن بينها التدخلات الإيرانية، التي تأتي على رأس أولويات الاجتماع الطارئ.


ذلك أن الاجتماع يعمل على بناء موقف عربي موحد في مواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة، وانتهاكات طهران المختلفة في سوريا على سبيل المثال، ودورها في اليمن وعلاقاتها بالحوثيين، ما يعزز من أهمية الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، باعتباره مؤشراً لخطوات قوية إزاء مواجهة التدخلات الإيرانية خلال المرحلة المقبلة.


التضامن العربي
من جانبه، توقع الأمين العام المساعد للبرلمان العربي سابقاً، طلعت حامد لـ«البيان»، خروج الاجتماع ببيان قوي، يدين تلك الانتهاكات الإيرانية التي تستهدف إضعاف قدرات البلاد العربية، وتهديد أمنها واستقرارها، ومن الممكن أن ترفع الجامعة العربية القرار، الذي سيصدر عنها عقب انتهاء الاجتماع العاجل، إلى مجلس الأمن، من خلال المجموعة العربية، وذلك لاتخاذ ما يلزم من قرارات تجاه ذلك التدخل السافر، وفق حامد، الذي أفاد بأن إيران تقوم بدور مريب وخطير جداً في المنطقة، فهي من ناحية تدعم الحوثيين في اليمن وتمدهم بالسلاح ومن ناحية أخرى تخوض حرباً عنيفة في سوريا.

واختتم حامد تصريحاته بالإشارة إلى الدور الذي يلعبه التحالف الثلاثي المشكل من كل من قطر وإيران وتركيا، وما يشكله ذلك التحالف من تهديد مباشر للأمن القومي العربي، وهذه الأمور لا بد أن تكون ماثلة أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب.


دور تخريبي
ويؤكد محللون في اليمن، أن الدور التخريبي لحزب الله في اليمن ودعم الانقلابيين، بدأ منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، حيث استقبل المئات من عناصر وقيادات هذه الجماعة في بيروت وفِي الجنوب، وتولى تدريب مئات آخرين على العمل العسكري، ونقل آخرين إلى إيران وسوريا، كما تولى الإشراف على تهريب الأسلحة إلى اليمن.


وأكدوا أنه فيما كان اليمنيون ينهمكون في نقاشات معمقة وجدية لوضع أسس الدولة الاتحادية في مؤتمر الحوار الوطني الذي استمرت جلساته نحو عام كامل، كان خبراء حزب الله وإيران يصلون عبر ميناء ميدي بمحافظة حجة إلى محافظة صعدة الخاضعة لسيطرة الانقلابين، ليضعوا خطط السيطرة على صنعاء، والإشراف على المؤامرة مع الرئيس المخلوع علي صالح.

ووفق مصادر سياسية وثيقة الاطلاع في اليمن، فإن هؤلاء الخبراء تولوا الإشراف الكامل على اتفاق للمؤامرة بين الانقلابين الحوثيين وصالح، ووضعوا خطة اجتياح صنعاء، وأشرفوا على تنفيذها بكل تفاصيلها، حتى إسقاط العاصمة، وعملوا على أن يكون مبنى جهاز الأمن القومي، أول أهدافهم، حيث تم إخراج خبراء حزب الله من السجن بعد أسابيع على إطلاق سراح خبراء إيرانيين دخلوا اليمن، تحت لافتة الاستثمار، كما تم الإفراج عن أطقم السفينتين جيهان 1 وجيهان 2، اللتين ضبطتا بتهريب الأسلحة إلى الانقلابين قبل السيطرة على العاصمة.


وأكد محللون لـ «البيان»، أنه «مع بدء العمليات العسكرية للتحالف الداعم للشرعية في اليمن، ضخت طهران ملايين الدولارات للانقلابين، إضافة إلى تولي الحرس الثوري ومعه حزب الله، مهمة إرسال المزيد من الأسلحة إلى اليمن، عبر الموانئ الواقعة في محافظة حجة، المجاورة لمحافظة صعدة، ورغم بدء العمليات العسكرية لدعم الشرعية بعد ذلك، إلا أن عمليات تهريب الأسلحة استمرت، وبوتيرة أعلى، حيث صادرت القوات الدولية، عدة شحنات، في حين وصل البعض الآخر إلى الانقلابين، وكان أهمها قطع الصواريخ البالستية بعيدة المدى»


رسالة قوية
إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة في الجامعة، أن القرار المتوقع صدوره عن الاجتماع، سيوجه رسالة قوية إلى إيران، للكف عن تدخلها السافر في الدول العربية، وعن تأجيج الصراع الطائفي والمذهبي في المنطقة، وعما تقوم به من رفع درجة الاحتقان والتهديد باستخدام القوة.

وقالت المصادر إن مشروع القرار الذي تعكف الأمانة العامة للجامعة على إعداده، سيتضمن تأكيد ثوابت الموقف العربي من التدخلات الإيرانية في شؤون دول الجوار العربية.

وأوضحت أن بند «التدخلات الإيرانية في الدول العربية»، بند دائم على جدول أعمال مجلس الجامعة منذ عامين، حيث أكدت قرارات مجلس الجامعة المتعاقبة، إدانة هذه التدخلات، ودعوة إيران إلى التوقف عنها نهائياً. ولفتت المصادر إلى أن القرار المتوقع، سيحدد الموقف العربي من الهجوم الصاروخي على الرياض، ومن تفجير أنبوب النفط في البحرين، وسيتضمن القرار، تكليفات محددة للأمين العام للجامعة بمتابعة الموقف..

الأكثر مشاركة