محللون لـ«البيان»: الحسابات الخاصة تلتهم الأصول السيادية للدوحة

قطر تواصل تسييل أصولها لمواجهة عجز السيولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

واصل تنظيم الحمدين في قطر هدر موارد البلاد، لتمويل الكلفة الباهظة لسياساته، رغم التأثيرات الخطيرة لاستنزاف الأصول الخارجية على الاقتصاد واحتياطيات الدولة. وقال خبراء أن الأعباء الناجمة عن تعنت الدوحة باتت تثقل كاهل الاقتصاد القطري وتفاقم أزمة نقص السيولة، الأمر الذي سعى تنظيم الحمدين لمواجهته من خلال التوسع في عمليات تسييل الأصول المملوكة للدولة، أو الالتجاء إلى الاقتراض من سوق الدين العالمي، بأسعار فوائد مرتفعة، نظراً لقيام مؤسسات دولية بخفض التصنيف الائتماني لقطر.

وقال محللون إن الدوحة سلكت طريق تسييل العديد من الأصول وتخفيض حصصها وعمليات التخارج من بعض الاستثمارات التي كانت مهمة بالنسبة لها وبأسعار متدنية نسبياً، ذلك في سبيل معالجتها لأزمة السيولة، وهو النهج الذي من المتوقع أن يتواصل كمسكن موضعي لأزمة السيولة.

وأوضح المستشار المالي والمصرفي المحلل الاقتصادي السعودي فضل بن سعد البوعينين، لـ«البيان»، أنه برغم الإمكانات المالية للحكومة القطرية إلا أن المقاطعة الاقتصادية تسببت بمشكلات عميقة لقطاعاتها المالية ومشكلات خاصة بعد نزوح الودائع الأجنبية التي تشكل 25% من أصول القطاع المصرفي إضافة إلى التحويلات المالية الممنهجة للأجانب والقطريين على حد سواء، وهذا ما دفع بالحكومة لضخ المزيد من السيولة في الاقتصاد بعد أن اضطرت لتسييل بعض أصولها الخارجية.

وأضاف: «من المتوقع أن تلجأ الحكومة بشكل متزايد الى استثماراتها الخارجية لمعالجة سيولة القطاع المصرفي الذي بات أكثر فقداً للودائع مع عدم قدرته على جذب ودائع بديلة برغم أسعار الفائدة المرتفعة التي يعرضها على المودعين. كما أن قدرة القطاع المصرفي على طرح سندات في الأسواق العالمية لن تكون مجدية في مثل هذه الظروف، لأنها تسعر بفائدة مرتفعة جداً، ما يعني أن معالجة السيولة ستتسبب تحمل خسائر فادحة».

تسييل الأصول

وتابع المحلل الاقتصادي السعودي قائلاً: «أعتقد بأن الخيار الوحيد المتاح أمام حكومة قطر هو تسييل بعض أصولها الخارجية وهذا ما يحدث بالفعل، حيث زادت وتيرة التخارج من استثمارات مهمة وبأسعار منخفضة لمعالجة أزمة السيولة واحتياجات الحكومة العاجلة للمال». وأردف: «هناك أمر قد يحدث خلال الأيام المقبلة وهو التخارج من بعض الاستثمارات الحكومية وتحويل الأموال إلى حسابات خاصة تحسباً لمتغيرات الظروف السياسية.

وهذا سيؤدي إلى كارثة مالية لن تظهر للعلن إلا في حال حدوث تغيير في القيادة القطرية.

ويضيف البوعينين قائلاً: «أعتقد بأن هناك إجراءات منظمة لربط الاستثمارات الخارجية بأشخاص بدلاً من الحسابات الرسمية، وأحسب أن بعض التخارج لا علاقة له بدعم سيولة الاقتصاد بقدر ما ارتبط بتغذية حسابات شخصية لمراكز القوى الحالية». لكن هل يمارس بنك قطر المركزي صلاحياته باستقلالية ووفق المعايير النقدية العالمية ومصلحة القطاع المصرفي القطري والمودعين؟ يجيب البوعينين قائلاً: لا أعتقد ذلك، خاصة ما يتعلق بالرقابة البنكية وتطبيق معايير بازل 3 ومعايير غسل وتمويل الإرهاب.

ومنذ بدء المقاطعة، قامت حكومة قطر بتسييل ما يقرب من 38 مليار دولار وإعادة ضخها في الاقتصاد لتعويض الفاقد من ودائع المصارف وشح السيولة، أي ما نسبته 10% تقريباً من أصول صندوقها السيادي. وهذا يؤكد أن مصدر التمويل المتاح لها اليوم هو صندوقها السيادي الذي ربما يفقد كثيراً من أصوله في الأيام المقبلة.

بيع الأصول

وفي السياق، لفت المحلل السعودي عبد الهادي السلمي، في تصريحات لـ«البيان»، إلى تداعيات المقاطعة على الاقتصاد القطري وردود فعل السلطات الاقتصادية القطرية في إطار محاولة التغلب على تلك التداعيات، والتي كان من بينها الالتجاء إلى بيع العديد من الأصول والتخارج من العديد من الاستثمارات المهمة، على سبيل المثال ما حدث في حصتها في بنك «كريدي سويس» السويسري، وكذلك الحال في شركة النفط الروسية العملاقة روسنفت، وبيع الصندوق السيادي القطري لحصته في تيفاني للمجوهرات، وغير ذلك، بما يؤكد حجم الآثار التي خلفتها المقاطعة.

وقال السلمي إلى أن اعتماد الدوحة على عمليات التسييل والتخارج كأدوات للتغلب مؤقتاً على أزمة السيولةتفرز تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد القطري، مشيراً إلى أن الاقتصاد القطري واجه العديد من التداعيات السلبية جراء الأزمة الراهنة، وانخفض التصنيف الائتماني له، فضلاً عن تضرر مختلف القطاعات والخسائر اليومية في سوق المال القطرية، ولجوء العديد من المستثمرين إلى البيع وسحب رؤوس الأموال، انطلاقاً من النظرة غير المتفائلة للاقتصاد القطري وعدم الثقة به. كل ذلك كان له آثار مباشرة دفعت لنقص السيولة والاحتياطيات المالية السيادية، وخلق أزمة واضحة.

كما لفت المحلل السعودي إلى العديد من التقديرات والإحصائيات المرتبطة بأزمة الاقتصاد القطري، من بينها تقدير موديز بأن حوالي 30 مليار دولار خرجت من النظام المصرفي القطري مع توقعات بالمزيد، ما دفع الحكومة القطرية لضخ 38.5 مليار دولار لدعم الاقتصاد.

الصندوق السيادي

وفي السياق، لفت المستشار المالي السعودي محمد نافع، في تصريح لـ«البيان»، إلى عمليات التسييل والسحب المستمرة من صندوق السيادي القطري، والذي بلغ أكثر من 54 مليار دولار خلال أشهر المقاطعة وكان 90% من السحوبات من هذا الصندوق لدعم النقص الحاد بالسيولة المحلية داخل قطر، في خط متواز مع توقيع النظام القطري صفقات سلاح خلال الأشهر الأخيرة تزيد قيمتها بنسبة 350% عن الأعوام السابقة، علماً بأن كل صفقات السلاح كان الهدف منها هو كسب مواقف الدول المنتجة للأسلحة لتدعم الموقف القطري وإصلاح صورتها بعد كشف الستار عنها أنها من الدول الداعمة للإرهاب.

وأشار محمد نافع إلى توجه قطر وبشكل متزايد إلى إصدار سندات في آسيا وأوروبا، والمعروف أن إصدار سندات يعني قروضاً جديدة بفوائد كبيرة على قطر كون سجل الائتماني القطري حسب تصنيفات الائتمان سلبي، هنا تتضاعف فوائد هذه السندات، وأوضح أن الدين القطري ارتفع الآن إلى 178.5 مليار دولار، وهذا مؤشر خطير جداً لدولة تعتمد على مصدر الغاز كدخل أول، وكلنا نشاهد أسعار الغاز في هبوط كبير ومتوقع استمرار الهبوط نتيجة دخول دول مثل السعودية ومصر وغيرها للمنافسة ببيع الغاز.

Email