خبراء وحقوقيون لـ «البيان » : جرائم الحمدين تستوجب محاكمة دولية

قرقاش: مساعي قطر لتجيير الملف الحقـوقي ضد جيرانها انقلب عليها

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن الملف الحقوقي الذي سعت قطر إلى تجييره ضد الدول الداعية لمكافحة الإرهاب قد انقلب عليها، لافتاً إلى أن بتر الفتنة يكمن في معالجة أسبابها، في وقت شدد خبراء وحقوقيون على أن النظام القطري وقع في نفس الحفرة التي حاول حفرها للإيقاع بجيرانها فيها والمرتبطة بالملف الحقوقي والإنساني.


وكتب معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، في تغريدة على تويتر: «انقلب السحر على الساحر، الملف الحقوقي والإنساني سعت قطر إلى تجييره ضد جيرانها فإذا به ينقلب عليها، والحكمة أن بتّر الفتنة في معالجة أسبابها».


الانتهاكات القطرية
في الأثناء، قال خبراء وحقوقيون إن ملف الانتهاكات القطرية تضخم بشكل كبير نتيجة الإجراءات القمعية التي يقوم بها تنظيم الحمدين على كافة المستويات، حيث انزلقت أقدام النظام القطري في نفس الحفرة التي حاولت الدوحة حفرها للإيقاع بجيرانها فيها والمرتبطة بالملف الحقوقي والإنساني الذي دعمت قطر من خلال أذرعها المختلفة سواء الإعلامية أو المنظمات التي تدعمها حول العالم عمليات إلصاق تهمة انتهاكه في بعض البلدان العربية.


تتجرع الدوحة مُر الاتهامات التي تصحبها دلائل دامغة وأسانيد واضحة تؤكد ارتكابها لجملة من الانتهاكات الإنسانية الحقيقية وليست تلك الاتهامات المزيفة التي كانت تكيلها لجيرانها لوصمهم بها، ولعل أبرز تلك الانتهاكات ما يتعلق بقرارات «التجريد من الجنسية» التي يستخدمها النظام القطري كسيف مسلط على رقاب كل من يعارضه سياسيًا أو يتبنى موقفًا أو رأيًا مخالفًا له.

وفي هذا الإطار، قالت الناشطة الحقوقية المصرية مدير ومؤسس المركز المصري لدراسات الديمقراطية الحرة، داليا زيادة، إن سجل انتهاكات قطر لحقوق الإنسان واسع جدًا، ولا يتوقف عند حدود ما يتعلق بقرارات سحب الجنسية التي تتخذها السلطات القطرية بصورة كبيرة، بل تضاف إليها العديد من الانتهاكات من بينها على سبيل المثال ملف حقوق العمال في دولة قطر وغير ذلك من الأمور التي عززت الأزمة الراهنة من عملية كشفها وفضحها على مستويات أوسع.


وأضافت أن قطر أرادت أن توصم جيرانها وتسيء إليهم بادّعاءات مرتبطة بملف حقوق الإنسان وها هو السحر ينقلب على الساحر بصورة مباشرة، وتصبح الانتهاكات القطرية على مرأى ومسمع من الجميع. ووفق ما أكدته زيادة في تصريح لـ«البيان فإن ما يحدث من انتهاكات مثل عملية سحب الجنسية هو درب من الجنون تمارسه السلطات القطرية، فالجنسية لا يمنحها أشخاص ويحق لهم سلبها، فهنالك قوانين من المفترض أن تنظم المسألة.


صمت منظمات
وتحدثت الناشطة الحقوقية المصرية عما وصفته بـ«الصمت الدولي الكبير والواضح» حول انتهاكات قطر لحقوق الإنسان، مبررة ذلك الصمت بأن هنالك منظمات حقوقية شهيرة لطالما أصدرت بيانات تنتقد فيه الأوضاع الحقوقية في العديد من الدول العربية على أمور لا تذكر أساسًا، تصمت تلك المنظمات عن انتهاكات قطر من منطلق العلاقات التي تربطها بالأسرة الحاكمة وقيام رجال أعمال قطريين بالمشاركة في تمويل تلك المنظمات.

ومن السهل أن تقود تلك الانتهاكات، خاصة ما يتعلق بحقوق العمال في دولة قطر، السلطات القطرية إلى المحاكم الدولية، وفق ما أكدته زيادة في تصريحاتها التي شددت خلالها على كون سجل قطر في انتهاكات حقوق الإنسان هو سجل واسع ومتعدد الأوجه.


سجل الانتهاكات
وبدوره، أوضح نائب رئيس المنظمة المصرية عضو الفريق القانوني الدولي الساعي لملاحقة رؤوس النظام القطري في المحكمة الدولية، أحمد عبد الحفيظ، أن لقطر سجلاً في انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بعمليات السخرة التي يتعرض لها العاملون في مشروعات كأس العالم، وأيضًا ما يتعلق بانتهاكات حرية الرأي والتعبير، إضافة إلى عمليات تجريد العشرات من الجنسية أخيراً، وهو ما يعتبر نوعًا من القتل المدني الذي هو أعلى درجات انتهاك حقوق الإنسان.


وشدد عبد الحفيظ، في تصريحات لـ«البيان»، على أنه من الممكن أن تتم ملاحقة رؤوس النظام القطري بشكاوى في نظم قانونية مختلفة من بينها نظم قانونية في الاتحاد الأوروبي، على اعتبار أن تلك الجرائم قد تمثل نوعاً من الجرائم ضد الإنسانية، لأن نزع الجنسية يعني حرمان المواطن من كل حقوقه وأن يكون هائمًا بلا أي حقوق، لاسيما عندما يتم ذلك بشكل جماعي ضد قبيلة أو أشخاص ينتمون لعرق واحد على أساس مواقفهم السياسية على سبيل المثال كما هو حادث في الحالة القطرية.


ملاحقة ومقاضاة
في السياق، قال الخبير الفلسطيني في القانون الدولي د. عبد الكريم شبير، إن العقاب من جنس العمل، وهي قاعدة فقهية، وما فعلته قطر بأشقائها في الدول العربية ومحاولة ترويج الربيع العربي وهو في حقيقته خريف عربي، كان ذلك كله على حساب الأمة العربية ومقدرات الأمة العربية. وأوضح أن الشعوب العربية اليوم ترى ما كانت تريد أن تفعله قطر ضد أشقائها العرب والدول العربية ينقلب عليها، خاصة وان هناك توجهاً عربياً وإقليمياً بملاحقة ومقاضاة قطر على هذه الجرائم التي اقترفت بحق الشعوب العربية والأنظمة والرؤساء والملوك.


وأضاف:«نرى السحر ينقلب على الساحر، وهي حقائق ستنطبق على ارض الواقع، وهناك توجه عربي بأخذ القضية للجنائية الدولية، وملاحقة قطر لكشفها أمام العالم والحد من أفعالها ومخططاتها». من جهته، قال المحلل السياسي عبد المجيد سويلم، إن هناك حسابات كثيرة على قطر، ولكن أميرها لا يريد المراجعة والتراجع وبدأ بالتخبط، والسياسة القطرية تسيء الحسابات منذ فترة طويلة ولم ترتدع، وآن الأوان أن تتراجع لأنه لا فائدة ترجى من التعنت ومحاولة اختلاق أزمات جديدة للهروب من الأزمات الحالية والتي لم تحل ولم تتمكن من مجابهتها.

وتابع:«للأسف الشديد الموقف القطري هو هروب للأمام حتى هذه اللحظة، ومحاولة البحث عن ملفات جديدة علها تهرب من هذه الملفات التي تعاني منها، وتكتشف في كل مرة أن الملفات تزداد والعبء يثقل ولم يحل شيء».


أساليب ترهيب
في الأثناء، أكد نائب نقيب المحامين الأردنيين السابق، رامي الشواورة، أن سحب الجنسية من المواطنين القطريين يتنافى مع حقوق المواطنة وحقوق الإنسان وهو سلاح لمن لا سلاح له. فحق المواطنة حق مقدس وسينعكس على الثقة المتبادلة بين المواطنين والنظام القطري.

وأضاف: «في الحقيقة يمكن وصف هذه الخطوة في كونها دكتاتورية وستفتح على قطر جبهات داخلية عنيفة وتزيد من فعالية المعارضة».
ويعتقد الشواورة أن هذا التحدي غير مسبوق وسينعكس على صورة قطر في العالم اجمع.

فهي تدعي الحرية وتخالف ذلك على ارض الواقع. وعلى ما يبدو أن قطر تفتقد الحكماء والعقلاء في إدارة الشأن الداخلي والخارجي. لافتاً إلى أن ادعاءات قطر هي ادعاءات فارغة وتكميم الأفواه وأسلوب ترهيب الشعوب سينعكس عليها سلباً من دون شك. فالمواطن أساس الدولة. بدوره، قال المحكم الدولي، المحامي إبراهيم الحنيطي، إن الجنسية هي هوية الإنسان وهي إثبات لشخصه وكيانه.

ومن دون الجنسية سيواجه مشكلات جمة ومن أهمها كيف سيتنقل وأين سيذهب بعد سحب الجنسية منه وماهي الجهة التي ستستقبله!
يضيف الحنيطي: «بالطبع في القانون القطري يوجد شروط لسحب الجنسية سواء من القطري الأصلي أو المتجنس بحسب القانون 38-2005. المادة 11 والمادة 12 ومن أبرز هذه الشروط للمتجنس إذا منحت الجنسية بطريقة الغش أو أخفى معلومات جوهرية أو غيره».

أما بالنسبة للقطري الأصلي مثلاً إدانته بحكم يمس ولاءه لقطر أو عمل مع منظمة أو هيئه أغراضها تقويض النظام الاجتماعي وغيرها من الشروط.

الخطورة هنا تكمن اذا تم سحب الجنسية نتيجة التعبير عن الرأي حتى وإن كان هذا الرأي مخالف للنظام القطري وهذا سينتج عنه سلبيات وآثار كبيرة وينتج حالة تصعيدية داخلية وخارجية. فأعداد الأشخاص الذين سحبت جنسياتهم هائلة مقارنة مع عدد السكان الكلي لقطر وبالطبع سينعكس على ردود الفعل الشعبية خاصة إن لم يكن هنالك مبررات مقنعة.


قمع وإقصاء
بدورها، ترى الناشطة الحقوقية نور الحديد أن خطورة هذه الخطوة تكمن في تهديد المواطن في حقه المشروع في حق الإقليم والدم، وهذا الأسلوب هو أسلوب إقصائي وقمعي بالدرجة الأولى لإيصال رسائل للشعب القطري حتى لا يقدموا على خطوات أخطر وأعمق في المعارضة. في معظم دول العالم لا يتم سحب الجنسية إلا في حالات الخيانة والجاسوسية ودعم الإرهاب وليس على إبداء رأي مخالف للنظام! وأردف: «هذه العملية ستكشف صورة قطر الحقيقية أمام العالم وستتخذها الجمعيات والهيئات الحقوقية دليلاً على أسلوبها القمعي».

الخبير الاستراتيجي، الدكتور ايمن ابورمان، أكد أن قطر ترغب في مواطنين صامتين لا يتم رصد أي تحرك مخالف لسياستهم.

وأوضح: في الأمم المتحدة شهدنا كيف أن قطر ادعت أنها تدعم كل ما من شأنه حق التعبير وأظهرت كيف أنها تعيش حالة من الظلم وأنها ضحية. ودفعوا للإعلام أموالاً طائلة لتحسين صورتهم أمام العالم، وبالمقابل سحب الجنسيات خطوة تعكس أن قطر تعيش في الداخل حالة من التوتر المتزايد والقلق الذي ينتج عنه اتباع أساليب القمع.

مخالفة

قال رئيس الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، الدكتور أحمد الهاملي، إن «الإجراءات التي اتخذتها قطر بحق مواطنيها، وخصوصاً من أبناء القبائل العربية، تثير كثيراً من علامات الاستغراب والتعجب والاستهجان»، مشيراً إلى أن «هؤلاء تم سلب حقوقهم في المواطنة والجنسية دون أي محاكمة أو سند قانوني، وهو الأمر الذي يخالف جميع القوانين والتشريعات الدولية».
 

Email