«البيان» تعرّي الإرهاب القطري في دول الساحل والصحراء (١-٢)

تشاد تواجه مخطط الدوحة لقلب الحكم وبث الفوضى

ت + ت - الحجم الطبيعي

اتهم الرئيس التشادي ادريس ديبي قطر بدعم الإرهابيين لزعزعة استقرار بلاده. وأضاف في كلمة ألقاها بمناسبة عيد الأضحى المبارك في الأول من سبتمبر الماضي «أن الحكومة التشادية قطعت علاقاتها مع قطر، لأنها ترغب في زعزعة الاستقرار في بلادنا ليس فقط من خلال دعم المرتزقة بل من جانب الإرهابيين».

وشدد الرئيس التشادي على أن يد قطر هي أيضاً وراء الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، مشيراً إلى أن «الجميع يعرف ذلك حتى القوى العظمى»، مبيناً أن المعارضين التشاديين يقيمون في قطر باسم الإسلام، ومؤكداً أن بلاده ستواجه «كرجل واحد» أية محاولة لزعزعة الاستقرار، متعهداً بأن الإرهابيين سيفشلون.

وأكد ديبي «السعي لمواجهة الإرهاب»، متهماً قطر بالعمل على «أن نحيد عن قاطرة السلام والاستقرار في بلدنا، ليس فقط من خلال دعم المرتزقة، وإنما أيضاً من خلال دعم الإرهابيين»، وفق تعبيره.

يأتي ذلك بعد أن شدد وزير الخارجية التشادي، إبراهيم حسين طه، على أن الدوحة تأوي بعض الجماعات المعادية لبلاده، إضافة إلى إيواء شخصيات معروفة بعداوتها لتشاد واستقرارها، مفيداً بوجود أشخاص في قطر يدعمون المتمردين التشاديين الموجودين في ليبيا، ويشنون هجمات على بلادهم منذ فترة.

وكشف وزير الخارجية التشادي، عن أن العديد من العمليات الإرهابية المعادية لتشاد جاءت عن طريق قطر، وبدعم منها، ولذلك قرر حكومة بلاده قطع العلاقات مع الدوحة، قائلاً، «نحن ما زلنا نبني عوامل استقرارنا، ونبني تنميتنا لشعوبنا، وقواتنا مهيأة للدفاع عن الوطن».

وكانت تقارير إعلامية كشفت عن أن تشاد تسلمت وثائق ومعطيات استخباراتية تفضح مخططاً قطرياً للإطاحة بنظام الرئيس ديبي، حيث أبرز موقع «كاميرون فويس»، أن السلطات التشادية أعلنت مؤخراً البعثة الدبلوماسية القطرية على أراضيها بأنها «غير مرحب بها» وعليها مغادرة البلاد، بعد تسليم وثائق لرئيس تشاد، تثبت أن قطر تمول الجماعات المتمردة وكذلك إرهابيين في ليبيا يشكلون تهديد لأمن البلاد.

وأضاف الموقع أن الرئيس التشادي تسلم معلومات حول تورط قطر في تمويل قوات معادية للنظام التشادي، تنشط داخل الأراضي الليبية وتعمل جنباً إلى جنب مع الجماعات الإرهابية المدعومة من تنظيم الحمدين فيها.

وأوضحت تقارير استخباراتية أن قطر تدعم جيشاً من المعارضة التشادية والمرتزقة قوامه 18 ألف مسلح لغزو تشاد انطلاقاً من الأراضي الليبية بدعم من جماعات إرهابية من دول الجوار تحظى بتمويل وتسليح قطريين.

موقف حاسم

وأكد وزير الأمن الداخلي التشادي، أحمد محمد بشير، أن بلاده لن تسمح لأي شخص أو أي دولة بتهديد استقرارها، مشدداً على الأدلة حول تورط قطر في تمويل المعارضة التشادية والإسلاميين الليبيين.

وجاء الموقف التشادي ليزيح الستار عن دور الدوحة التخريبي في دول الساحل والصحراء، وليشدد على رفض شعوب المنطقة لذلك الدور الذي طالما زعزع الأمن والاستقرار، وساهم في نشر الإرهاب والتطرف، وهدد السلم الاجتماعي بإثارة الفتن، والترويج لثقافة الموت والدمار بدل ثقافة الحياة والبناء.

واتهمت تشاد، في بيان لخارجيتها، قطر بمحاولة زعزعة استقرارها من خلال الأراضي الليبية، وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية التشادية: نُعلم الرأي الدولي والعالمي بأن تدخل قطر الدائم في زعزعة الأمن في تشاد عبر الأراضي الليبية، دفع حكومة تشاد إلى غلق السفارة القطرية في تشاد.

وفي 8 يونيو الماضي أعلنت نجامينا انها استدعت سفيرها في الدوحة للتشاور، كما طلبت من قطر احترام التزاماتها بوقف أي تصرف قد يلحق الضرر بتلاحم دول المنطقة والسلام في العالم.

وبحسب المراقبين، فإن موقف نجامينا جاء على إثر حصولها على أدلة دامغة تثبت تورط النظام القطري في إيواء عناصر من المعارضة الراديكالية التشادية في الدوحة، وفي تمويل وتسليح عناصر المعارضة التشادية داخل الأراضي الليبية، وإيعازه إلى حلفائه في ليبيا بالتعاون مع المسلحين التشاديين والاستفادة منهم كمرتزقة في الحرب على المؤسسات الشرعية، وكذلك إعدادهم لتنفيذ مخططات إرهابية في داخل تشاد.

وقال وزير الخارجية التشادي إن بلاده اتخذت قرار إغلاق السفارة القطرية وطرد دبلوماسيي قطر، بسبب «أعمال تقوم بها الدوحة ضد الاستقرار في تشاد»، لافتا إلى إن قطر لها علاقات خفية وأخرى معلنة مع جماعات في ليبيا تنفذ أعمالاً عدائية في تشاد، مشيراً إلى أن «الهجوم الذي تم على حدودنا مع ليبيا قد جاء بالتأكيد من هذه الجماعات».

قطر تسعى للانتقام

وتتهم السلطات التشادية نظام الدوحة بتحويل الأراضي الليبية إلى مصدر لترويع دول الجوار في ظل التحالف القائم بين الإرهابيين والمرتزقة المدعومين قطرياً، بينما يرى محللون سياسيون أن الدوحة بدأت التآمر على نظام الرئيس إدريس ديبي منذ قراره بإرسال ألفين من جنوده لقتال الإرهابيين جنباً مع جنب مع القوات الفرنسية في شمال مالي، في مهمة اعترض عليها القطريون، وأندماج الرئيس ديبي في مشروع السلام بدارفور، وفي الحرب على التطرف في افريقيا الوسطى ومالي، واتجاهه لبناء جيش قوي يجعله قادراً على مواجهة الجماعات الإرهابية المدعومة قطرياً في منطقة الساحل الصحراء.

وفي 2010 قالت المعارضة التشادية إنها تشترط حضور قطر كضامن سلام في الاتفاق مع الحكومة المركزية. وأكد محمد شريف جاكو المفتش العام للمعارضة التشادية آنذاك أن «المعارضة طلبت ضمانات دولية وإقليمية من أجل تحقيق سلام في الدولة التشادية، ومن بين تلك الضمانات حضور دولة قطر كضامن لعملية السلام». وفي 22 مارس 2013 أعلن ما يسمى باتحاد قوى المقاومة المسلحة التي أوقفت القتال بعد اتفاقات السلام الموقعة بين تشاد والسودان في 2009، استئناف التمرد المسلح ضد الرئيس ديبي.

وقال تيمان ارديمى، أحد أهم شخصيات التمرد من مقر إقامته في الدوحة: «قررنا استئناف النضال، النضال المسلح بالتأكيد»، وفق تعبيره. وقد كان لافتاً أن تسمح قطر لزعيم فصيل مسلح بإعلان الحرب ضد النظام القائم في بلاده أنطلاقاً من أراضيها.

ووفق مصادر تشادية، فإن قطر انتهزت فرصة انتشار الفوضى داخل الأراضي الليبية لتسليح وتمويل متمردين تشاديين ليتخذوا من الجنوب الليبي منطلقاً لهجمات إرهابية ضد بلادهم. وفي أبريل الماضي، بث التلفزيون الحكومي التشادي لقاءات مع بعض أفراد المجموعة المسلحة التي يقودها محمد حامد ويوسف كلوتو والتي أعلنت عودتها إلى «شرعية الدولة التشادية».

وخلال الاعترافات أكد حامد وكلوتو أنهما عادا رفقة عدد من مسلحي المعارضة إلى شرعية الحكومة في تشاد، بعد مشاركتهم في هجوم مسلحي «سرايا الدفاع عن بنغازي المدعوم من قطر، على منطقة الهلال النفطي في مارس الماضي». وأبرز يوسف كلوتو أنه ورفاقه المسلحين بالمعارضة وافقوا على القتال ضد تنظيم داعش ليكتشفوا أنهم يقاتلون كمرتزقة ضد طرف ليبي آخر في قضية غير واضحة لهم، في إشارة الى تورطهم في القتال ضد الجيش الوطني الليبي الذي تناصبه الدوحة العداء.

وقد أقرت المعارضة التشادية بوجود عناصر لها بليبيا تقاتل ضمن ميليشيا سرايا بنغازي الإرهابية المدعومة قطريا، مبينة أن قادة من مسلحيها وقعوا أسرى لدى قوات الجيش، ودعا سليمان أوبسكي أحد قادة المعارضة التشادية المسلحة، قيادة الجيش الليبي إلى إطلاق سراح عدد من قادة المعارضة الذين وقعوا أسرى لدى الكتيبة 1166 التابعة للجيش.

وقال الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي العقيد أحمد المسماري، إن قوات المعارضة التشادية المسلحة المدعومة من قطر شاركت في الهجوم على منطقة الهلال النفطي.

كما أكد آمر عمليات سلاح الجو التابع لقيادة الجيش العميد الطيار محمد منفور وجود تحالف بين القوات القادمة من مدينة مصراتة مع سرايا الدفاع عن بنغازي وقوات المعارضة في تشاد، لاستهداف الأمن الوطني لليبيا.

وأضاف أن قوات المعارضة التشادية أعطت وعوداً بدعم قوات مصراتة وميليشيات الإسلام السياسي، ما دعا القوات المسلحة إلى صد القوات الغازية المتحالفة مع قطر، وفقاً لقواعد الاشتباك. وأكدت مصادر ليبية أن قطر قامت باستقطاب عناصر المعارضة التشادية المسلحة التي ترتبط معها بعلاقات جيدة، لدعم حلفائها في ليبيا ضد الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.

وأضافت أن عدداً من المسلحين التشاديين المعتقلين لدى الجيش الليبي، أكدوا حصولهم على دعم بالمال والعتاد والذخيرة من قطر ومن حلفائها الموجودين على الأراضي الليبية. كما أقرت المعارضة التشادية بوجود عناصر لها بليبيا تقاتل ضمن ميليشيا سرايا بنغازي الإرهابية المدعومة قطريا، مبينة أن قادة من مسلحيها وقعوا أسرى لدى قوات الجيش.

وطالب أحد قادة المعارضة التشادية سليمان اوبسكمي، عبر حسابه على «فيسبوك»، قيادة الجيش الليبي بإطلاق سراح عدد من قادة المعارضة الذين وقعوا أسرى، مشيراً إلى أن أسراهم لدى الكتيبة 1166 التابعة للجيش. وكشفت المعارضة التشادية أن عبد الرحمن عيسى يوسف، أبرز قادة المعارضة التشادية، والقيادي حسن آدم، وأحمد سوقج، بالإضافة إلى عبدالرحمن عيسى، هم من بين الأسرى.

حزم يزعج الدوحة

ويرى مراقبون أن الموقف التشادي الحازم ضد الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء أزعج قطر، ويقول المسماري «أنه وبعد سقوط العقيد معمر القذافي، انعكس الوضع الأمني المتردي في ليبيا على دول الجوار، وساعد في ذلك خروج السلاح عن سيطرة الدولة وتوغل التنظيمات الإرهابية، وخصوصاً تنظيم القاعدة، وجناحه في المغرب العربي في المؤسسات الليبية، وخصوصاً داخل منظومة القيادة، مثل الحكومات المؤقتة المتعاقبة، أو المؤتمر الوطني العام.. هذه الوضعية التي أتاحت لهم خلق الفضاء الحر المناسب للتحرك بحرية وسهولة أكبر في تحالف وثيق يشوبه الخوف، وعدم الثقة بين جماعة الإخوان الليبية، والجماعة الإسلامية المقاتلة ذراع تنظيم القاعدة في ليبيا، لذا شكل الإخوان ما يعرف بقوة الدروع، وبدأت ملامح صراعات داخلية على مناطق النفوذ وخلق توازن مسلح على كامل الأراضي الليبية، وبعد انطلاق العمليات التي تقودها فرنسا وحلفاؤها الأفارقة في شمال مالي التي بدأت حركة «أزواد» الانفصالية في التحالف مع تنظيم القاعدة وجماعة بوكو كرام وبوصولهم إلى العاصمة المالية باماكو، قام تنظيم القاعدة في ليبيا بدعم التنظيم في مالي بالسلاح والأموال وتحويل المجهود الحربي للتنظيم في ليبيا لهذا الدعم، في الوقت الذي استعانت فيه فرنسا بقوات إفريقية وكانت قوات النخبة فيها من القوات الخاصة التشادية، التي يقودها الجنرال محمد إدريس ديبي إتنو، نجل الرئيس التشادي إدريس ديبي، قوامها ألف جندي من قوات بلاده باتجاه الجبال، شمال شرقي مالي، للانضمام إلى الحملة العسكرية التي تشنها القوات الفرنسية على «المتشددين» في هذه المنطقة، وتكونت القوة من مئة مركبة مدرعة تشادية، وعربات جيب وشاحنات إمداد من كيدال - البلدة الصحراوية على بعد 1200 كيلومتر إلى الشمال الشرقي من العاصمة باماكو - حيث قامت القوات الفرنسية والتشادية تدعمها الطائرات الحربية الفرنسية انطلاقاً من كيدال بمهاجمة مخابئ المتشددين في سلسلة جبال إدرار أفوغاس على الحدود بين مالي والجزائر». ويضيف المسماري أن «ابن الرئيس التشادي كان على رأس رتل القوات التشادية.

وقد صرح لوسائل الإعلام إن مهمة القوات التشادية هي «محاربة الإرهاب واجتثاثه من المنطقة» في إشارة إلى المقاتلين المتحالفين مع «القاعدة» في الجبال» وقد دفع هذا التدخل ضد تنظيم القاعدة بدولة تشاد إلى مزيد الاحتياط على حدودها، وخصوصاً مع ليبيا، ما دفعها لمهاجمة المعارضة التشادية في جبال تيبستي التي بدأت تنشط عسكرياً بعد حصولها على الأسلحة والذخائر من ليبيا وعن طريق تجار الحروب أو الموالين لها في ليبيا، وخصوصاً في مناطق الجنوب الغربي الليبي، وكما دفع بالرئيس التشادي إدريس ديبي لاتهام ليبيا ممثلة في سلطات طرابلس السابق المرتبطة بدولة قطر، بفتح معسكرات لإيواء وتدريب المعارضين التشاديين الذين سماهم المرتزقة. وطالب السلطات الليبية باتخاذ الإجراءات الضرورية لوقف هذا النشاط.

 

تهديد أمن الكونغو بغطاء العمل الخيري

أكد تقرير لصحيفة «ماواندا» الكونغولية، أن أنشطة مؤسسة قطر الخيرية في الكونغو برازافيل تثير توجساً وقلقاً كبيراً، خصوصاً في ظل استقطابها مئات الشباب الكونغوليين والأجانب، على أمل الحصول على مساعدة مالية.

وأوضح التقرير أن الشبهات التي تحيط بهذه المؤسسة تزداد يوماً بعد آخر، أمام تواتر التقارير التي تدينها في دعم وتمويل الإرهاب، حيث أبرز كتاب «قطر الصديق الذي لا يريد بنا خيراً» للكاتبين الفرنسيين نيكولا بو، وجاك ماري بورجيه، أن «قطر الخيرية»، المنتشرة في عشرات البلدان مثل النيجر، تشجع على الحصول على القروض الصغيرة، لاستقطاب الشباب ودعوته للتطرف.

وأضافت الصحيفة أن تقارير عدة أوردتها الصحف الإيطالية والإسبانية، تؤكد بأن «قطر الخيرية» تمول الجماعات الإرهابية في ليبيا ومالي والصومال والنيجر، كما يؤكد جون فرانسوا كوستليه أن قطر دعمت الإرهابيين في تونس ومصر، حيث تؤكد شهادات لعدد من الشباب التونسي أنهم تلقوا حوافز مالية من جمعيات قطرية للمشاركة في الاحتجاجات واستعمال العنف فيها. تونس - البيان

Email