آخر ضحاياه شاعر المليون محمد بن فطيس المرّي

سحب الجنسية.. نسخة «الإرهاب الناعم» لتنظيم الحمدين ضد الشعب القطري

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعيش السلطات القطرية حالة سُعار واضحة منذ بدء المقاطعة، دفعتها في إطار الذعر والتخبط الذي تعاني منه جراء تداعيات الأزمة، إلى اتخاذ قرارات قمعية متهورة ضد العشرات من أبناء الشعب القطري، تمثلت في «سحب الجنسية»، وهو السلاح الذي اعتاد «تنظيم الحمدين» أن يستخدمه كسوط مسلط على رقاب معارضيه منذ سنوات، وليس وليد الأزمة الراهنة، ذلك ضمن الأدوات التي يستخدمها التنظيم لترهيب الشعب القطري، ووأد أي أصوات معارضة لنظام الحكم والممارسات العدائية القطرية في المنطقة.


تمثل السُعار القطري الناتج عن حالة التخبط الواسعة داخل النظام، ابتداءً في قرار سحب الجنسية من شيخ قبيلة آل مرة، الشيخ طالب بن لاهوم بن شريم، ومعه 54 شخصاً من أفراد أسرته، وبعدها بأقل من شهر واحد، أقدم النظام القطري على اتخاذ قرار مشابه، بسحب الجنسية من شيخ قبيلة شمل الهواجر، الشيخ شافي ناصر حمود الهاجري، ومعه مجموعة من عائلته، وذلك عقب الانتقادات التي وجهها إلى تنظيم الحمدين.


وأعلنت المعارضة القطرية أمس، عبر حسابها «قطر مباشر» على تويتر، أن الدوحة سحبت جنسية الشاعر محمد بن فطيس المري، في سلسلة جديدة من انتهاكات تنظيم الحمدين ضد معارضيه. وجاء في تغريدة: «قطر تسحب جنسية الشاعر محمد بن فطيس المرى، تميم يحذر كل من ينتقد قطر أو التعاطف مع الدول المقاطعة بسحب الجنسية».


وكان الحساب الرسمي للمعارضة القطرية، أكد أن سحب جنسية الشاعر القطري محمد بن فطيس المرى، قاب قوسين أو أدنى، وذلك بعد الانتقادات التي وجهها إلى تنظيم الحمدين، داعياً الشعب القطري للوقوف بجانب من يتم سحب الجنسية منهم من قبل تنظيم الحمدين، قائلاً: «دعوة لأبناء الخليج بالوقوف إلى جانب الشاعر القطري الخليجي العربي، محمد بن فطيس المري، لما يمر به من هجوم ضار من مرتزقة الحمدين ضده».


وجاء سحب الجنسية عن الشاعر المعروف، بعد حضوره اجتماع قبائل يام في المملكة العربية السعودية، إلى جانب الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني القادم من باريس، والذي ألقى كلمة نارية، حذر فيها نظام الحمدين من الاستمرار في جرائمه. وبالمناسبة، قال الشاعر القطري محمد بن فطيس المري، إنه يرفض تسييس الحج، والتطاول على رموز الخليج، واصفاً المتطاولين بالرعاع.

سلاح الحمدين

و«سحب الجنسية» هو السلاح الذي تشهره قطر بوجه معارضيها، ذلك في الوقت الذي تجنس فيه الإسرائيليين، في إطار الخطة التي وضعها تنظيم الحمدين الذي أدار ظهره لشعبه وأمته، فضلاً عن منح الدوحة للإقامة الدائمة لبعض الأجانب في قطر مع بدايات الأزمة. ذلك أن النظام القطري الذي يناصب العداء لأبناء شعبه التواق للحرية والديمقراطية، يناصر في الوقت ذاته أعداء أمته، الذين ينفذ أجنداتهم بالوكالة في المنطقة. وكشف معارضون قطريون في وقت سابق، عن أن تنظيم الحمدين قد جنس عدداً من الإسرائيليين والأفارقة، في مقابل سحب الجنسية مع أبناء القبائل المناوئة له.

يتحدث حمد المري، وهو أحد أبناء قبيلة الغفران، التي سحب تنظيم الحمدين الجنسية منها في عام 2005، إزاء مواقف رافضة لتنظيم الحمدين، وانقلاب حمد بن خليفة في عام 1996، حول سلاح سحب الجنسية الذي تستخدمه السلطات القطرية كسلاح مشهر دائماً بوجه معارضيها، حتى إنه وعائلته تعرضوا لتجربة مماثلة قبل سنوات، ويعتبر أن النظام القطري يستخدمه من أجل «ترهيب الشعب».


ويتابع في تصريح لـ «البيان» قائلاً: "بالنسبة لعمليات وقرارات إسقاط الجنسية، فهي أداة قديمة للنظام القطري لقمع الحريات، وقمع حرية التعبير والرأي، ومواجهة المواقف المناوئة لمواقف الحكومة القطرية وتوجهاتها"، مشدداً في السياق ذاته على أن "هنالك العديد من النماذج، والتي كان آخرها الشاعر محمد بن فطيس، والذي سبقته وقائع سحب الجنسية من شيخ قبيلة آل مرة، الشيخ طالب بن لاهوم الشريم وعدد من أفراد عائلته، وكذا شيخ قبيلة بني هاجر، الشيخ شافي الهاجري وبعض من أفراد عائلته، بعد عدم انصياعه لأوامر الحكومة القطرية".


ويشير إلى أن تلك الوقائع جميعها، جاءت عقب الأزمة التي تعيشها قطر الآن. وكانت هنالك وقائع سابقة للأزمة، من أبرزها وقائع سحب الجنسية من قبيلة الغفران، التي ينتمي إليها، بواقع نحو ستة آلاف شخص، بما يعني أنه بعد الأزمة، هنالك العشرات ممن تم سحب الجنسية منهم، بواقع نحو 57 شخصاً، بالإضافة إلى أفراد عائلة الشيخ شافي.

حالة هستيرية

وبدوره، يقول المعارض السوري علي الدهنيم، والذي تعرض لسحب جنسيته أيضاً من قبل تنظيم الحمدين في وقت سابق، في تصريح لـ "البيان"، إن "قطر في حالة هيسترية"، مشدداً على أن "النظام القطري يريد إخافة الشعب بسحب الجنسية وحرمان المواطن من أي حقوق وامتيازات"، ذلك في إطار أدوات تنظيم الحمدين لإرهاب شعبه وترهيبه، لضمان السيطرة على حالة الغضب المتنامية بالأوساط القطرية ضد سياسات تنظيم الحمدين.

وتم سحب جنسية ما يربو على ستة آلاف قطري في المجمل، بواقع 5 في المئة من عدد سكان قطر ومواطنيها، حسبما قال المستشار في الديوان الملكي السعودي، سعود القحطاني، في تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي تويتر. بما يؤكد نهج "الحمدين" في استخدام الجنسية كوسيلة لمساومة القطريين على البقاء والانصياع للنظام وممارساته، من أجل منع أي أصوات مناوئة للسلطات القطرية بأي شكل من الأشكال، في إطار سياسة تكميم الأفواه والديكتاتورية التي يتبعها النظام القطري.

أسانيد ضد الحمدين

وفي هذا الصدد، يقول رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، رئيس فريق القانون الدولي الساعي لملاحقة رؤوس النظام القطري في المحاكم الدولية، الدكتور حافظ أبو سعدة، إن قرارات سحب وإسقاط الجنسية التي تصدرها السلطات القطرية، هي شكل من أشكال التمييز الذي يقوم به نظام قطر، ويمكن أن يتم اعتبارها من ضمن الجرائم ضد الإنسانية، المرتبكة من قبل تنظيم الحمدين، والتي يمكن بناءً عليها، استخدامها في إطار شكوى النظام القطري في الأمم المتحدة والجنائية الدولية.

ويوضح أبو سعدة، في تصريح لـ "البيان"، أنه يمكن أن يتم اعتماد تلك القرارات الخاصة بسحب الجنسية، كأسانيد مهمة ضد النظام القطري، الذي يلجأ لسحب الجنسية من المعارضين السياسيين وبعض الذين لهم آراء مخالفة لنظام الحكم في قطر، ويمكن التوجه للأمم المتحدة في ذلك الصدد، خاصة أن هنالك وقائع مشابهة، كانت جميعها ضد قبيلة الغفران، يمكن اعتبارها نوعاً من التمييز العرقي ضد القبيلة وأبنائها، ويمكن ملاحقة النظام القطري من خلالها.

استنكار حقوقي

وقوبلت عمليات سحب الجنسية عن آلاف القطريين باستنكار وتنديد منظمات حقوقية وإنسانية إقليمية ودولية، فقد استنكر مركز المنامة لحقوق الإنسان، ما قامت به حكومة قطر مؤخراً من سحب مفاجئ لجنسية الشيخ طالب بن محمد بن لاهوم بن شريم آل مرة وعائلته المكونة من 54 شخصاً، والأغرب من ذلك، أن من بينهم أطفال ونساء.

واعتبر الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان العربية بجامعة الدول العربية، الدكتور هادي بن علي اليامي، ما قامت به السلطات القطرية من سحب مفاجئ لجنسية شيخ قبيلة آل مرة، الشيخ طالب بن محمد بن لاهوم بن شريم، و54 من عائلته ومن قبيلة آل مرة، بينهم أطفال و18 امرأة، مخالفة صريحة لنصوص القوانين الدولية، التي تنظم عمليات منح الجنسية وسحبها، وفق آليات وضوابط معينة.


ونبه إلى خطورة ما أقدمت عليه سلطات الدوحة، بتعريض هؤلاء الأشخاص للشتات والتشريد، حيث باتوا بلا وطن يؤويهم، ولا استقرار، إضافة إلى تعرضهم لكل أنواع المخاطر والحرمان، مثل ضياع أراضيهم وأموالهم وممتلكاتهم، وحرمانهم من حقوقهم الأساسية، مثل الرعاية الصحية، والسكن، والتعليم، والعمل، وحرية الحركة.


وقال: إن القانون الدولي لحقوق الإنسان، يقر بحق الدول في أن تقرر من هم رعاياها، بيد أنه شدّد على أن ذلك الحق ليس مطلقاً، وينبغي على الحكومات كافة، الامتثال لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، في ما يتعلق بمنح الجنسية والتجريد منها، ويمنع الحرمان التعسفي من الجنسية، لأنه يزيد فعلاً من حرمان الأشخاص المتضررين، ما يرفع احتمال تعرضهم لانتهاكات حقوق الإنسان، ويهدد حياتهم ومستقبل أطفالهم. كما تشدد القوانين الدولية على منح من تعرضوا لسحب الجنسية لأسباب غير تعسفية، حق التظلم أمام المحاكم، وتوفير الفرص كافة لهم لإبداء وجهات نظرهم، وفق محاكمات عادلة تنسجم مع القانون الدولي.

نهج الحمدين

وبحسب المراقبين، فإن تميم بن حمد، يسير على نهج والده حمد، الذي كان أمر بسحب الجنسية القطرية من 6 آلاف شخص من فرع الغفران في قبيلة آل مرة، بعد معارضتهم للانقلاب الذي حدث في قطر عام 1995. ومنذ أسبوعين، طالبت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بأن يدرج قضية "الغفران" القطرية على أجندته، داعياً للتدخل بأسرع ما يمكن لوقف جرائم السلطات القطرية ضد أبناء القبيلة.

واشتكى مواطنون قطريون ينتمون إلى قبيلة آل مرة، من قيام السلطات في الدوحة في مارس 2015، باتخاذ خطوات لنزع الجنسية بشكل جماعي عنهم وعن أولادهم، بل وعن آبائهم وأجدادهم المتوفين بأثر رجعي، وذلك ضمن إجراءات يتعرض لها فرع الغفران.

ملفات حقوقية

تزداد الملفات الحقوقية التي تدين تنظيم الحمدين يوماً بعد يوم. فالتنظيم مستمر في نهج اللجوء إلى القمع وانتزاع الجنسية من المواطنين القطريين. وسبق لمنظمات حقوقية خليجية وعربية وأوروبية أن أثارت ملف حقوق الإنسان في قطر، وعلى رأسها ملف الاعتقالات التعسفية وكذلك إسقاط الجنسية. ومن المتوقع تحريك هذه الملفات قريباً في المحافل الدولية وصولاً إلى الأمم المتحدة.

Email