خلافاً لأعراف الاستقبالات الرسمية: ماتيس يجر تميم للقائه في قاعدة العديد

ثقة القطريين بـ«الحمدين» تدهورت إلى أدنى مستوى

ت + ت - الحجم الطبيعي

توقعت مصادر في المعارضة القطرية أن يؤدي تفاقم الخسائر المالية والصعوبات الاقتصادية التي تواجهها قطر نتيجة المقاطعة إلى تسارع تصدع العائلة الحاكمة وتصاعد المعارضة الشعبية مع فقدان المواطنين والمقيمين ثقتهم بقدرة قطر على التعايش مع مقاطعة طويلة الأجل، وهو ما يجسده تدهور الثقة بالنظام الحاكم إلى أدنى مستوياتها منذ اندلاع الأزمة التي تسببت بها قطر مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب.

وقالت المصادر إن تنامي الصعوبات الاقتصادية والخسائر المالية للأفراد والشركات نتيجة المقاطعة أدى لفقدان الناس ثقتهم بالتصريحات الحكومية المتكررة التي سعى تميم وتنظيم الحمدين من خلالها إلى طمأنة المواطنين والمقيمين في قطر حيث تصاعدت أسعار السلع والمنتجات وتدهور الطلب المحلي وتضررت قطاعات رئيسية في مقدمتها السياحة والبيع بالتجزئة والضيافة والخدمات.

وأكدت المصادر أن امتداد مظاهر الأزمة الاقتصادية إلى مختلف القطاعات نجم عنه تسارع عمليات ترشيد الإنفاق والاستغناء عن العاملين في مختلف المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة في قطر. الأمر الذي وسع من مشاعر القلق المهيمنة على السكان في قطر.

من جهة اخرى، وخلافاً لكل أعراف وتقاليد الاستقبالات الرسمية، التقى وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، أمير قطر تميم بن حمد، في قاعدة العديد الأميركية الجوية، وهو أمر غريب على العلاقات الدولية بنظر المراقبين، وإهانة بالغة بنظر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يواصل تنظيم الحمدين الدفاع عن جماعة الإخوان الإرهابية، ويرفض تسليم الإرهابي يوسف القرضاوي المطلوب لمصر، في وقت دعت المعارضة القطرية الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب إلى دعم شكوى سحب جنسيات الآلاف من قبيلة الغفران إلى الأمم المتحدة.

لقاءات ماتيس داخل قاعدة العديد العسكرية، تثير تساؤلات حول ما إذا كان صبر الولايات المتحدة قد نفد من جراء المماطلة القطرية في الاستجابة لمطالب الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب، خاصة وأن البروتوكول المتبع يقتضي أن يذهب الضيف إلى مقرات مسؤولي الدولة وليس العكس.

وبحسب مراقبين ومتابعين، فإن القواعد المتعارف عليها أن يتم استقبال الضيوف في العاصمة أو المقر الرسمي للمسؤول المستقبل، ولكن حدث العكس وذهب تميم لوزير الدفاع الأميركي إلى قاعدة العديد التي تحتضنها بلاده. وكذلك التقى وزير الدفاع الأميركي، أيضاً نظيره القطري خالد بن محمد العطية، في القاعدة نفسها.

وكانت تقارير أشارت قبل بضعة أيام إلى تبلور توجّه لدى واشنطن بتسليم قاعدة العديد إلى تركيا. وقد يكون لهذه اللقاءات داخل القاعدة الجوية الأميركية مغزى مرتبط بالتوجّه المذكور.

يشار أيضاً إلى أن زيارة ماتيس لقطر تأتي في أعقاب زيارته لأفغانستان، والتي التقى خلالها بالرئيس الأفغاني أشرف غني. وكانت تقارير صحافية تناولت اتصالات جمعت بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأفغاني لإغلاق مكتب طالبان في الدوحة، والذي استخدمته قطر لدعم التنظيم الذي تصنفه الولايات المتحدة كتنظيم إرهابي، وبالتالي فإن زيارة ماتيس لقطر تأتي في إطار ضرورة أن تقوم قطر بإغلاق مكتب طالبان في الدوحة كضمان لتخلي قطر عن دعمها للتنظيمات الإرهابية.

وواصلت قطر رعايتها للإرهاب، حيث اعتبرت أن جماعة الإخوان ليست إرهابية، وجددت رفضها تسليم الإرهابي الأول يوسف القرضاوي المطلوب للقضاء المصري. وادعى محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية القطري أن انسحاب بلاده من مجلس التعاون الخليجي أمر غير وارد، مؤكداً أن بلاده ملتزمة بأمن الخليج.

جاء هذا في لقاء مع ممثلي صحف فرنسية، أمس. ورداً على سؤال بأن قطر ترفض تسليم القرضاوي إلى مصر، قال إن بلاده لن تسلم القرضاوي، لكونه قطرياً منذ سبعينات القرن الماضي، وزعم أن القرضاوي ليس إرهابياً وإنما معارض سياسي له وجهة نظر.

من جهة أخرى، دعت المعارضة القطرية الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب إلى تصعيد شكواها بشأن سحب جنسيات الآلاف من قبيلة الغفران إلى الأمم المتحدة. ووفق تصريحات مصدر دبلوماسي مصري رفيع المستوى في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بسويسرا، فإن المعارضة القطرية موجودة بجنيف حالياً لمتابعة مناقشات المفوضية في الدعوة المقدمة حول إسقاط الجنسية عن ستة آلاف شخص من قبيلة الغفران، من جانب أمير قطر تميم بن حمد.

وأضاف المصدر أن المعارضة القطرية تنسق مع مندوبيات الدول الأربع (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) في المفوضية لاستخدام صلاحياتهم في نقل التوصيات التي ستخرج عن المناقشات إلى الأمم المتحدة.

وعن الإجراءات القانونية المتبعة في هذه القضية، قال المصدر الدبلوماسي المصري، إنه تتم مناقشة الشكوى من حيث الشكل تحت البند الرابع من ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عبر 3 لجان، ثم مناقشتها من حيث المضمون عبر لجنة يتم تشكيلها من المجلس، والتي تضع توصيات أولية تنقلها إلى الجلسات العامة في حالة إثبات وجود نموذج يدل على أن الدولة المقدم شكوى بحقها، وهي قطر، قامت بإجراءات قائمة على التمييز الطائفي أو العرقي بحق جماعة أو رابطة بعينها، أو صدرت منها إجراءات بالتهميش بحق مجموعة أو القيام بانتقاص من حقوق فريق معين، وهو ما ينطبق على سحب الجنسيات من أبناء هذه القبيلة.

عقوبات منتظرة

وعن العقوبات التي ستلاحق قطر في حال إدانتها، قال المصدر إن الإدانة من جانب الأمم المتحدة تعتبر بمثابة عقوبة دولية، لأنها هنا بمثابة الوصمة التي تسجل في تاريخها الحقوقي. كما ستلاحق قطر عقوبة أخرى قائمة على مطالبة الأمم المتحدة لها بأن تقوم بالتحقيق الداخلي والمراجعة في حالة نفيها لصحة الشكوى عبر أجهزتها، وفي حالة سحب الجنسيات تكون مطالبة بأن تراجع هذا الإجراء، وأن يكون اتخاذه ليس جماعياً من جانب سلطة الدولة، وأن يأخذ طريقه الطبيعي في القضاء صاحب الحق أمام ميثاق الأمم المتحدة بإسقاط الجنسية في حالة معينة ومحددة.

وعن مدى تدخل منظمات حقوقية عالمية على علاقة بالدوحة في تعطيل الملفين، نظراً لحصول تلك المنظمات على تمويل من قطر، وعلى رأسها «هيومان رايتس واتش»، قالت دينا أبو صعب، إن هذه المنظمة لا تتلقى أموالها المعروفة بالتبرعات من قطر فقط، بل من دول أخرى، ومن الطبيعي أن أي منظمة تسير بحسب مصدر التمويل، ولكن هذه المنظمات يؤخذ برأيها في عين الاعتبار بمفوضية الأمم المتحدة، ولكن ليس لها الفعالية المباشرة في التوصيات.

Email