الدوحة قتلت 1200عامل بـ«حظائر البناء» في 3 سنوات

عمّال «كأس العالم» يتجرّعون كـأس الذل في قطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

العمل الجبري، معسكرات العمل، حظر الخروج: كل هذا ينتظر العمال الأجانب في مواقع إنجاز البنى التحتية لكأس العالم لكرة القدم في قطر، كما أثبتت تحقيقات أجرتها منظمة العفو الدولية.

بالنسبة للعاملين هناك غالباً ما يكون استخدامهم مأساوياً. الاتحاد الدولي للنقابات (إيتوك) يتوقع أنه بحلول كأس العالم 2022 سيلفظ آلاف العمال أنفاسهم الأخيرة في حظائر العمل اليومي الشاق في قطر. ووفقاً للاتحاد الدولي لنقابات العمال، سيتم نشر نحو 1.8 مليون من عبيد العصر في حظائر قطر قبل حلول كأس العالم 2022.

«نحن نريد من فيفا تحمّل المسؤولية ووضع حد لاستغلال العمال»، بذلك تم تبرير الدعوى التي تم رفعها في المحكمة التجارية للكانتون السويسري زيوريخ، والتي تؤكد: «لأن فيفا لم تطلب إنجاز العمل الأساسي ورعاية حقوق الإنسان عند منح كأس العالم 2022 إلى قطر، كانت مسؤولة أيضا عن وضع العمال الضيوف في حظائر البناء».

وتشير مصادر عمالية إلى أن عدد قتلى المونديال القطري تجاوز ثلاثة آلاف عامل، وفي 2014 كشفت صحيفة ديلي ميرور البريطانية نتيجة تحقيق أجرته في قطر، أظهر الاستغلال المروع للعمال المهاجرين الذين يجبرون على العيش في ظروف مزرية. وأوضحت الصحيفة، أن قطر متّهمة بإجبار 1200 شخص على العمل حتى الموت في طفرة البناء من أجل التجهيز لكأس العالم في عام 2022، والتي تقدر بـ39 مليار جنيه استرليني.

وأضافت أإن «التحقيق في هذه الإمارة، كشف الاستغلال المروع والقاتل للعمال المهاجرين، الذين يضطرون إلى العيش في بؤس وشرب الماء والملح، ويتقاضون راتباً يقدر بـ57 بنساً أقل من نصف دولار - في الساعة». ونقلت الصحيفة تخوّفاً من أن عدد القتلى قد يصل إلى 4 آلاف قبل انطلاق النهائيات، وأن أحد العمال قال في التحقيقات «نحن نعامل مثل العبيد وثمن موتنا رخيص جداً».

ولفتت الصحيفة إلى تحذير فريق من القادة النقابيين البريطانيين وأعضاء البرلمان من أن بطولة 2022 تبنى على «دماء وبؤس جيش من عمال يعاملون بالسخرة»، على خلفية الكشف عن الاعتداءات المروعة أثناء زيارتها للدوحة.

وفيات

وكشف التحقيق أنه «لا توجد شروط سلامة للعمال الفقراء، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات، وأن العمال الوافدين من دول مثل الهند ونيبال، يتلقون أجراً قدره 57 بنساً في الساعة، وفي بعض الأحيان لا يتلقون هذه الأجور منذ شهور، ويتعرضون للضرب وصودرت جوازات سفرهم من جانب كفلائهم. كما أنها رأت في مخيم واحد في وسط العاصمة الدوحة 9 عمال متكدسين في غرفة صغيرة تنتشر الصراصير فيها».

في تلك الأثناء، أظهر رسم بياني نشرته صحيفة واشنطن بوست، وتناقلته مواقع التواصل الاجتماعي الفارق بين عدد وفيات العمال في بناء منشآت للتظاهرات الرياضية الأخيرة وعدد العمال الذين قضوا في قطر، إذ يعتقد أنهم 1200.

ظروف عمل مروعة

وجاء في تقرير نشر أعده الاتحاد الدولي للنقابات لأول مرة عام 2013، إن الاتحاد اتصل بسفارات نيبال والهند باعتبارهما مصدر أكبر عدد من العمال الموجودين في قطر، وتحدثت السفارتان عن أكثر من 400 وفاة في العام بينهما أي 1239 وفاة في ثلاثة أعوام حتى نهاية 2013.

ولكن نيبال والهند لا يمثلان إلا نسبة 60 في المئة من 1،4 مليون من العمال الأجانب، وعليه فإن عدد الوفيات بين العمال المهاجرين لابد أن يكون أكبر.

ثم نشرت معلومات عن الوفيات بين العمال البنغلاديشيين، وهو ما يرفع العدد الإجمالي إلى 1800 خلال 3 أعوام، أي 600 كل عام. كما تستضيف قطر عمالاً من جنسيات أخرى، من مصر والفلبين، وهؤلاء لا يعملون في البناء.

ظروف صعبة

ورصدت صحيفة «واشنطن بوست»، عدد ضحايا الاستعدادات لبطولات كأس العالم لكرة القدم والألعاب الرياضية المختلفة خلال السنوات الماضية، وحتى استضافة قطر لكأس العالم 2022. وقالت إن حوالي 1200 عامل ماتوا بسبب ظروف العمل الصعبة جدا في قطر، والمتعلقة بإنشاء استادات وملاعب كرة القدم التي تستضيف البطولة، مرجحاً أن لا تنتهي الاستعدادات لمونديال الدوحة إلا بوفاة 4 آلاف عامل

وأشار التقرير إلى أن أولمبياد بكين 2008 توفى فيها 6 عمال، وأولمبياد فانكوفر 2010 توفى فيها عامل واحد فقط هي وأولمبياد لندن 2012، فيما توفى عاملان في كأس العالم بجنوب أفريقيا 2010، و10 عمال في كأس العالم للبرازيل، بينما سجلت قطر وفاة 1200 عامل في أول ثلاثة أعوام من العمل في مواقع بناء المنشآت الخاصة بمونديال 2022

وفي مايو 2016 ندد الاتحاد العالمي للاعبي كرة القدم المحترفين الذي يضم لاعبين دوليين دنماركيين ونرويجيين في شريط فيديو بـ «ظروف عمل مروعة» في ورش مونديال كرة القدم 2022 في قطر.

وقال الدولي النرويجي توم هوغلي الذي كان يتحدث أمام الكاميرا في شريط فيديو أسود وابيض مدته نحو دقيقتين نشر على الانترنت أن «ظروف العمل في قطر قاسية إنهم أي العمال الأجانب- يعملون كالعبيد. إن لعبة كرة القدم لا يمكن أن تقبل ذلك».

وسأل لاعب خط الوسط الدولي الدانماركي وليام كفيست «هل يجب أن يموت آلاف العمال من اجل لعبة كرة قدم تمتد على أربعة أسابيع؟».

وقال مدير جمعية لاعبي كرة القدم الدنماركيين وعضو مجلس إدارة «فيفبرو» مادس اولاند في الفيديو «يمكننا تجنب مثل هذا الوضع في قطر، لو أن الفيفا تفرض احترام الشروط الاجتماعية من اجل أن يتم بناء الملاعب والمواقع الأخرى التابعة للمونديال في ظروف تحترم حقوق الموظفين».

عبودية وسخرة

ودعت الرابطة الخليجية للحقوق والحريات، مؤخراً، المنظمات الحقوقية الدولية إلى التدخل العاجل لوقف الانتهاكات التي تقوم بها الحكومة القطرية تجاه العمال الوافدين بها،مشيرة إلى أن الحكومة القطرية منعت كل العمال الوافدين من أخذ إجازتهم السنوية وألغت كل الإجازات، ما تسبب بخطر كبير على ظروف العمل للعمالة الوافدة.

وأكدت الرابطة أن معدل حوادث العمل الكبيرة والمميتة سيزداد بسبب حرمان العمال من إجازاتهم السنوية ووضعهم تحت ظروف عمل قاسية وضغط بدني ونفسي شديد، داعية منظمة العمل الدولية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى التصدي لهذا القرار القطري الذي يتعارض مع اتفاقيات المنظمة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحق الإنسان بالحصول على إجازته السنوية وعدم وقفها.

وقدرت الرابطة عدد العمال الوافدين في قطر بحوالي 2.2 مليون عامل، غالبيتهم من دول آسيوية، وأشارت إلى أن الدوحة تنتهك أهم بند عالمي وإنساني في دستور منظمة العمل الدولية.

وفي بيان، أكدت الأمينة العامة للاتحاد الدولي للنقابات الحرة شاران بارو أن العمال من بنغلادش والهند ونيبال يعانون معاناة شديدة في قطر بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، خاصة تلك المستوردة من إيران وتركيا حالياً. كما انتقدت الوضع المالي للعاملين الوافدين في قطر ورواتبهم الضعيفة، مؤكدة أنهم يعانون من انتهاكات لحقوقهم في نظام التوظيف غير العادل. وأكدت «بارو» أن قطر تمنع هؤلاء العمال من العودة إلى أوطانهم بل الكثير منهم لا يزالون يدفعون لشركات محلية لتوظيفهم.

وفي 26 يونيو الماضي، أصدرت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان للاتحاد العمالي العالمي بياناً بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، أكدت فيه ضرورة احترام قطر اتفاقيات منظمة العمل الدولية.

وأشار رئيس الفيدرالية العربية، د.أحمد الهاملي إلى أنه يجب حماية حقوق العمالة الوافدة في قطر، واصفاً ما تفعله الدوحة هو «عبودية وسخرة». وأكد أن التعذيب بوجه عام يهدف إلى إفناء شخصية الضحية وإنكار كرامتها، وهو ما يحدث للعمالة الآسيوية الآن في قطر والتي تقدر بمليون و700 ألف عامل.

و قال موقع فوكس الأميركي إن الإعلام القطري تجاهل بشكل كبير المخاطر التي يتعرض لها العمال في قطر.

ونقل الموقع عن آدام سوبيل، مخرج الفيلم الوثائقي «كأس العمال» الذي سلط الضوء على الأوضاع المزرية للعمالة التي يتم استغلالها في بناء منشآت كأس العالم عام 2022 في قطر، قوله إن «العمال الوافدين خارج اهتمام ونظر المجتمع».

بانتظار نوفمبر

وفي مارس الماضي أرجأت الجمعية العمومية لمنظمة العمل الدولية سحب الشكوى المقدمة ضد قطر منذ عام 2014، التي تتعلق بانتهاك حقوق العمال الوافدين، استناداً إلى اتفاقيتي العمل الجبري وتفتيش العمل.

ومنحت المنظمة التابعة للأمم المتحدة دولة قطر، في ختام اجتماعاتها في جنيف، مهلة ثانية حتى نوفمبر المقبل، قبل البت في سحب الشكوى التي قدمها عدد من أعضاء فريق العمال في الدورة 103 لمؤتمر العمل الدولي عام 2014.

وللمرة الثانية خلال عامين، تقرر الجمعية العمومية لمنظمة العمل الدولية إمهال قطر حتى تصلح قوانينها وتشريعاتها المتعلقة بأوضاع العمالة الوافدة في البلاد. كما تواصل رصد أوضاع العمالة الوافدة حتى نوفمبر المقبل، قبل سحب الشكوى، أو تشكيل لجنة تحقيق بهذا الشأن.

وصوتت وفود 18 دولة إلى جانب تأجيل البت في القرار، في حين لم تنجح محاولات إسقاط الشكوى رغم الإصلاحات التي أدخلتها قطر على القوانين والتشريعات المتعلقة بالعمالة في البلاد.

دعوى قضائية

في أكتوبر 2016 هددت نقابة العمال الهولندية بمقاضاة فيفا كأس العالم لكرة القدم عن انتهاكات حقوق الإنسان فيما يتعلق بكأس العالم في قطر، مشيرة إلى أن الآلاف من العمال البنغاليين يريدون جلب الفيفا إلى العدالة.

وقالت النقابة إنها تريد رفع دعوى قضائية بالنيابة عن نديم شاريفول علم من بنغلادش، البالغ من العمر 31 عاماً وهو عضو في القسم الدولي من النقابة، وقد تم استدراجه إلى قطر مع «قصة جميلة» ودفع ما يقرب من 4 آلاف يورو، حيث عمل في قطر في مجال تفريغ السفن عاماً ونصف العام، وعاش مع الآلاف من الآخرين مثل «الرقيق الحديث».

 

Email