«وثائقيّ»: النيران التي أشعلتها الدوحة سترتد عليها

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصدر القسم الإعلامي في مجموعة «بوليسي إمباكت كوميونيكايشن»، ومقرّها واشنطن، وثائقيّ «قطر: حلف خطير» من ستّة أجزاء، حول علاقة قطر بتمويل الإرهاب وإيواء المتطرّفين ونشر أفكارهم. وتتمتّع المجموعة بعلاقات ضغط قويّة داخل الإدارة والكونغرس الأميركيّين.

في الجزء السادس الأخير من الوثائقي، ركّز الباحثون حسب ما نقل موقع "24" الاخباري على كمية الأموال التي ضخّتها الدوحة لدعم الإرهابيين، تحت عنوان «تتبّعوا المال». كما شدّدوا أيضاً على ضرورة تصحيح الخلل في طريقة تعاطي واشنطن مع الدوحة، ونقل قاعدتها من العديد.

ويتحدث نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيّات، جوناثان شكانزر، عن دفع قطر الأموال أينما تستطيع ذلك، وفي كل مناسبة تقدّم لها الفرصة من أجل نشر عقيدة الإخوان الإرهابية وتعزيز موقعها. ويشرح شانزر أنّ الحكّام القطريين لا يحاولون حتى إخفاء آثار فعلتهم، بحيث أمّنت الدوحة، التمويل للإرهابيين عبر اعتماد أسلوب لم يتجرّأ آخرون على اعتماده.

يشير الوثائقي إلى أنّ قطر، وفي الوقت الذي تستضيف فيه قاعدة العديد الأميركية، راحت تموّل الإرهابيين، ومن بينهم القاعدة وجبهة النصرة وطالبان والإخوان، وغيرهم الذين استفادوا من مليارات الدولارات من المساعدات القطرية المالية أو المادية. وتؤوي قطر عشرات المطلوبين والمصنفين على لائحة الإرهاب، مثل يوسف القرضاوي، وخالد مشعل، وثلاثة طالبانيين معاقبين من الأمم المتحدة، وسبعة على الأقل من ممولي القاعدة.

تحالف يضعف أميركا

يشدّد سكانزر على خطورة وجنون الحلف الأميركي مع قطر، والمتمثّل بوجود قاعدة العديد بالقرب من زعماء حركة حماس وطالبان وممولي القاعدة والقيادات الإخوانية. ويقول إنّ هذا الحلف يعزّز مكانة أعداء أميركا، ويضعف حلفاءها، ويظهر أنّها لا تحارب الإرهاب بالتصميم الذي تتحدّث عنه علناً.

أمّا الخبير في شؤون الإرهاب، السفير الباكستاني السابق لدى الولايات المتحدة، حسين حقّاني، فيشير إلى أنّ قطر ليست الدولة الأولى التي تحاول أن تؤدي دوراً أكبر من حجمها. لقد سبقتها إلى ذلك كوبا ودول صغرى أخرى، أرادت أن ينظر إليها الآخرون على أنّها كبيرة.

وذلك عبر محاولة إزالة غياب التناظر في القوّة، باعتماد غياب التناظر في السلوك. وهذا ينتهي دوماً بالمشاكل بحسب حقاني، الذي يضيف أنّ كوبا سلّحت وموّلت إرهابيين كثراً في أفريقيا وخارجها، بدلاً من الاستفادة من أموالها للأعمال الخيرية، وبناء صورة لها كدولة كريمة ومحبّة للآخرين. لكنّ كوبا اختارت دعم التطرف كوسيلة لكسب النفوذ.

الاعتماد على العديد

يرى حقاني أن أفضل طريقة للتعامل مع دولة صغيرة تريد أن تمارس نفوذاً أكبر من حجمها الطبيعي، هو إبقاؤها في مكانها. وحين تبني الدول تحالفات مع دولة مثل قطر، فإنّ سلوكها السيّئ سيتضاعف.

ويتحدّث الباحث البارز في معهد الشرق الأوسط، أليكس فاتانكا، عن الثروات الهائلة التي تتمتع بها قطر، بفعل تربعها على واحد من أكبر حقول الغاز في العالم، بحيث ستكون مليارات، إن لم تكن تريليونات، الدولارات، بيد من يسيطر على تلك الدولة. ويحذّر سكانزر من خطورة العلاقة بين الدوحة وواشنطن، لأنّ ميزان النفوذ راجح لصالح قطر أكثر ممّا هو لصالح الأميركيين.

ويضيف أنّ قطر تحتاج للوجود العسكري الأميركي على أراضيها لحمايتها، كما تحتاج واشنطن لتلك القاعدة من أجل خوض حربها على الإرهاب. لكنّ ما حصل مع الوقت، هو إفراط واشنطن بالاعتماد على تلك القاعدة، لدرجة أنّ الأميركيين لم يعودوا يريدون تحدّي سلوك القطريين في دعم الإرهاب.

أموال قطرية في واشنطن

يقول الباحث في معهد هيودسن لي سميث، إنّ الدوحة تتمتّع بدائرة نفوذ معينة في واشنطن، بسبب المال الذي تنفقه هناك. ويضيف أنّه كتب مقالاً عن الأموال التي ضخّتها قطر في معهد بروكينغز، والتي قاربت 50 مليون دولار. ويتحدث حقاني عن الضغط الذي تمارسه قطر حول العالم، وفي واشنطن تحديداً، على مستوى مؤسسات الرأي والجامعات والإعلام على مدى سنوات.

وهذا ما يؤكده بدوره الباحث جوناثان سكانزر. ويشير الأخير إلى أنّ قسماً من الإعلاميين في أميركا، يكرّر الخطابات القطرية بطريقة جعلت مواجهة مفاعيل هذا الضغط أمراً صعباً. ويضيف أنّه في مقابل جميع رسائل التحذير التي يطلقها حول دعم قطر للإرهاب، سيخرج كثر ممّن ينطقون باسم قطر في واشنطن لمعاكسة رسائله.

ويؤكد فاتانكا أنّ القطريين راهنوا على جميع الأطراف التي أمكنهم الرهان عليها خلال العقد الماضي لذلك، ولا يمكنهم في كل مرة، الوقوف مع الجميع والنجاة بذلك. فخلال مرحلة أو أخرى، ستغضب قطر أحدهم، وهذا ما يحصل اليوم.

وعندما أرادت الدوحة استضافة قاعدة عسكرية أميركية على أراضيها، لم تفعل ذلك لأنها أرادت أن تكون صديقة لواشنطن، بل لأنّ ذلك يحمي أمنها. لكنّها لا تستطيع أن تكون خصماً للولايات المتحدة، لأنّ أمنها يعتمد على واشنطن في نهاية المطاف.

جنون قطري

طالب نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيّات، جوناثان شكانزر بتغيير ميزان القوى في العلاقة بين أميركا وقطر، عبر البدء بالبحث عن سبل نقل القاعدة العسكرية من الدوحة، إذا لم تستجب الأخيرة لمطالب وقف دعم الإرهاب. ويقترح بناء قواعد عسكرية جديدة في إقليم كردستان أو الأردن، وهذا هو البديل لما دأب القطريون على فعله أخيراً.

ويرى السفير الباكستاني السابق لدى الولايات المتحدة، حسين حقّاني، أنّ القطريين منخرطون في جنون الاعتقاد بأنّه يمكنهم إشعال الحرائق خارجاً من دون أن تصل إليهم. وطالب واشنطن بالتعامل بحزم أكبر مع الدوحة، ومحاولة تعديل سلوكها وإفهامها أنّ العديد ليست رخصة للتعامل بالسوء مع جيرانها، مشدّداً على ضرورة تحميل الحكّام القطريين مسؤولية تمويل الإرهاب ودعمه.

Email