مصارف تطرق الأبواب استجداءً للتمويل الخارجي

أزمة سيولة قاسية تعصف بالبنوك القطرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تزايدت وطأة معاناة البنوك القطرية جراء مقاطعة الدول الرافضة لدعم الدوحة للإرهاب، حيث ترزح البنوك تحت وطأة أزمة سيولة قاسية نتيجة هروب الأموال وحمى سحب الودائع من جانب المودعين والمستثمرين.

ومع تردد كل من البنك المركزي القطري والصندوق السيادي - جهاز قطر للاستثمار- عن المجازفة بضخ المزيد من الأموال، بعدما تبخرت نحو 22 مليار دولار، جرى ضخها في أوصال الجهاز المصرفي خلال شهري يونيو ويوليو الماضيين.

وذلك تحسباً لفقد الاحتياطيات النقدية بالعملات الأجنبية، بدأت البنوك تطرق أبواب التمويل الخارجي وتستجدي الأموال من الشرق والغرب وسط إحجام المقرضين عن منح التسهيلات للقطاع المصرفي القطري نظراً لتراجع تصنيفاته وزيارة معدلات الخطر في التعامل معه، مع توالي إعلان وكالات التصنيف العالمية عن خفض التصنيف السيادي لدولة قطر، وبنوكها الرئيسية.

تنافس شرس

وتتسابق البنوك القطرية على طلب التمويلات من دول آسيا، حيث تجد فيها السبيل الوحيد أمام تلبية احتياجاتها، فيما تتزايد المخاوف من اشتعال تكلفة التمويل المصرفي القطري نتيجة ضعف السيولة المصرفية وارتفاع تكلفة تدبيرها بالنسبة للقطاع المصرفي.

وتخوض البنوك القطرية منافسة شرسة لاجتذاب الودائع المحلية، الأمر الذي يشعل فاتورة تكلفة الأموال ويهدد قدرة البنوك على توفير التمويل اللازم لقطاعات الأعمال، وينذر بتوقف المشاريع وتعثرها وإضعاف قدرتها على السداد والوفاء بالتزاماتها ومن ثم زيادة حجم الديون المعدومة لدى الجهاز المصرفي وإدخاله في دوامة دائرة جهنمية من التراجع والاضطراب.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن الرئيس التنفيذي لبنك الدوحة قوله، إن البنك يجري محادثات مع بنوك أجنبية للحصول على تمويل طويل الأجل، إما عن طريق اكتتاب خاص أو طرح عام، ولكنه لم يفصح عن قيمة التمويل. ويأتي ذلك بعد إصدار البنك حقوق أولية 1.3 مليار ريال في وقت سابق هذا العام.

تسييل الأصول

وطالب «المركزي القطري» البنوك بتدبير احتياجاتها من التمويل ذاتياً وعدم اللجوء إليه إلا في الحالات القصوى، فيما بدأ جهاز قطر للاستثمار تسييل بعض الأصول وتنفيذ صفقات متعددة للتخلص من أصول مملوكة له لتوفير بعض الأموال السائلة، فيما تتزايد التوقعات بعمليات تخارج أخرى من أصول أجنبية مملوكة للجهاز خلال الأسابيع المقبلة مع احتدام أزمة السيولة.

وواجه الريال القطري لطمات عنيفة منذ اندلاع الأزمة في يونيو الماضي، وتوقفت شركات السياحة ووكالات السفر والبنوك العالمية عن التعامل به نظراً لتقلبات أسعاره والتخفيضات المتوالية في قيمة العملة.

نظرة سلبية

ويعد بنك الدوحة أحد البنوك القطرية التي تدرس خيارات الحصول على تمويل وسط مقاطعة الدول الرباعية لقطر، الأمر الذي دفع وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني إلى تخفيض نظرتها المستقبلية للنظام المصرفي القطري من مستقر إلى سلبي في ظل ضعف الظروف التشغيلية واستمرار الضغوط التمويلية التي تواجه البنوك.

وتتعرض الودائع الأجنبية في المصارف القطرية لمزيد من التراجع بعد أن وصلت في يونيو الماضي الى أدنى مستوياتها في عامين.

وتعتزم عدد من البنوك الخليجية سحب ودائعها في المصارف القطرية لدى استحقاقها، بحسب ما أفادته مصادر لوكالة «بلومبرغ».

وكانت المصارف الخليجية قد أودعت الأموال لدى المصارف القطرية قبل المقاطعة العربية الرباعية، لأن سعر الفائدة بين المصارف القطرية كان قد سجل أعلى مستوى في الخليج.

وتشكل الودائع الأجنبية لدى البنوك القطرية 22% من إجمالي الودائع، التي تراجعت بـنحو 7.5% إلى 47 مليار دولار في يونيو مقارنة مع الشهر الذي سبقه.

تكلفة التمويل

وكانت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني قد ذكرت في تقرير سابق أن البنوك القطرية تعاني من ارتفاع تكلفة التمويل وهذه البنوك تقف اليوم على لائحة الوكالة للمراقبة.

وتواجه البنوك التي تعتمد بشكل أكبر على الودائع غير المحلية ضغوطاً متزايدة لتخفيض تصنيفها.

وأوضحت وكالة «فيتش» أن سحوبات الودائع غير المحلية من البنوك القطرية ستؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل عليها بسبب اشتداد المنافسة على الإيداعات، ما سيضغط على هوامش ربحيتها.

نزوح الودائع

وأشارت «فيتش» إلى أن التمويل والسيولة لدى البنوك القطرية يتعرضان للضغوط بدرجات متفاوتة جراء نزوح الودائع الأجنبية والقروض المتبادلة بين البنوك.

ولا يعد هروب الودائع مشكلة للبنوك فقط، وإنما للحكومة القطرية أيضاً، نظراً لاعتمادها المفرط على قطاعها المصرفي في تمويل الإنفاق على مشاريع مونديال 2022.

وتواجه مشاريع «المونديال» مشاكل جسيمة مع ارتباك التمويل وتباطؤ القطاع العقاري، فيما تواجه المشاريع الإنشائية المرتبطة بقطاعات الضيافة والسياحة أزمة حقيقية نتيجة نزوح السائحين وضعف معدلات الإشغال في الفنادق وتهاوي عائداتها.

حيث بدأت العديد من الفنادق ومنشآت الضيافة في تسريح العمال وإجبار الموظفين على إجازات مفتوحة غير مدفوعة بسبب ضعف عائداتها بصورة تقل عن مصاريفها التشغيلية، مما جعل المشاريع السياحية ومشاريع الضيافة والإسكان المرتبطة بالمونديال تعاني أزمة حقيقية.

تدهور السياحة

وبدأ المستثمرون العقاريون في إعادة النظر في مشاريعهم، فيما أصبحت المشاريع السياحية ومرافق الضيافة تحمل الكثير من المخاطر، لا سيما مع تدهور التدفق السياحي، حيث كان السائحون من السعودية والإمارات يشكلون نحو 75 % من إجمالي الإشغال الفندقي بفنادق الدوحة قبل اندلاع الأزمة.

كما تلقى الاستثمار العقاري السياحي ضربة قوية من الأنباء التي تتردد والإجراءات التي تعتزم دول مثل ألمانيا اتخاذها خطوات لسحب تنظيم كأس العالم من قطر، حيث تتزايد التوجهات والخطوات العالمية في هذا السياق نظراً للشبهات وقضايا الفساد والرشى التي شابت اختيار الدوحة وعملية التصويت التي أسفرت عن إسناد استضافة مونديال 2022 إلى قطر.

Email