«البيان» تفتح ملف «أكاديمية التدمير» بدعاوى التغيير

التخريب القطري أخطبوط متعدد الأصابع

ت + ت - الحجم الطبيعي

للتخريب القطري أدواته المتشابكة وأخطبوطه متعدد الأصابع، ومن ذلك «أكاديمية التغيير» التي تأسست انطلاقاً من تحالف شيطاني يجمع بين فلسفة جين شارب ونظرية بريجنسكي وثروة جون سوروس وسياسات الديمقراطيين في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وصولاً إلى خيانة «تنظيم الحمدين» ومن ورائها عمالة الإخوان وانتهازية بعض الليبراليين وقوى اليسار المتطرف في المنطقة العربية، انطلقت الأكاديمية من لندن عام 2005، حيث كان يقيم سعد بحار مهندس الكمبيوتر المهتم بالسياسة والتغيير، والذي تمكن من التواصل مع موقع أنشأه ثلاثة مصريين مقيمين في الخارج، ويروجون من خلاله لاستخدام أساليب سلمية للإطاحة بالنظام المصري.

وهؤلاء الثلاثة هم هشام مرسي زوج ابنة الإرهابي يوسف القرضاوي، ويعمل طبيب أطفال، والثاني وائل عادل ويعمل مهندس مدني والثالث كيميائي من أقارب عادل يدعي أحمد، وثلاثتهم تركوا مصر بحثاً عن عمل في لندن وهناك استلهموا الطريقة التي أطاحت بها حركة «أتبور» بالرئيس الصربي ميلوسوفيتش.

ومن خلال الموقع الإلكتروني، بدأ المصريون الثلاثة الترويج لأفكار العصيان المدني والإضراب والكفاح السلمي، وفي نوفمبر 2005 جاء وائل عادل إلى القاهرة وحاضر في ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام حول نفس الأفكار وكان من بين الحضور في الجلسة نشطاء من حركة كفاية، ألقى عليهم عادل دروساً في كيفية التجمع في إطار شبكة لا مركزية حتى يصعب على أجهزة الأمن تفريقهم أو اعتقال زعمائهم، وبعد ذلك التاريخ حول النشطاء المصريون الثلاثة نشاطهم النظري الذي كانوا يمارسونه من خلال الإنترنت إلى منظمة أطلقوا عليها «أكاديمية التغيير»، قبل أن تنتقل إلى الدوحة ويتبناها القيادي الإخواني القطري جاسم سلطان ضمن ما يسمى بمشروعات «النهضة».

وبحسب تعريفها لنفسها، فإن الأكاديمية مؤسسة علمية بحثية غير ربحية، تأسست رسمياً في لندن في مارس من العام 2006. ثم تأسس لها فرع الدوحة في 6 سبتمبر 2009. ثم تأسس فرع فيينا في 1 مايو 2010.

وهي وفق ذات التعريف «مبادرة شبابية مستقلة، لا تخضع في دعمها لأي دولة أو طرف سياسي»، الأمر الذي ينفيه الواقع حيث تعتبر دولة قطر الممول الرسمي للأكاديمية إلى جانب دعم أجنبي من مؤسسات ذات سمعة غير حميدة.

في العام 2006 كان أول نشاط معلن للأكاديمية بمنطقة المحلة في مصر عندما تم تنظيم إضراب عن العمل شارك فيه أكثر من عشرين ألف عامل نسيج ولمدة ستة أيام، من هناك تم تأمين الرعاية الإعلامية والقدرات التمويلية اللازمة للأكاديمية بعد أن تدخل القرضاوي مباشرة مع أمير قطر السابق الذي أوكل مهمة رعاية الأكاديمية إلى جاسم سلطان، فتوسع نشاط المؤسسة من خلال تحالفها مع حركة 6 أبريل التي استفادت من تلك العلاقة في حضور اجتماع في نيويورك يوم 20 نوفمبر 2008 تلته مشاركات في المؤتمرات العالمية للشباب في مكسيكو سيتي 2009 ولندن 2010، وقد دفع ذلك بالحركة إلى إبداء المزيد من التمرد على الدولة المصرية وأجهزتها الأمنية.

نظرية شارب

ويشير المراقبون إلى الدور المشبوه الذي قامت به أكاديمية التغيير في تنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة بالمنطقة العربية، ففي كتاب «قطر: خزيمة الأسرار» أكد الصحافيان الفرنسيان كريستيان تشينو وجورج مالبرونو أن القصة بدأت قبل سنوات، عندما اتخذت أميركا قراراً بتغيير الوطن العربي عبر الثورات الناعمة من خلال وسائط التواصل الاجتماعي، وفي سبتمبر العام 2010 نظم محرك «غوغل» في بودابست «منتدى حرية الإنترنت».

أطلقت بعده وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت مؤسسة «شبكة مدوني المغرب والشرق الأوسط». سبق ذلك وتبعه سلسلة من المنتديات في قطر بعنوان «منتدى الديمقراطيات الجديدة أو المستعادة». شارك في أحدها في فبراير العام 2006 الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون وكونداليزا رايس، وآنذاك تم الاتفاق على وثيقة سرية باسم «مشاريع للتغيير في العالم العربي».

وكان من نتائج ذلك أن أسس المصري هشام مرسي «أكاديمية التغيير» التي تضم عدداً من «الهاكرز» والمدونين وأطلقت في نوفمبر العام 2011 عملية «الثورة التونسية» التي كانت تدار مباشرة من الولايات المتحدة.

ويركّز الكاتبان الفرنسيان على اسم شخصية أميركية ذات علاقة مباشرة بما سمي الربيع العربي، أنه جين شارب صاحب فكرة «الثورة من دون عنف»، وتستند إلى الإنترنت وإلى «فيديو التمرد» بحيث يتم تصوير مشاهد تثير التعاطف حتى ولو كانت مفبركة، الأمر الذي استفادت منه أكاديمية التغيير ومعها قناة «الجزيرة» وقوى الإسلام السياسي وبعض الأطراف الليبيرالية واليسارية المتطرفة التي تبنت المشروع الأميركي للفوضى الخلاقة، اعتماداً على تكتيكات مهمة منها: التنقل بالاضطرابات بين المدن والمناطق، والعمل على تكرار التظاهرات والمسيرات وتكثيف تغطية والتعبئة الإعلامية الموجهة.

وتقوم شبكات متعددة بنقل كافة المعلومات الواقعة على الأرض إلى منظمات دولية كأمنستي انترناشونال وهيومن رايتس ووتش عبر شبكات الإنترنت والتفاعل الاجتماعي، والهدف من ذلك هو تقوية الضغط الدولي على النظام وتسبب في حرمانه من مشروعية دولية وإبعاد أصدقائه عنه وإضافة إلى استغلال مواقع التواصل الاجتماعي في الدعاية لانتهاكات النظام أمام الرأي العام الدولي.

وشارب هو مؤسس «معهد انشتاين» بإشراف الاستخبارات الأميركية مع الزعيم القومي الصربي سردجا بوبوفيتش الذي عمل للثورات البرتقالية في أوكرانيا وجورجيا. وبعد مغامراته تلك فإن شارب «راح يستقبل المتدربين الذين ترسلهم قطر وأميركا إلى بلغراد، وفي معهد انشتاين هذا تدرب محمد عادل مصر وهو عضو في أكاديمية التغيير في قطر».

انقلابات ناعمة

ولكن كيف كانت البداية من تونس؟ يجيب الكاتب اللبناني حسن محمد الزين مؤلف كتاب «الربيع العربي آخر عمليات الشرق الأوسط الكبير» بإن الإدارة الأميركية أعدت مشروعاً جاهزاً للإصلاحات العربية في 2010 قبل وقوع الثورات بعام كامل، ودفعت بكل عوامل التفجير الثوري العربي على تخوم 2011، كيف يمكنك الإثبات بأن حركة انتحار الشاب البوعزيزي كانت الشرارة التي أطلقت ما سمي بالثورات العربية وبين هذا الإعداد المؤامرتي، معتمداً في ذلك على تصريح خطير أدلى به صحافي في البيت الأبيض يدعى رايان ليزا في مجلة النيويوركر، قال فيه إن انتحار الشاب البوعزيزي حدث أثناء اجتماع لجنة الإصلاحات العربية التي شكلّها أوباما في أغسطس 2010 أي قبل أشهر من الربيع العربي، وهذه اللجنة مؤرخة بقرار دراسي رئاسي أميركي رقمه 11 بي أس دي نشرته بعض المواقع والصحف الأميركية الشهيرة، وكان يرأس هذه اللجنة دنيس روس وفي عضويتها توم دونيلون مستشار الأمن القومي وسامنتا بور مديرة ملف حقوق الإنسان والتنمية الدولية. وأكد هذه المعلومة الصحافي الأميركي الشهير ديفيد أغناتيوس، ولهذا وضع عنوان لمقالته أنذاك «المغامرة المحسوبة».

وهذا يعني أن أي حدث احتجاجي كان سيكون الشرارة الطبيعية، لأن أوباما أوصى اللجنة أن تكون التغييرات العربية طبيعية وأن تبدو كثورات أصيلة كي تنجح وتؤدي إلى التغيير الديمقراطي المطلوب. وهو أسلوب الإدارة من الخلف كما سمّاها الديمقراطيون.

ويستدل الزين على صحة هذا الاستنتاج بأن راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية تحدّث في إحدى مقابلاته الصحفية عن سوابق كثيرة لحركات الاحتجاج لشبان من تونس أحرقوا أنفسهم وخاصة في مدينة المنستير الساحلية. ولم تؤدِ إلى أي ثورة. لكن هذه المرة رفع الغطاء الأميركي عن النظام التونسي. والدليل الثاني هو عدم تحرك الجيش التونسي ووقوفه على الحياد بطلب أميركي أثبته عدد كبير من الإعلاميين العرب البارزين.

وذكر الكتاب الفرنسي الاستقصائي «قطر الصديق الذي يريد بنا شراً» أن هشام مرسي أطلق من واشنطن العملية التونسية. وليس من قبيل الصدفة أن «وثائق ويكيليكس» بدأت آنذاك نشر غسيل النظام التونسي وزوجة الرئيس ليلى الطرابلسي وأصهاره، إذ وجدنا تزامناً لافتاً بين «ويكليكس» والتحركات التونسية. وهذا الأمر أكده الباحث التونسي حسن مصدق في كتابه عن «ويكليكس» وثورات الربيع العربي.

وعن دور جين شارب يقول صاحب كتاب «الربيع العربي: آخر عمليات الشرق الأوسط الكبير»: «لست أنا من أهتم به فقد عرضت قناة الجزيرة وثائقياً مدته ساعة تلفزيونية تحت عنوان «أستاذ الثورة» وهو متوفر على موقع «يوتوب» ويعترف فيه بدوره في تدريب الناشطين العرب ومنهم شابان من سوريا هما أسامة المنجد وفداء السيد، وتبيّن أن لهما دوراً كبيراً في تحريك الاحتجاجات والأحداث في بداية العام 2011.

فضلاً عن وثائقي صناعة الثورات الذي نشر على أكثر من قناة عربية، لكن الذي أكد الأمر هو نشر موقع حركة الإخوان في مصر الخاص باللغة الإنجليزية لهذا الكتاب، وكذالك تدريس أكاديمية التغيير في قطر منذ 2006 للشبان والناشطين على تكتيكات جين شارب وعددها 198 تكتيكاً.

Email