«دبلوماسية الشيكات» القطرية قلبت مسار الحراك المدني في سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

فند أستاذ القانون الدولي السياسي السوري د. محمد خالد الشاكر (الذي شارك بدراسة في كتاب إشكاليات السياسة القطرية الصادر عن مركز المزماة للدراسات والبحوث) الدور القطري في بلاده، مستعرضًا كذلك أبرز المسارات القانونية التي يمكن من خلالها ملاحقة رؤوس النظام القطري في المحاكم الدولية.

واستهل الخالد حديثه بالتأكيد أن الدوحة مارست كظاهرة سياسية أدوارًا على العلن في دعم القاعدة وجبهة النصرة، وهي لم تتورع في اللعب على المكشوف، منذ أن كان يظهر أسامة بن لادن على قناة الجزيرة كرمز للشباب العربي والمسلم.

وتابعت الأدوار ذاتها عندما أظهرت على شاشتها زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، وهو يجلس على كرسي محافظ إدلب، في إشارة واضحة لتصدير دولة الإرهاب، وفي انتهاك صارخ للقرارات الدولية التي صنفت جبهة النصرة وداعش كتنظيمين إرهابيين.

أما على صعيد التمويلات المالية، فقد انتهجت قطر وفي إطار سياسية «دبلوماسية الشيكات» دورًا في تمويل الجماعات الإرهابية بشكل واضح، وبدعم إقليمي واضح قادته حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا، التي رعت جميع حركات الإسلام السياسي المتطرف، بدءًا من تبني أردوغان جماعة الإخوان، كتنظيم يشكل الأب الروحي لجميع هذه الحركات.

إذ شكل التنظيم الدولي للإخوان، أول مرجعية فكرية تقوم على فكرة «الدولة الدينية»، التي تستند على «حاكمية سيد قطب» الذي يعد أول من قام بتكفير الدولة والمجتمع في العصر الحديث، ومن هذا التنظيم انسلخت جميع قيادات وتنظيمات حركات الإسلام السياسي المتطرف.

مشروع إرهابي

وتابع الشاكر، وهو عضو قيادي في تيار الغد السوري، في تصريحات لـ «البيان»: «ساعد وصول الملالي في إيران إلى تحويل هذه الحركات إلى مشروع إرهابي عالمي عندما طرح الخميني أيضًا فكرة الدولة الدينية الجامعة التي تضمنها الدستور الإيراني، والذي اعتبر الإسلام هو الإسلام الإيراني دون غيره، ما يعني تكفيراً وحاكمية جديدة لجميع دول المنطقة العربية.

مشددًا على أن «ما يحدث اليوم من اصطفافات إيرانية تركية قطرية يؤكد تاريخية وعمق هذا الفكر، ودوره في تحويل المنطقة إلى دول فاشلة كما حصل ويحصل الآن في لبنان وسوريا واليمن والعراق».

وأضاف:«أما بالنسبة للأدوار القطرية في الملف السوري، فلابد من القول ان أكبر إشكالية واجهت الملف السوري هي محاولة قطر القفز فوق إرادة البيت العربي والخليجي، فتصدرت المشهد الثوري، في عملية سياسية أكبر بكثير من حجم قطر؛ لذلك سار المسار العسكري والمسار السياسي لهذه الثورات في اتساق واحد.

وذلك بالتنسيق مع القوى الداعمة للحركات الإرهابية، حيث قادت تركيا على مستوى الإقليم محاولة تصدر الإخوان المشهد السياسي، بالتوازي مع الأدوار التي لعبها المال القطري إلى جانب الأيديولوجيا الإسلاموية لحزب العدالة والتنمية، ما مهد لأدوار تدميرية قلبت مسار الحراك المدني في سوريا، وتم الالتفاف على جميع المكونات المدنية، ليقتصر الدعم على جماعة الإخوان، بما نجح في تحييد القوى المدنية الديمقراطية».

مسارات قانونية

وبالنسبة للمسارات القانونية التي تسلكها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، أفاد الشاكر بأنه لا بد من القول إن تلك المسارات ليست مسؤولية الدول الداعية لمكافحة الإرهاب وحسب، بقدر ما تشكل في فقه القانون الدولي العام، ما نسميه بـ«القواعد الآمرة» أي أنها قواعد ملزمة لجميع دول العالم.

وقد صدرت الكثير من قرارات مجلس الأمن الدولي، تحت إلزامية الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، التي تطالب الدول بالتعاون في مكافحة الإرهاب لجهة الإيواء والتمويل والدعم المادي واللوجستي والتسهيل لملاذاتهم الآمنة، منها الدولية كالقرار 1860 و1373 لعام 2001 والقرارات الصادرة بشأن الأزمة السورية بخصوص تنظيمي داعش والنصرة ومن يقف وراءهما، وآخرها القرار 2254 بخصوص الحالة السورية.

Email