ضعف إيران وقطر والدعم الدولي للشرعية وهزائم الميليشيات الانقلابية المتلاحقة

استطلاع «البيان»: 3 عوامل أفرزت مواجهات الحوثي وصالح

ت + ت - الحجم الطبيعي

اتفق المشاركون في استطلاعين للرأي أجرتهما «البيان»، الأول على موقعها الإلكتروني، والثاني على حسابها في «تويتر»، على أن الصدامات بين ميليشيات الحوثي وأنصار الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح نتجت عن أسباب عدة، تم حصرها في 3 أسباب رئيسة، وهي: هزائم الانقلابيين المتلاحقة أمام قوات الشرعية المدعومة من التحالف العربي، وضعف الداعميْن إيران وقطر، والدعم الدولي الذي تحظى به الشرعية في اليمن.

وأرجع المشاركون في استطلاعي «البيان» حدوث الصدامات بين طرفي الانقلاب في اليمن إلى العوامل الثلاثة المشار إليها مجتمعة، وهو ما عبر عنه 63 في المئة من المستطلعة آراؤهم على حساب «البيان» في «تويتر»، مقابل 60 في المئة عبروا عن الرأي ذاته على موقع «البيان».

وفي التفاصيل، رأى 19 في المئة من المستطلعة آراؤهم على الموقع أن الصدامات بين طرفي الانقلاب في اليمن تعود إلى هزائم الميليشيات الانقلابية المتلاحقة، وذهب 7 في المئة من المستطلعة آراؤهم إلى ذلك على حساب «البيان» في «تويتر».

وفي حين عزا 14 في المئة من المستطلعة آراؤهم على الموقع هذه الصدامات إلى ضعف الداعميْن إيران وقطر، في حين رأى 26 في المئة ذلك في استطلاع «البيان» على «تويتر»، أما عامل الدعم الدولي للشرعية فذهب 7 في المئة من المستطلعة آراؤهم على الموقع إلى أنه يعد سبباً رئيساً في الاشتباكات التي شهدتها العاصمة اليمنية بين طرفي الانقلاب، وعبّر 4 في المئة عن ذلك أيضاً في استطلاع «البيان» على حسابها في «تويتر».

هزائم متوالية

وفي قراءة تحليلية لنتائج استطلاعي «البيان»، أكد سياسيون وناشطون يمنيون أن الخلافات بين طرفي الانقلاب مردها في الأساس الهزائم المتوالية التي مُني بها هذا التحالف وسعي حزب المؤتمر الشعبي لإبرام اتفاق لإنهاء القتال، استناداً إلى مقترحات المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وهو ما ترفضه ميليشيات الحوثي.

وأوضح الناطق باسم حزب العدالة والبناء، بليغ المخلافي، أن إدراك حزب المؤتمر الشعبي وقيادته استحالة الاستمرار في القتال وإظهاره القبول بخطة ولد الشيخ بشأن إنهاء الأزمة عبر خطة تسليم ميناء الحديدة كانت الدافع الرئيس إلى هجوم الحوثيين على الحزب واتهامه بإضعاف الجبهة الداخلية والركون إلى العمل الجماهيري.

وأشار إلى أن الشروط التي وضعتها الميليشيات للسماح بالمهرجان الجماهيري لحزب المؤتمر عكست بشكل واضح اتجاهات الطرفين، حيث أدرك المؤتمر الشعبي استحالة تحقيق أي انتصار، فيما اعتبرت الميليشيات ذلك خذلاناً لها، ورفعت شعار دعم الجبهات والتصعيد في مواجهة التصعيد.

وبالمثل، يشير الناشط السياسي، وضاح شمسان، إلى أن الانتصارات التي تحققت في أكثر من جبهة والتقارب بين الميليشيات الحوثية مع قطر من أهم عومل برود الخلافات التي ظلت تنمو منذ الانقلاب، ومحاولة إحكام السيطرة على العاصمة والمناطق الشمالية.

وذكر شمسان أن التهديدات التي أطلقتها الميليشيات تجاه المؤتمر الشعبي وقيادته وتعزيز انتشارها في صنعاء ومحاولة حشد مقاتلين، جددت كلها تحركات أتت بعد القبول المبدئي لحزب المؤتمر الشعبي لهذه التسوية المقترحة من الأمم المتحدة، التي تبدأ بالانسحاب من ميناء الحديدة. ونوه بالنقد الشديد الذي وجهه الرئيس المخلوع علي صالح لشركائه بالانقلاب بالاستيلاء على الأموال العامة ورفض صرف رواتب الموظفين.

وقال إن الأيام المقبلة، في ظل الانتصارات المتواصلة لقوات الشرعية والتخبط في السياسة القطرية، ستزيد من مساحة الخلافات بين الطرفين.

دعم الشرعية

أما الخبير الإعلامي د. فيصل الحذيفي فأكد أن نذر الصدام التي بدأت جلية بعد احتفالية صالح بذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام تزداد وتيرته يوماً بعد آخر.

وأضاف: «فلربما لم يكونا يتوقعان تماسك الشرعية واستمرار استعادتها للأرض وإمساكها بزمام المبادرة على المستويين الإقليمي والدولي، في ظل تراجع الدعم لطرفي الانقلاب من قبل حلفائهم الذين انفرط عقدهم وبان ضعفهم، ونحن على موعد مع استعادة كامل التراب اليمني بالرهان على قوة جيشنا وقيادتنا السياسية، وعلى دول التحالف التي حددت هدفها وبوضوح، وهو دعم واستعادة الشرعية في اليمن وفق المرجعيات الثلاث».

وأضاف بالقول: «وبرأيي إن التصادم بين طرفي الانقلاب صالح والحوثي مرده إلى نفاد هرمون الصبر الذي تظاهرا به طيلة فترة تحالفهم، فلكل منهم أجندته الخاصة وطموحه الخاص، فصالح يطمح إلى العودة للسلطة من خلال القادمين من أتون الكهوف الذين لا يملكون أي رصيد أو خبرات سياسية، وتحالفهم وقبولهم بصالح -قاتل مؤسس حركتهم- لرغبتهم في القضاء على خصومهم السياسيين والاجتماعيين، واستعادة السيطرة على اليمن من باب المذهب والأحقية الإلهية».

تعارض الأهداف

من جانبه، يعيد الأمين العام المساعد لحزب اتحاد القوى الشعبية، عبد السلام رزاز، ما هو حاصل إلى طبيعة الهدف الذي ارتكز عليه هذا التحالف، فطرفا الانقلاب لكل منهما هدف خاص يتعلق بالحكم والموقف من الشراكة، فالحوثي تحالف مع صالح ليصبح الحاكم الوحيد، وصالح قبل بالتحالف لتصفية الحسابات مع خصومه والعودة إلى ما قبل 2011، أي أن لكل طرف هدفه الخاص والمتعارض مع هدف حليفه، حتى إن موضوع الشراكة بينهما غير وارد.

تكتيك هش

بدوره، اعتبر المحلل السياسي اليمني عارف الصرمي الصدام بين جماعة الحوثي وصالح «صراع منطقي ومبرر»؛ لأن تحالفهما لم يكن تحالفاً مؤسساً على أرضية صلبة، فهو «تحالف تكتيكي هش يتمزق اليوم أمام أعين الجميع».

وتابع الصرمي - في تصريحات لـ«البيان» - قائلاً: «أعقد بأن هذا التحالف لم يستطع تجاوز حجم الثغرات الموجودة بين الطرفين، فصالح حينما كان رئيساً لليمن أشعل ست حروب في وجه الحوثيين، في بداياتها قتل مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، وأثناء الحرب مات أيضاً والدهم بدر الدين الحوثي، ولا يمكن أن تنسى جماعة الحوثيين مشكلتهم مع صالح ودم مؤسس حركتهم».

والصراع بين الحوثي وصالح هو صراع على من سيملك زمام الأمور منفرداً، لا سيما أن طرفي الانقلاب ليس فيهما طرف يقبل بأن يكون له شريك، ويريد كل منهما أن يحكم اليمن منفرداً، حسب الصرمي الذي شدد على أنه «لا يوجد فرق بين الحوثي أو صالح في النتيجة، فكلاهما يريد أن يحكم، ولديهما جنون السلطة، مع الفارق، من حيث إن الحوثي يستعجل الأمور ويريد أن يختصر الزمن ويبتلع اليمن بشكل كامل وعاجل».

واستطرد: «أعتقد بأن التحالف بين كليهما مستحيل، وهما يحتاجان الآن إلى فك ارتباط ناعم لتحالفهما، وهو أمر مستبعد حالياً، والوضع الطبيعي أنهما سيخوضان معركة، ويتمنى المراقب من الداخل والخارج ألا تضاف إلى اليمن حرب أهلية جديدة، وينتظر الجميع إمكانية أن يدمر طرفا الانقلاب بعضهما بعضاً، ومن ينتصر سيكون ضعيفاً هزيلاً يسهل ابتلاعه بعد ذلك».

علاقة مصلحة

ومن الأردن، أكد عضو مجلس النواب، محمد الحجوج، أن الصراع الذي ظهر بين الحوثيين وصالح هو صراع ناتج عن عوامل عديدة، في مجملها شكل من أشكال تسوية المنطقة إقليمياً ودولياً، وأن العلاقة بينهما في الأصل هي علاقة قائمة على المصلحة ومؤقتة، وأي حالة من الضعف ستهز بهما.

وأضاف: «فضعف الدعم المقدم لهم من قبل إيران وقطر من شأنه أن سيزيد من الخلافات الداخلية من دون شك».

وفي السياق ذاته، يرى الكاتب الصحافي جهاد أبو بيدر أن ما يحدث ناتج عن هزائم الانقلابيين أمام الشرعية، إضافة إلى تراجع الدعم الإيراني والقطري لهم ووجود الشرعية، وأن تحالف صالح عسكرياً مع الحوثيين المراهن على الإمدادات الإيرانية والقطرية أدخله في مرحلة فشل للمرة الثالثة.

إضافة إلى أن صالح حاول سحب عدد من أعضاء البرلمان من أجل سحب الشرعية من الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلا أن الدعم الدولي للشرعية والوضع العام في اليمن ذهبا على عكس ما يتمناه المخلوع.

Email