محللون يرصدون لـ «البيان» خيارات الدوحة وغربة الشعب القطري عن قيادته

«تنظيم الحمدين» بوابة الأطماع الإيرانيـــــــة ضد العرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

أبت قطر إلا أن تواصل الانغماس في بئر خيانتها، فلجأت أول ما لجأت عقب قرارات المقاطعة إلى إيران بشكل خاص تستقوي بها في مواجهة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، لتجد طهران فرصة ترسيخ تواجدها بالمنطقة مقدمة على طبقٍ من ذهب، فهي الساعية إلى تحقيق مشروعها الذي لم يصبح خفيًا على أحد، والذي لطالما سعت لإيجاد مواطئ قدم مباشرة في دول بالمنطقة لتنفيذ ذلك المشروع، فكانت الاستغاثة القطرية المارقة الفرصة الأهم.

نسجت إيران شراكها حول قطر التي جاءتها طواعية قابلة بامتطائها لتكون معبرًا للأحلام والطموحات الإيرانية في المنطقة، دون أدنى اعتبار للأمن القومي الخليجي والعربي بصفة عامة، وهو المصطلح الذي لا يدركه نظام الدوحة الذي يسعى للانحلال عن كل رابط عربي عقب أن ارتمى في أحضان مخططات تدميرية تمثل فيها قطر قلب الهجوم الذي يتبع سياسات عدوانية تجاه جيرانه وأشقائه لصالح تلك المخططات التي تنفذها الدوحة أملًا في تحقيق حلم الزعامة.

عززت قطر تلك العلاقات الوطيدة مع إيران بقرار عودة السفير، ذلك أن الدوحة تتبع سياسة «المكايدة السياسية» في مواجهة دول المقاطعة. الأمر الذي يفتح أبوابًا إضافية لتعزيز أقوى لتلك العلاقة القائمة على أساس المصلحة والمقامرة على أمن المنطقة واستقرارها.

لا فكاك

ويرصد مراقبون في هذا الإطار سيناريوهات العلاقة بين الدوحة وطهران على المستوى القصير والمتوسط والطويل، ووجدوا أن قطر لن تستطيع فكاكًا من تلك العلاقات في ضوء المصالح المشتركة وحتى لو تم الوصول لصيغة اتفاق مع دول المقاطعة ينهي الأزمة. إذ تبدي قطر حرصًا غير مسبوق على توطيد حكاية العشق الممنوع تلك.

في الإطار الثنائي المرتبط بالعلاقات بين قطر وإيران فإن كل طرف ينظر لتلك العلاقة من وجهة نظر مصالحه الخاصة، حسب ما يؤكده مساعد وزير خارجية مصر الأسبق السفير حسين هريدي، فإيران تحاول انتهاز الخلافات بين المجموعة العربية وقطر لترسخ وجودها في دولة من دول مجلس التعاون الخليجي وهي قطر وتسعى لتضييق الخناق على المملكة العربية السعودية بشكل خاص، لاسيما أنه من وجهة نظر إيران فإن مواجهتها مع السعودية هي التي تحكم العلاقات مع قطر.

بينما قطر فهي في موقف لا تحسد عليه أبدًا. وهي ساعية إلى الاستفادة من تحالفها الاستراتيجي مع تركيا من جانب، ومن التقارب مع إيران من جانب آخر، من أجل التخفيف من الضغوط الاقتصادية والتجارية والمالية الواقعة عليها عقب قرارات المقاطعة، وفق هريدي، الذي استبعد فكرة أن تنتهي العلاقات بين طهران وقطر حال التوصل لحل للأزمة الراهنة بين الرباعي العربي والدوحة. وقال «إذا وصلنا لحل للأزمة أشك أن تتأثر العلاقات القطرية الإيرانية سلبًا بأي حال من الأحوال» ذلك في ظل تمسك الطرفين بتلك العلاقة القائمة على أساس المصلحة.

ثغرة لإيران

وأعطت قطر لإيران الثغرة التي تحلم بها. ويقول مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور سعد الزنط: «أعتقد بأن قطر لجأت لإيران كنوعٍ من المكايدة السياسية، وهذا التصرف ليس فيه حكمة ولا رشد في التصرف. وأضاف: العلاقة بين إيران وقطر لا نستطيع أن نقول إنها مجرد علاقة قائمة على أساس المصلحة الآنية وسوف تنتهي بانتهاء الأزمة الراهنة التي تعاني منها قطر عقب قرارات المقاطعة، يمكن أن نتوقع ذلك فيما يتعلق بالعلاقة بين قطر وتركيا مثلًا.

لكن المسألة مع إيران مختلفة تمامًا، فمن يدخل مع إيران في تلك النوعية من العلاقات لا يستطيع منها فكاكًا وتقوم طهران بنسج شراكها المقيدة حوله، لأن طهران تدرك أهمية تلك العلاقات بالنسبة لها ومن الصعب أن تتخلى عنها.

ويشير الزنط في تصريح لـ«البيان» إلى أنه لا يعتقد بأن يكون هنالك انفصالًا محتملًا بين قطر وإيران حتى لو تم التوصل لحل للأزمة الحالية، فعلى المستوى القصير كل من قطر وإيران يستفيدان من تلك العلاقات، بينما على المستوى الأبعد فإن إيران وحدها المستفيدة بما يمثل ذلك من خطورة على مستقبل الأمن القومي الخليجي، لاعتبار أن وجود إيران في قطر هو تهديد مباشر لكل دول الخليج وليس المملكة العربية السعودية وحدها، وتتمسك إيران بتلك الفرصة ولا تتركها، وتلعب على وتر حاجة قطر إليها عقب أن لجأت إليها ووجدت فيها المنقذ لها في وقت شدتها.

خيارات ضيقة

من جهته، ألقى مدير النادي الدبلوماسي المصري للشؤون الخارجية ومستشار مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية السفير أشرف حربي، الضوء على الخيارات التي تواجهها قطر في المرحلة الحالية في ظل ما أبدته من إصرار وعناد على موقفها، واصفًا الخيارات القطرية بـ«الضيقة»في ضوء تداعيات المقاطعة وردود الأفعال حولها.

وقال حربي في تصريح لـ«البيان»إن خيارات قطر ضيقة، فهي إما أن تعود إلى السرب الخليجي والعربي أو أنها ستذهب إلى خارج الإطار العربي والعمل العربي المشترك، ما سيجعلها في اصطاف مع بعض القوى الإقليمية التي ليست لها علاقات مودة أو علاقات طيبة مع دول الخليج، وعلى رأسها إيران.

وتابع الدبلوماسي المصري: بالنسبة لخيارات دول المقاطعة فسوف تستمر في هذا الموقف المتخذ من جانبها، إلا إذا تراجعت قطر عن صلفها وتشددها في أن تكون خارجة عن الإطار العربي والخليجي.

وأعتقد بأن إصرارها على التعنت سيؤدي بها إلى نهاية غير طيبة أو نهاية ليست سعيدة بالنسبة للشعب القطري، فالشعب القطري هو شعب خليجي وعربي وليس من مصلحته أبدًا أن يكون بعيدًا عن هذا المناخ وأن يكون بعيدًا عن الإطار الذي من المفترض أن يعمل في داخله تحت عباءة واحدة وهي العباءة العربية الخليجية.

غربة القطريين

وحول ما إذا كانت هنالك قرارات وخطوات مرتقبة أخرى يمكن اتخاذها ضد قطر، أفاد مستشار مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية لـ«البيان»بأن الخطوات التي اتخذتها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب كافية تمامًا لما كان لها من تداعيات ظهرت بوضوح.

سواء من ناحية إحساس الشعب القطري بالغربة عن القيادة القطرية، أو على مستوى التداعيات الاقتصادية التي أصبحت تؤثر تأثيرًا بالغًا في اقتصاد الدوحة والنمو الاقتصادي لدولة قطر، وهو ما اتضح من خلال البيانات والإحصائيات والمؤشرات الاقتصادية والمالية التي نشرت مؤخرًا من جانب العديد من كبريات المؤسسات المالية الدولية ومراكز الدراسات.

وفي سياق متصل، تحدث حربي عن العلاقة بين قطر وحلفائها الذين استنجدت بهم في مواجهة الرباعي العربي، ورأى أن حلفاء الدوحة "لن يتخلوا عنها"، لاسيما أنهم وجدوا مصلحتهم تتحقق دون دفع كبير منهم، إذ كيف يتخلون عن دولة ارتمت في أحضانهم وأتاحت لهم ثغرة في البيت العربي.

وهو ما يتجسد في الشق التجاري على وجه التحديد والبضائع والمواد الغذائية الإيرانية والتركية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، في حركة نشطة جدًا، حتى فيما يتعلق بالجانب العسكري من خلال القاعدة العسكرية التركية، وإمداد تركيا لقطر بكل ما تحتاجه من معدات وقوات.

Email