كتاب يفضح أفلاطون الدوحة وصبي الموساد

Ⅶ قطر أداة تخريب في مصر ودول المنطقة | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعد كتاب «تحت خط 48 عزمي بشارة وتخريب دور النخبة الثقافية» لمؤلفه د. عادل سمارة، من أهم المداخل لفهم ظاهرة عزمي بشارة، أفلاطون الدوحة وصبي الموساد والعضو الأسبق بالكنيست الإسرائيلي الذي يشرف حالياً على وضع سياسات النظام القطري ويحدد توجهات خطابه الفكري والإعلامي.

ويشرف على استقطاب مثقفين وأكاديميين وضمهم إلى جوقة التآمر على العقل العربي خدمة لمشروع تنظيم الحمدين التخريبي.

وخلال أقل من شهر، صدرت طبعتان من الكتاب الذي جاء في 204 صفحات، الأولى في بيروت عن مكتبة بيسان والثانية في أراضي العام 1948 عن منشورات شمس في بلدة جت بالمثلث، ما يشير إلى طبيعة وخصوصية المضمون وما طرحه من معطيات وأسرار حول سيرة ومسيرة وتجربة عزمي بشارة داخل الخط الأخضر وخارجه.

وكذلك إلى أهمية أن يكون صاحب الكتاب هو أحد كبار الكتاب والمفكرين الفلسطينيين الذين عرفوا بشارة عن قرب، وعايشوا تحولاته الفكرية والحزبية والسياسية، حيث يقول سمارة:

«مشكلة بشارة ترتد في بداية انكشافها إلى عام 1994 حينما بدأت تظهر في كتاباته وأحاديثه أعراض سرطان الصهينة وتحديداً دخول الكنيست، وهو ما التقطته، نظراً لأننا تعارفنا منذ 1987 بعد عودتي من لندن من خلال صديق حمصي الأصل متوفى هو الشاعر حنا حوشان، كان عزمي حينها قد ترك الحزب الشيوعي بعد أن أهانه إيميل حبيبي بنعته بالحمار على مسمع آخرين وحين تعارفنا كان عزمي يرطن بالهيغلية ـ كمقدمة كما لاحظت بعدها ـ كي يدخل على المسألة القومية.

طبعاً هذا التوجه يبقى وجهة نظر هذا مع العلم بأن هيغل، هذا الفيلسوف الكبير، هو من مؤسسي التنظير القومي الشوفيني في ألمانيا، ولكن كيف انتقل بشارة إذاً من الشيوعية إلى القومية عبر فيلسوف شوفيني، وليس عبر انبهاره بنظرية علم الجمال لدى هيغل مثلاً؟ هذا سؤال لم أجد الإجابة عليه».

اختيار طبيعي

وبحسب عادل سمارة «يمكن للمرء أن يكون قومياً تماماً في مرحلة التحرر الوطني والقومي، وهذا اختيار طبيعي، وحينما يجد المرء نفسه أو تجد النظرية نفسها أمام سؤال ما بعد التحرير والاستقلال والتحرر، حينها عليه الإجابة، وحينها يكتشف حتى أن ديالكتيك هيغل حقاً يمشي على رأسه، وهو بحاجة إلى لكمة هائلة من ماركس ليقف على قدميه .

ولكن ما كان واضحاً، أن عزمي بشارة الذي بدأ يطرح نفسه قومياً، قد حافظ على الاعتراف بالكيان الصهيوني الذي يقف على نقيض، بل على أنقاض الشعب الفلسطيني، وهو الوقوف النقيض الذي يستدعي كافة النظريات والمواقف القومية حتى الشوفينية منها، وهذا يطرح السؤال العجيب:

مثقف يقبل ويقتنع باستعمار استيطاني اقتلاعي ضد شعبه ووطنه مأخوذ بالتحريفية الشيوعية الستالينية وفي الوقت نفسه يرفع شعار الاعتقاد بالقومية العربية التي يُفترض بما هي قومية وعربية أن تكون نقيضاً، بل النقيض الأول والمباشر لوجود الكيان الصهيوني الإشكنازي».

ويشير سمارة إلى أن هذه القضايا هي التي أسست لديه قلقاً في العلاقة مع عزمي بشارة وهي علاقة كان قد وضعها قيد المتابعة والتحليل. ومنها استنتج أن الرجل يخطط لامتطاء القومية كي يصل إلى ما يريد، وهي أمور لم يكن الكاتب يعرفها بوضوح حينها، يقول: «لكنني تساءلت من جانب آخر:

ما الذي سوف يجنيه عزمي بشارة من رفع لواء القومية في مرحلة كانت لا تزال القوى القومية واليسارية في حالة تردٍّ، بينما كانت قوى الدين السياسي تغطي شاشة المرحلة؟ بل حتى قوى منظمة التحرير كانت قد تورطت في الخروج من لبنان وكانت متورطة في قُطرية بدأت بمزايدات عالية أثناء الكفاح المسلح وانتهت إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني مباشرة أو مداورة».

ولعل أسباب بشارة تتلخص في أنه، أولاً لا يستطيع الدخول في أحزاب دينية كالحركة الإسلامية، وهي بالطبع لا تقبل من ليس مسلماً وثانياً في أن الشعار القومي، رغم انحطاط وضع القوى القومية، يمكن أن يجد مساحة بين فلسطينيي 1948.

حيث الصراع مع الكيان يستدعي لا شك الانتماء القومي، لذلك غادر الحزب الشيوعي لأنه يعلم أن ليس بوسعه وصول مركز قيادي فيه وأن الجمهور الذي يمكنه استغلاله هو الجمهور القومي وليس جمهور الحزب الشيوعي ولعل الأهم، أن عزمي بشارة قد أقام ارتباطاً مبكراً مع سلطة الكيان والتي كانت تهيئه لاختراق الوطن العربي، ومن أجل هذا فالأنسب أن يطرح نفسه قومياً، أي لا شيوعياً ولا إسلامياً.

المنفي الذي لم ينفَ

يردف الكاتب أن عزمي بشارة «وقد تربى في أحضان الحزب الشيوعي الإسرائيلي (القائمة الشيوعية الجديدة اختصارها بالعبرية راكاح) وهو المناخ السياسي الذي يعتبر الكيان الصهيوني الأشكنازي واقعاً قائماً يبدأ النقاش معه وعنه بعد الإقرار بوجوده و«حقه» على أرض فلسطين. لم أكن أسمع منه ما يخالف هذا.

وكان سؤالي: ترى هل خرج من راكاح فقط لأن إميل حبيبي شتمه؟ هل هذا كافٍ للخروج؟ لا سيما وأنه يحمل جوهرياً نفس موقف الحزب من الكيان. فالكثير من الحزبيين يدافع عن نفسه داخل الحزب بالكلمات، وإن استعصى الأمر فباللكمات».

ويتابع قائلاً: «تزايدت شكوكي بعدها حينما اندفع في عرض نفسه كقومي عربي وناصري، وعقد تحالفاً مع حركة أبناء البلد (في فلسطين 1948) إثر تشكيل حزبه التجمع الوطني الديمقراطي.

وخلال هذه العلاقة أقنع أكثرية اللجنة المركزية لهذه الحركة بأن تسمح لعناصرها بالتصويت في الكنيست، ربما لأنه على تماس يومي معهم في المحتل 1948، أو لأن ميل أكثرية اللجنة المركزية هناك لهذا الاتجاه، أو لأن عزمي قد بدأ من رام الله عبر إقامة علاقات مع قوى منظمة التحرير يسارها ويمينها ليعود إلى فلسطينيي 1948 مقبولاً من قوى منظمة التحرير وهذا مدخل لا شك فيه تكتيك مميز، لم يتضح في حينه أنه ليس تكتيك عزمي بل تكتيك الموساد».

ويبرز د. سمارة أنه كتب الكثير نقداً لأطروحات عزمي بشارة منذ عام 1994، ولعل أكثرها تفصيلاً كان ما كتبه في مجلة كنعان العدد 85 أبريل 1997، (ثنائية القومية والحكم الذاتي الثقافي ودولة لكل مواطنيها . مشاريع صهيونية).

ولكن الرجل كان قد اخترق سوريا إلى لبنان وأصبح أيقونة قومية حتى لدى ميليشيات حزب الله، ومما يثير السخرية أن أحد مسؤولي مركز دراسات الوحدة العربية سُئل ذات مرة: كيف تستقبلون عزمي بشارة وهو عضو كنيست؟ فأجاب نحن ندعوه كفيلسوف!

ويضيف: «بعدها قدمت مداخلة في الناصرة في مؤتمر حركة أبناء البلد 6 يونيو 1998، بعنوان: قد يضمن الكمبرادور أمن الدولة الإشكنازية، أما الأمان فيحققه وطن عربي اشتراكي ونشرت في مجلة كنعان العدد 93 نوفمبر 1998 وكان جوهرها رداً على مختلف أطروحات أنواع الدول لحل الصراع العربي الصهيوني.

ولكن كانت حينها حركة أبناء البلد قد تورطت على يد عزمي بشارة في التصويت وتراجعت عنه بعد ذلك ولا تزال تئن من ذلك الموقف وبالطبع تمكن عزمي من شق الحركة وأخذ الكثير من قياداتها وعناصرها وهذا ما ركز لدي التخوف من علاقاته بالشين - بيت».

ولا يزال سمارة يعتقد أن قبول الكثير من العرب ساسة وأحزاباً ومثقفين لعزمي كعضو كنيست لا يعود إلى قدرة خارقة لديه، بل يعود إلى قابلية داخلية لدى كثيرين من هؤلاء للاعتراف بالكيان.

وهي قابلية ترتد إلى مستوى من استدال الهزيمة أو العجز عن فهم: ما معنى عضوية كنيست وقسم يمين الولاء للدولة اليهودية، يقول: «بعد أن هاجر عزمي إلى قطر، برز السؤال الآخر: لماذا خرج؟ ولماذا احتفت به قطاعات من العروبة كبطل إلى درجة عدم الجرأة على تصديق أنه رحل ولم يُنفَ؟

بلد مأمون

واختار عزمي بشارة بلد مأمون المناخ الأمني والسياسي والثقافي والعسكري وهو قطر لأنها بعيدة عن مرمى القومية العربية وهي محمية أميركية ربما عدد الجنود الأميركيين فيها أكثر من العرب الذين هم 12 في المئة من سكان قطر. هناك، لن يطول الرجل أحد مهما فعل. وهناك المكان الطبيعي ليواصل دوره في تخريب الوعي السياسي للشارع العربي باسم القومية وعبر فضائية الجزيرة».

Email