مليارات أغدقتها الدوحة على أحزاب وجمعيات وجماعات

أخطبوط مالي قطري لدعم الإرهاب في الـــــــمغرب العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تزال دائرة الجدل تتّسع في دول المغرب العربي حول دعم «تنظيم الحمدين» لقوى الإسلام السياسي وعلى رأسها تلك التي ترتبط بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية. وقال القيادي في حزب آفاق تونس والنائب بمجلس نواب البرلمان التونسي علي بنّور، إن «الأموال التي دخلت تونس كانت تحت عناوين جمعيات خيرية، ونحن نعرفها، حتى إن بعض الجمعيات الخيرية تحمل في رصيدها ما يناهز 500 مليون دولار، وهذه الأرقام خيالية». وأضاف «لا أحد حتى الساعة يملك من الشجاعة ما يكفي للتحدث عنها، باعتبارها تملك نفوذاً وتعيش بضخ الأموال القطرية أو الممولة من قطر»، متمنياً في الوقت ذاته أن «يتحلى رئيس الحكومة بإرادة سياسية ويعطي الأوامر للتحقيق في هذه الجمعيات».

وأضاف بنور في تصريحات صحافية: «لدينا نحو 20 ألف جمعية من بعد الثورة، وبعض هذه الجمعيات استعمل لتبييض مليارات الدولارات، وقد ذهب جزءٌ من تلك الأموال إلى عبدالحكيم بلحاج، القيادي بالجماعة المقاتلة في ليبيا، فيما ذهبت إلى جمعيات خيرية في تونس، وهناك جانب منها ذهب إلى أحزاب سياسية، وأخيراً شن رئيس الحكومة التونسية حرباً على الفساد».

تمويلات مشبوهة

جاءت تصريحات بنور بعد أن أعلن الحزب الدستوري الحر التونسي أنه وضع على مكتب رئيس الحكومة يوسف الشاهد ملفاً يتضمن تقارير تفيد بحصول حزب حركة النهضة الإخواني على تمويلات من قطر، وقال: إنّه تقدّم بكتاب إلى رئيس الحكومة لفتح تحقيق جدي حول تمويلات أجنبية تتلقاها أحزاب سياسية والتحري في كل التصريحات والشبهات التي تحوم حول الثراء الفاحش والإمكانات الكبيرة لأحزاب تونسية على رأسها حركة النهضة.

كما طالب الحزب بالتثبّت من مدى توجيه تمويلات لشبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر وتتبع المتورطين فيها أحزاباً أو أفراداً، مشيراً إلى أنّه أرفق الكتاب الموجّه إلى رئيس الحكومة عبر محضر معاينة وقرص مضغوط تضمّن جملة من التصريحات الإعلامية والتقارير التي تفيد بتمويل قطر لحركة النهضة.

وقالت زعيمة الحزب عبير موسي: «لقد قمنا بما أملته علينا ضمائرنا تجاه هذا الشعب الذي اعتبرته منظومة ما بعد يناير 2011 بضاعة تباع وتشترى، حيث لم تحترمه الطبقة السياسية المهندسة لما سمي بالربيع العربي وتفانت في جلب عشرات وربما مئات الملايين من الدولارات لشراء أصواته وبلوغ السلطة بفضل تمويلات مشبوهة من خارج البلاد تم ضخها لتنفيذ الأجندات المرسومة مسبقاً». وأضافت إن هناك «تصريحات وتقارير موثقة تثبت تمويل قطر لحزب النهضة والجميع يعلم ويصمت خوفاً وتفادياً للمشاكل والتهديدات، إلا أننا عاهدنا أنفسنا على ألا نخاف، وسنواصل قول كلمة الحق والسعي لتنوير الرأي العام».

أذرع إعلامية

وكانت تقارير إعلامية جزائرية كشفت منذ العام 2013 عن وجود مخطط لتنظيم الإخوان العالمي لتدمير منطقة المغرب العربي، وقالت صحيفة الفجر اليومية: إن أتباع التنظيم بقطر رصدوا لهذه الخطة ملياري دولار، حيث تتضمن الخطة شقّاً إعلامياً يتمثل في تكثيف إنشاء المواقع والشبكات الإلكترونية والقنوات التلفزيونية المحسوبة على هذا التيار بالمنطقة المغاربية. وأضافت إن التنظيم العالمي لجماعة الإخوان خصص ملياري دولار لدعم منظومة الإخوان بالمنطقة المغاربية التي تمثل على وجه الخصوص الجزائر وتونس والمغرب، للعمل على هز استقرار المنطقة.

وعن مصادر هذه الأموال قالت التقارير: إن الجزء الأكبر منها قطري والباقي لرجال أعمال ينتمون لجماعة الإخوان، وإن هذه الأموال توجد في حسابات ببنوك تركية لتيسير تنقلها إلى حسابات الأحزاب والمجموعات التابعة لتنظيم الإخوان.

تدمير ليبيا

وفي ليبيا، قال المسؤولون القطريون إنهم دفعوا 3 مليارات دولار لتمويل حرب الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي. ويرى مراقبون أن النسبة الأكبر من هذا المبلغ ذهبت لدعم التيارات الإسلاموية وبخاصة جماعة الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة. وأشار رئيس المجلس الانتقالي السابق مصطفى عبد الجليل إلى أن قطر كانت تدس المال في جيوب الجميع، فيما تؤكد مصادر إعلامية أن الإرهابي علي الصلابي هو الذي كان ينقل المال من الدوحة إلى حلفائها في ليبيا، وأنه كان يقدم جزءاً منه لشركائه والمقربين منه ويخفي الجزء الآخر، ما أثار حفيظة بعض القيادات الإخوانية.

وقال المبعوث السابق إلى الشرق الأوسط السفير الأميركي دينيس روس: «عندما كنت عضواً في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عام 2011 وسعينا للحصول على معلومات من القطريين للتنسيق معنا، ولكي نكون شفافين حول مكان وأولئك الذين يرسلون إليهم الأسلحة في ليبيا، نادراً ما حصلنا على إجابات مباشرة ووجدنا القطريين يرسلون أسلحة إلى المتطرفين والميليشيات نفسها التي كنا نعارض حصولها على الأسلحة».

وفي العام 2012، دفعت قطر مبالغ تقدر بمليون دولار لكل نائب مستقل في المؤتمر الوطني العام يوافق على الانضمام إلى كتلة الإخوان بما يساعدها على تحقيق الأغلبية لتمرير القرارات المصيرية وفق أجندات الدوحة.

قنوات إرهابية

وقامت قطر بتمويل قنوات تلفزيونية إخوانية من بينها موقع «النبأ» للإرهابي عبد الحكيم بالحاج، و«التناصح» للإرهابي سهيل الصادق الغرياني، ورصدت تمويلات للميليشيات الإرهابية ضمن منظومة فجر ليبيا وصلت إلى 200 مليون دولار خلال العام 2014 لينتج عن ذلك بث الفوضى في العاصمة طرابلس والسيطرة على مؤسسات الدولة، وطرد الحكومة الشرعية، ومنع البرلمان المنتخب من عقد اجتماعاته في طرابلس، ما دفع به إلى نقل اجتماعاته إلى مدينة طبرق (شرق البلاد).

وبحسب الناطق باسم الجيش الليبي، العقيد أحمد المسماري فإن قطر دعمت جماعة الإخوان في ليبيا، وقامت بتهريب الأسلحة إلى التنظيمات المتطرفة بعدد من المناطق، وقال إن قطر دعمت تنظيم الإخوان في ليبيا سياسياً واقتصادياً ومالياً وإعلامياً، وضخت مليارات الدولارات على التنظيم، والذي بدأ بتشكيل قوة الدروع الإخوانية وهي قوة مسلحة يتم دعمها عن طريق قطر، مبيناً أن الجيش الليبي خاض معركة الكرامة مع 4 تنظيمات إرهابية هي: تنظيم القاعدة ظهر في 2011 بأجنحته المختلفة، منها أنصار الشريعة، وجيش الإسلام، وغيرها من المسميات، وقوة الدروع الإخوانية التابع للإخوان، وتنظيم داعش في بنغازي وظهر نهاية 2013، وتنظيم العصابات الإجرامية، وهم مجموعات من السجناء والمطلوبين أمنياً، قاموا بتشكيل ميليشيات تم توظيفها من المجموعات السابقة.

تهديد أمن موريتانيا

إلى ذلك، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني إسلك ولد أحمد إزيد بيه إن «قطر اعتادت على تمويل حركات تهدد أمننا»، إلا أنه رفض تحديد هذه الحركات التي قال إنها معروفة في موريتانيا «وبعضها تم حظره».

واتهم محمد إسحاق الكنتي، الأمين العام المساعد للحكومة الموريتانية، قطر بدفع أموال للإخوان في موريتانيا لزعزعة استقرار البلاد، والقيام بثورة على غرار ما جرى في تونس ومصر وليبيا في العام 2011

ونقلت صحيفة «آفاق» الموريتانية عن مصادر دبلوماسية تأكيدها أن قطر تتحرك في دول الأطراف وخصوصاً دول المغرب العربي، من أجل كسب أصوات في إدارتها للأزمة التي تمر بها حالياً بعد قرار مقاطعتها من قبل الدول الأربع المناهضة للإرهاب، وهي تستفيد من وجود جماعة الإخوان في موريتانيا كقوة سياسية مهمة تسيطر على زعامة المعارضة، وتريد ألا يكون ذلك على حساب علاقاتها مع النظام الموريتاني الذي كان أعلن قطع علاقاته الدبلوماسية مع الدوحة أوائل يونيو الماضي.

ويشير مراقبون، إلى أن السلطات الموريتانية تمتلك معطيات موثقة عن تمويل لأحزاب وجمعيات من قبل قطر الساعية للتغلغل في دول المغرب العربي ومنظومة الساحل والصحراء. وفي مارس 2014 حظرت وزارة الداخلية الموريتانية إحدى أكبر الجمعيات الدينية في موريتانيا، وهي جمعية «المستقبل للدعوة والتربية والثقافة» القريبة من قطر والتي يرأسها محمد الحسن ولد الددو الزعيم الروحي لإخوان موريتانيا. كما أغلقت الشرطة الموريتانية مركز النور الصحي ومركز تعليم البنات الخاص في نواكشوط، وهما مؤسستان تابعتان لمتشددين موريتانيين.

جمعيات مشبوهة

وفي يونيو الماضي، بدأت السلطات الموريتانية في ملاحقة الجمعيات المشبوهة، التي تتلقى دعماً مباشراً من قطر، وقالت السلطات المحلية بولاية اترارزة، جنوبي البلاد، إنها أوقفت العمل في مشروع سكني تابع لجمعية خيرية قطرية تدعى «اليد العليا». وبحسب مصادر رسمية في مدينة روصو، فإن القرار يتعلق بمشروع بناء 100 وحدة سكنية في قرية «جدر المحكن»، وإن السلطات الإدارية في المدينة، ممثلة في حاكمها، أبلغت المقاول المشرف على بناء الوحدات السكنية بعدم رغبة موريتانيا في مواصلة بناء المشروع السكني. وقالت مصادر مطلعة: إن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز هو من أصدر أوامر بتجميد المشروع السكني المذكور.

في الأثناء، اضطرّت مؤسسة عيد بن محمد آل ثاني الخيرية القطرية المصنفة في قائمة الإرهاب إلى سحب تمويلها لـ400 وحدة سكنية في ولاية تاكنت، وسط موريتانيا، بعد أن كانت قد أوكلت تنفيذ المشروع لشركة النجاح التي يديرها رجل الأعمال محيي الدين ولد أحمد سالك ولد أبوه، والتي باشرت عملها فيه، قبل أن تقطع موريتانيا علاقاتها مع قطر فتبلغ المؤسسة الخيرية القطرية وكلاءها في المشروع بتعليق نشاطاته في موريتانيا إلى أجل غير مسمى.

ورد الرئيس الموريتاني على خبر تجميد المؤسسة الخيرية القطرية لمشروعها في موريتانيا، بإصدار أوامر بتجميد مشروع سكني بتمويل رسمي من قطر لإنشاء 100 وحدة سكنية في جدر المحكن، رغم أن سلطات الدوحة لم تكن قد أوقفت أشغالها فيه رغم قطع العلاقات الدبلوماسية معها.

وأكدت تقارير إعلامية أن السلطات الموريتانية تدرس تجميد أنشطة عدد من الجماعات التي ترفع لافتات خيرية وإنسانية، بينما تعمل لأهداف سياسية مرتبطة بأجندات قطر وحلفائها في المنطقة وبخاصة قوى مرتبطة بالدوحة.

 

Email