الدوحة تلعب دوراً بالنيابة عن إسرائيل في أفريقيا

دور قطري في تعطيش مصر عبر دعــم وتسريع بناء سد النهضة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحت جنح الظلام تدار حروب المياه في أفريقيا، الهدف منها: ضرب مصر وشعبها وحرمانها من مياه النيل. اللاعب الأساسي فيها أثيوبيا عبر بناء سد النهضة، أما اللاعب الخفي ومايسترو الأحداث فهي قطر. وتدار الخطة عبر استئناف العلاقات بين الدوحة وأديس أبابا بعد قطيعة دامت 6 سنوات، وضخ استثمارات قطرية لتمويل سد النهضة، وتوقيع اتفاقيات تعاون في مجالات اقتصادية بين البلدين، وزراعة مليون و200 ألف فدان في منطقة السد بأموال قطرية، إضافة إلى ضخ 8.5 مليارات دولار استثمارات رجال أعمال قطريين، بعد أن نجحت مصر في ايقاف تمويل صيني وإيطالي للسد بالمليارات. وتقوم الدوحة بدور مكمل لدور إسرائيل في القارة السمراء، لضرب مصر واستقرارها.


في إبريل 2017 توجه أمير دولة قطر، تميم بن حمد، بزيارة رسمية إلى إثيوبيا وتعد الزيارة الأولى التي يقوم بها الأمير إلى إثيوبيا منذ توليه السلطة عام 2013. كان ظاهر الزيارة الالتقاء بالرئيس مولاتو تيشوم ورئيس الوزراء هيلي ماريام ديسالين، لمناقشة القضايا الثنائية ذات الاهتمام المشترك، وتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين، لكن باطنها كان تجفيف منابع النيل عبر ضخ أموال تقدر بالمليارات لتمويل سد النهضة.


وتعمل قطر على ضرب مصالح مصر في منابع نهر النيل، ومساعدة إثيوبيا لتسريع وتيرة العمل في «سد النهضة» الذي قد يؤثر في حصة مصر التاريخية من مياه نهر النيل.
ووصف خبراء عرب تحركات قطر في أفريقيا وتحديداً إثيوبيا بـ«العمليات المشبوهة» التي تدفع إثيوبيا لاتخاذ موقف عدائي تجاه مصر. واعتبر الخبراء أن هذه تحركات غير مبررة وتعد «مكايدات سياسية»، وأكد بعضهم أن قطر تلعب ضد مصر وخصوصاً بعد سقوط قناعها الخفي بتمويل جماعات التطرف التي استولت على الحكم بعد ثورة 25 يناير.


اعتراف رسمي
وتعد هذه الزيارات اعترافاً رسمياً بدخول الدوحة على خط أزمة سد النهضة ومحاولة منها تقويض النظام المصري منذ ثورة يوليو 2013. وقالت مصادر مطلعة على الملف المصري الأثيوبي إن زيارة تميم إلى أديس أبابا تأتى ضمن الأجندة القطرية والخطط البديلة التي تنفذها قطر ضد مصر والأمة العربية، مؤكدين أن الدوحة تعمل منذ فترة طويلة على تدمير الدول العربية والعبث بأمنها القومي.


ويمثل السد خطراً على مصر من عدة أوجه أهمها يتعلق بالفترة اللازمة لملء خزان السد المقدرة سعته بنحو 74 مليار متر مكعب، حتى يمكن للسد العمل بكامل طاقته، وبالطبع تريد إثيوبيا تقليص هذه الفترة لأقصى درجة ممكنة، فبافتراض كون هذه الفترة 5 سنوات مثلا، فهذا يعني استهلاك السد لـ15 مليار متر مكعب من الماء سنويا على مدار 5 سنوات تخصم من مصر والسودان بنسبة حصتيهما 3 إلى 1، بما يعني تناقص حصة مصر السنوية بحوالي 12 مليار متر مكعب على الأقل، لتصل إلى 40-43 مليار متر مكعب سنويا، وهو ما قد يمثل كارثة بالنسبة لمصر.


دور خفي
وكشف أستاذ الموارد المائية والري بالقاهرة د. نادر نور الدين، لـ«البيان»، عن العديد من المؤشرات المؤكدة للدور القطري الخفي في أثيوبيا من أجل إضعاف مصر لصالح الجماعات المتطرفة، وهو الدور الذي اتضح بجلاء منذ ما بعد نجاح ثورة 30 يونيو 2013 في إسقاط حكم الإخوان، إذ توالت زيارات المسؤولين القطريين لأثيوبيا منذ ذلك الحين، في إطار دعم وتمويل بناء «سد النهضة» للإضرار بمصالح مصر وحصتها من مياه النيل.


وشدد نور الدين، وهو أحد أبرز خبراء الشرق الأوسط والقارة الأفريقية في المياه والزراعة والأمن الغذائي، على أن زيارات المسؤولين القطريين إلى أثيوبيا تعددت بصورة واضحة بعد الأزمة الراهنة أيضًا، وكان من الواضح أن هناك دعمًا قطريًا للإضرار بمصر، وصل ذلك الدعم إلى حد «التحريض ضد مصر» واتضح ذلك الأمر بجلاء من خلال تصريحات متكررة من رئيس الوزراء الأثيوبي وجه خلالها الشكر الدائم لقطر على دعمها لبلاده.


وتابع قائلًا أن «الدور القطري –للأسف- هو دور غريب، داعم لإحداث أزمات في مصر وإضعاف الدولة»، مشيراً إلى أن «الدوحة آثرت الإضرار بالأمن القومي لمصر والدول العربية، واتضح ذلك من خلال العديد من الممارسات». وتحدث عن «دورٍ خفي» لقطر في دعم أثيوبيا للإضرار بمصر في ملف «سد النهضة»، قائلاً إن «دعم قطر الخفي وغير المعلن لأثيوبيا أكبر بكثير جدًا من الدعم المُعلن، ففي مرحلة بدايات بناء السد نجحت مصر في إيقاف تمويل صيني لبناء المشروع كانت قيمته 5.5 مليارات دولار لحين دراسة الآثار المتوقعة للسد، كما نجحت في وقف تمويل إيطالي قيمته مليار دولار، لكن الغريب في الأمر أن عملية بناء السد استمرت، وصاحب ذلك زيارات متعددة لمسؤولين قطريين إلى أثيوبيا».


واستطرد قائلًا: «استمرار بناء السد مع زيارات المسؤولين القطريين المستمرة لأثيوبيا أشعرنا ذلك بأن هنالك أمورًا تتم في الخفاء، وان هناك دعمًا خفيًا من الدوحة لأثيوبيا، من أجل إضعاف مصر لصالح الجماعات المتشددة والمتطرفة».


وأوضح أن المياه هي مصدر التنمية بمختلف قطاعاتها، وهي عصب التنمية في مصر، مردفاً «رغم أن حصة مصر الحالية من المياه فإننا نستورد قرابة الـ 60% من الاحتياجات الغذائية، بما يعني أن أي تراجع أو نقص في حصة مصر من المياه سوف يؤدي إلى آثار سلبية وخيمة جدًا على الاقتصاد المصري، وعلى استقرار مصر بشكل عام». وكشف أن تراجع حصة مصر من المياه يزيد الفجوة الغذائية بنسبة 70 في المئة، بما يؤدي للضغط على العملات الأجنبية وسحبها واستنزافها في توفير الغذاء من الخارج، وهو ما تصبو إليه قطر من أجل إضعاف الحكومة لصالح الجماعات الإرهابية.


من جهته، قال عضو لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب المصري حاتم باشات إن الدور الذي تلعبه قطر في أفريقيا هو دور مُكمل للدور الإسرائيلي في القارة السمراء، مشددًا على أن محور (إسرائيل وإيران وقطر) عملة واحدة وجزء لا يتجزأ، ويعمل ذلك الثلاثي في إطار مشترك وتكامل واضح في الأدوار.


وأفاد باشات لـ«البيان» بأن الدور القطري في أفريقيا يعتمد اعتمادًا كليًا على الناحية المادية، إذ أن السياسة الخارجية للدوحة تعتمد على السعي نحو الانتشار في أفريقيا استنادًا للمال، ولكن ليس لديهم الخبرة الكافية التي تؤهلهم لهذا العمل والتوسع في القارة، خاصة أنهم يعملون لحساب آخرين، في إشارة إلى إسرائيل وإيران.


وأوضح البرلماني المصري أن الهدف الأساسي لقطر من تحركاتها في القارة الأفريقية وكذا زيارات مسؤوليها لدول القارة هو التوازي مع الدور المصري، ولعب دور «استفزازي» لمصر، مؤكدًا على أن محاولات الدوحة لاختراق القارة سياسيًا واقتصاديًا ليست جديدة، فلقد حاولت في أوقات سابقة أن يكون لها دور في ملف «دارفور» لكنها فشلت، انطلاقًا من عدم امتلاكها الخبرة المؤهلة لها على المستوى السياسي والدبلوماسي.


ونوّه عضو لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب بأن الدوحة بدأت تتجه اتجاهات اقتصادية أكثر في أفريقيا من خلال رأس المال (الاستثمارات) والشركات والبنوك، انطلاقًا من هدفها في «منافسة الدور المصري خاصة في دول حوض النيل وأثيوبيا ولاسيما بملف سد النهضة».


وذكر باشات أن الدور الإسرائيلي في أفريقيا شبه مُجمد، حتى مع الزيارات الإسرائيلية المتعددة لدول القارة، إلا أنه –بحسب باشات- ليس هنالك تجاوب كبير من العديد من دول القارة على مستوى التحركات الإسرائيلية، وبالتالي قطر تقوم بذلك الدور نيابة عن إسرائيل في أفريقيا.


ولفت إلى أن الدوحة إذ مارست تلك الأدوار في أفريقيا محاولة في الوقت ذاته مناطحة أو منافسة الدور المصري في القارة، فهي تخدم في الوقت ذاته مصالح وأجندات آخرين سياسية واقتصادية، وتتكامل مع كل من إسرائيل وإيران باعتبارهم محور الشر في المنطقة.

Email