موجات الغلاء تضرب الأسواق وتنشر أجواء التقشف

تحذير أميركي للشركات العالمية من التعامل مع قطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواصلت التداعيات السلبية على الاقتصاد القطري، حيث تتفاقم موجات الغلاء في الأسواق، بينما اتجه القطريون والمقيمون إلى التقشف وسياسات الترشيد، فيما تتسع دائرة المخاوف والتحذيرات العالمية للشركات والمؤسسات التي لازالت تعمل في قطر من تعرضها لعواقب وخيمة.

وحذرت منظمة «كاونتر إكستريميزم بروجيكت» الأميركية الشركات العالمية من التعامل مع الحكومة القطرية، التي اتهمتها بإيواء إرهابيين وتمويل جماعات متطرفة، فيما يدفع القطريون ثمن دعم حكومتهم للإرهاب حيث ينتشر الغلاء مع تراجع كميات السلع في الأسواق مما يضطرهم إلى اتباع سياسات معيشية متقشفة على غرار الدول الفقيرة. وأفادت مجلة «بوليتيكو» بأن منظمة «كاونتر إكستريميزم بروجيكت»، وهي مؤسسة أميركية غير ربحية،

أكدت للشركات، في رسالة لها، أن أخطاراً قانونية ومالية وتجارية ومعنوية تترتب على إنشاء أعمال لها في قطر أو التعامل معها وأن هذه التبعات ستستمر في المستقبل المنظور، حيث يشكل هذا النداء بحسب المجلة الأميركية دليلاً على حجم التبعات التي تثيرها المقاطعة التي تفرضها السعودية والإمارات والبحرين ومصر على الدوحة خارج حدود الدول المعنية.

دعم التطرف

ويقول المدير التنفيذي للمنظمة مارك والاس في رسالته إن «لقطر تاريخاً طويلاً من توفير الدعم للتطرف والإرهاب، بما فيه دعم مالي للجماعات المصنفة إرهابية عالمياً، وإيواء زعماء إرهابيين وممولين للإرهاب».

وتفصل الرسالة سلوك قطر في سبع صفحات، بما فيها فصول عن «تمويل الإرهاب في الخارج» و«تبييض الأموال»، و«إيواء إرهابيين» و«الخطر على موظفين يقيمون في قطر». ويتهم أيضاً الدوحة بتقديم دعم مالي، إما مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، لحماس وتنظيم القاعدة وحركة طالبان.

وأرسلت نسخة من الرسالة إلى الخطوط الجوية الأميركية «أمريكان إيرلاينز»، على أن ترسل 11 نسخة أخرى إلى شركات حول العالم، بينها «سيمنز» و«فولسفاغن» و«الائتمان السويسري» و«باركليز» و«رويال داتش شل» و«أكورأوتيل». وتشمل الرسالة جزءاً خاصاً لكل شركة كما تتضمن تحذيراً من «تقويض سمعة الشركة أو خفض قيمة أسهمها».

أخطار قانونية

وتنص الرسالة على أن «أخطاراً قانونية ومالية وتجارية ومعنوية تترتب على إنشاء أعمال في قطر أو التعامل معها ستستمر في المستقبل المنظور، إلا إذا غيرت الدوحة سلوكها وتخلت في شكل يمكن التحقق منه عن دعمها للإرهاب والجماعات المتطرفة والأفراد المتطرفين.. وبالتالي، على الشركات الحذرة أن تستخلص أن فرص العمل والشراكات والعلاقات مع قطر والوكالات التابعة لها لا تستحق المجازفة».

إلى ذلك غيرت إجراءات المقاطعة بحق قطر بعض العادات اليومية لسكان قطر والمقيمين فيها، والذين يحاولون التأقلم مع تغيرات مفاجئة وسريعة، إذ بات التوجه نحو الترشيد بديلاً من عادات استهلاكية وحالة من الإسراف مع نقص المعروض من المواد.

وباتت الأوضاع تشابه الحياة في الدول الفقيرة مع تلاشي مظاهر الزخم والنشاط والإسراف، كما تغير هيكل المعروضات في المحلات والمراكز التجارية بصورة ملحوظة، وأصبح التعامل مع الخضراوات والبضائع الإيرانية والتركية فقط، فيما أقلم السكان من القطريين والوافدين أوضاعهم على السفريات الطويلة.

إذ بات زمن الرحلات الجوية أطول بكثير من ذي قبل بالنسبة إلى الكثير من الوجهات والعواصم، كما بات السفر عبر الترانزيت أمراً شائعات، نظراً إلى إغلاق الأجواء القادمة والمسافرة من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، كما ارتفعت تكلفة هذه الرحلات.

نقص الإمدادات

وبعد مرور 4 أسابيع على إغلاق المملكة السعودية المنفذ البري الوحيد لقطر التي يسكنها 2.4 مليون شخص، تأثرت الأسواق خاصة في السلع الغذائية والاستهلاكية بالطلب الكبير المدفوع بالقلق من نقص الإمدادات وندرة المعروض مع ارتفاع ثمنه، لا سيما أن البدائل الاستيرادية تعد أكثر تكلفة.

ويقول القطري محمد الشيب (48 عاماً) وهو يتسوق في أحد المتاجر الغذائية في الدوحة: «هناك ارتفاع في الأسعار يمكننا ملاحظته». وأكد الشيب أن للتأقلم مع الأوضاع الجديدة ثمنه واننا نستهلك على قدر حاجتنا.

وقطعت الإمارات والسعودية و البحرين ومصر في 5 يونيو علاقاتها بقطر بسبب دعم الدوحة للإرهاب.

سفر الترانزيت

واعتبر من جهته شاب أردني مقيم في قطر أن «المشكلة في الطيران» موضحاً: «مكثت 6 ساعات ترانزيت في رحلة العودة من الأردن إلى قطر على متن الخطوط العمانية».

وتتجه الأزمة المالية في قطر إلى مزيد من التفاقم، فخلال شهر واحد فقط يجد القطاع المصرفي بالبلاد نفسه معزولاً جراء كثافة السحب والتحويلات إلى خارج واستبدال الريال بعملات أخرى خاصة الدولار، إضافة إلى ارتفاع الفائدة على الودائع في ظل تقلص الأرباح.

وتوقع دبلوماسيون واقتصاديون خليجيون ومصريون أن الاقتصاد القطري سيواجه موجة جديدة من الإجراءات، تشمل سحب الودائع الموجودة في البنوك القطرية، وسحب تراخيص فروع البنوك القطرية في الدول الأربع.

وربما لن تقتصر الإجراءات على المحيط الإقليمي فحسب، بل تطول الاستثمارات القطرية في الدول الأوروبية والولايات المتحدة، حيث ينتظر أن تتحرك البرلمانات والإعلام لفتح ملفات المال القطري المشبوه .

ولم تحدد الدول الأربع على وجه الدقة العقوبات الإضافية ضد الدوحة، لكن مصرفيين في المنطقة قالوا إن البنوك السعودية والإماراتية والبحرينية قد تتلقى توجيهاً بسحب ودائعها وقروض من البنوك من قطر، وأضافوا أن هناك إجراء أشد يتمثل في حظر امتلاك المستثمرين أصولاً قطرية.

وتواجه المؤسسات القطرية مهمة صعبة تتمثل في إيجاد أسواق جديدة لتزويدها بالسلع الغذائية عن طريق ممرات بديلة وفي أحسن الأحوال، سترتفع تكاليف السلع والخدمات المتجهة إلى الدوحة عبر الممرات البديلة.

 

Email