في حال عدم التوصّل إلى حل للأزمة

إعصار من الإجراءات المتوقّعة يلجم الاقتصاد القطري

ت + ت - الحجم الطبيعي

توقع خبراء ومراقبون إعصاراً من الإجراءات ضد الاقتصاد القطري في حال عدم التوصّل إلى حل للأزمة مع الدوحة. مؤكّدين أن هذه الإجراءات المتوقعة ستكون بمثابة موجة تسونامي أكثر قوة وإيلاماً.

ويرى الخبراء أن الإجراءات الجديدة التي ستتخذها دول المقاطعة الأربع (الإمارات والسعودية ومصر والبحرين) لن تقتصر على المحيط الإقليمي، بل ستطال الاستثمارات القطرية الأجنبية في الدول الأوروبية والولايات المتحدة، حيث ينتظر أن تتحرك البرلمانات والإعلام لفتح ملفات المال القطري المشبوه في هذه الدول، وإجبارها على التخلي عن الاستثمارات القطرية.

ولم تحدد الدول الأربع الإجراءات الإضافية التي قد تفرضها على الدوحة، لكن مصرفيين في المنطقة، تحدثوا إلى «رويترز»، يعتقدون أن البنوك السعودية والإماراتية والبحرينية قد تسحب ودائعها وقروض ما بين البنوك من قطر، وثمة إجراء أشد يتمثل في حظر امتلاك المستثمرين أصولاً قطرية، لكن السلطات الرسمية لم تعط أي مؤشر على القيام بتلك الخطوات.

سيناريو الرعب

ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن الخبير الاقتصادي حسين شبكشي قوله: إنه من المتوقع أن تشمل الموجة الثانية: سحب ودائع البنوك المركزية والتجارية للدول المقاطعة الموجودة في البنوك القطرية، وسحب وإلغاء تراخيص فروع البنوك القطرية في هذه الدول، إلى جانب وقف كل الأنشطة المتعلقة بمجال تجارة التجزئة والاتصالات والاستثمار العقاري.

وشبّه شبكشي الإجراءات الجديدة بـ«تسونامي مرعب» للاقتصاد القطري، موضحاً أنها لن تقتصر على المحيط الإقليمي، بل ستطال الاستثمارات القطرية الأجنبية في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، حيث ينتظر أن تتحرك البرلمانات والإعلام بفتح ملفات المال القطري المشبوه في هذه الدول، وإجبارها على التخلي عن الاستثمارات القطرية.

وأوضح أن الموجة الثانية من الإجراءات تتمثل في قطع العلاقات الاقتصادية مع قطر بالكامل، وأضاف: «لا تزال هناك بقايا علاقات، مثل الودائع المصرفية للبنوك المركزية والبنوك التجارية السعودية والإماراتية والبحرينية في البنوك القطرية التي سيتم سحبها، كما سيتم إلغاء التعامل مع البنوك القطرية التي لها فروع في هذه الدول وسحب تراخيصها، بالإضافة إلى الأنشطة المتعلقة بمجال تجارة التجزئة، مثل الملابس والمواد الغذائية، والساعات والجواهر، والاتصالات والاستثمار العقاري».

واعتبر شبكشي أن الإجراءات الجديدة ستكون أكثر إيلاماً على قطر، وتتلخص في أن أي مال قطري بشكل مباشر أو غير مباشر، حكومي أو خاص، سيكون غير مرغوب فيه في الدول الأربع، مشيراً إلى أن هذه الدول كانت بمثابة الشريان للحراك الاقتصادي والتجاري والاستثماري في قطر، وبالتالي الآثار ستكون مؤلمة جداً، لا سيما على القطاع المالي والمصرفي والتجاري القطري.

وفيما يتعلق بسوق المال القطري، أفاد شبكشي بأن مؤشر البورصة القطرية كان متجاوباً خلال الأيام الماضية مع الحراك التجاري بفعل الصناديق الاستثمارية الخاصة للحكومة القطرية، لكن هذا الحراك اليوم يبدو عليه بوضوح علامات الاضطراب، وقال: «المال الخاص أدرك ما ينتظره من أيام صعبة وخطيرة، والهبوط الحاد في قيمة الاستثمارات وارد جداً. وبالتالي، آثر الاحتفاظ بأي مبلغ وتحمل خسارة سريعة وتفادي خسائر أكبر في الأيام المقبلة».

الاستثمار الأجنبي

وألمح شبكشي إلى أن الأمر الأكثر أهمية خلال الفترة المقبلة سيتمثل في مصير الارتباط القطري بالاستثمار الأجنبي في ألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وقال: «الآن، ستتحرك البرلمانات والإعلام في هذه الدول مع فتح قضايا مختلفة ومتنوعة، وأولها طبعاً قضية بنك باركليز في بريطانيا، وربط الموضوع بالفساد القطري وتمويل الدوحة للإرهاب، وستتحرك البرلمانات والإعلام في هذه الدول لإجبار الحكومات على التخلي عن هذه الاستثمارات القطرية، باعتبارها مالاً مريباً ومشبوهاً، كما حدث سابقاً مع المال الليبي، إذا كنا نتذكر ذلك».

وحول مدى قدرة الاقتصاد القطري على التحمل، في ظل الإجراءات الاقتصادية المزمع تطبيقها، قال شبكشي: «يمكن للاقتصاد القطري الصمود نظرياً، على اعتبار أن لديه عمقاً مالياً ومحافظ استثمارية كبيرة، لكن هنالك معلومات تغيب عن كثيرين في سرد الموضوع القطري وتحليله، وهي أن الاقتصاد القطري أكبر اقتصاد مديون في العالم العربي، لأنه كان يستفيد بحكم ملاءته المالية، واعتماده على الغاز والأصول الموجودة لديه، وعليه سداد هذه الديون، وإذا فتحت عليه أبواب القضايا والمشكلات المتعلقة بتمويل الإرهاب، والعجز في تشغيل الخطوط القطرية، والبنوك التي ستسحب الاستثمارات منها، سيكون مدى الصمود قليل جداً».

مقاطعة الريال

وأكد مختصون وماليون أن رفض بنوك بريطانية وأوروبية عالمية التعامل بالريال القطري انعكاس خطير للوضع الذي وصل إليه الاقتصاد القطري في ظل المقاطعة الخليجية، وينذر بعواقب أكثر سوءا لمستقبل الوضع المالي والاقتصادي لهذه الدولة، مشيرين إلى أن هذه الخطوة من البنوك الأوروبية القيادية ستتبعها فيها بنوك ومؤسسات مالية عالمية أخرى، مما يفقد العملة القطرية مزيداً من قيمتها في البيع الآجل، حيث فقدت حتى أمس نحو 4 % من قيمتها. وفق ما ذكرته تقارير صحفية.

وتوقع نائب رئيس اللجنة المالية بمجلس الشورى السعودي الدكتور فهد بن جمعة أن تتسع دائرة رفض التعامل بالريال القطري من بنوك ومؤسسات مالية عالمية أخرى خلال هذا الأسبوع، بوقف التعامل بالعملة القطرية لعدم وجود أي طلبات عليها، وخوف المتعاملين من المخاطر المالية لهذا التعامل، منوها إلى انخفاض مؤشر الثقة لدى المستثمرين العالميين في قطر كوجهة استثمار على المديين القريب والمتوسط إلى أدنى حد. قائلا: إن خطوة البنوك البريطانية وبعض المؤسسات المالية الأوروبية تعني أن التعامل بالعملة القطرية أصبح يحمل مخاطر مالية حتى وإن كانت مربوطة بالدولار، نظرا إلى أن البنوك الأوروبية قيادية، ويمكن أن تتبعها بنوك عالمية.

وقال عضو لجنة الاقتصاد والطاقة بمجلس الشورى السعودي الدكتور فهد العنزي: إن عدم التعامل بالريال القطري من قبل بنوك أوروبية رئيسة مؤشر خطير ويعود إلى أنه أصبح عملة ذات خطورة أعلى بسبب الأزمة السياسية التي أدت إلى تقلب في سعره، لافتا إلى أنه حتى محلات الصرافة التي تقبل بالتداول في الريال القطري حاليا تشتري بسعر منخفض جدا وتبيعه بسعر مرتفع من أجل تخفيض حجم المخاطرة الناتجة عن حيازته، مؤكداً أن رفض التعامل بالريال القطري نتيجة المخاوف من حالة التذبذب في سعر الصرف أمام العملات الأجنبية امتد إلى عدد من شركات الصرافة ووكلاء السياحة والسفر في بريطانيا.

وأفاد عضو لجنة المشورة والتخطيط بشركة البلاد المالية تركي فدعق بأن قرار البنوك البريطانية وقف التعامل بالريال القطري يعكس النظرة السلبية التي تحملها هذه البنوك للاقتصاد القطري، بحكم ظروف المقاطعة الخليجية الذي لم يستخدم كل أدواته حتى الآن.

منوّها بأن انتهاء المهلة التي أعطيت لقطر أمس دون تحقق المطالب الخليجية ستكون بداية لتشديد المقاطعة على هذه الدولة، مما يجعلها في وضع أكثر سوءا من الناحية الاقتصادية، حيث ستتضاعف تكاليف إنتاج وتسويق وتصدير المنتجات الرئيسة.

Email