رشوة القرن

تقرير غارسيا يكشف تفاصيل فساد مونديال قطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

رأى تقرير الأميركي السابق مايكل غارسيا النور أخيراً بعد عامين ونصف العام من التستر عليه من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» الذي أجبر على نشر التقرير بعد تسريبات صحافية لفقرات منه عبر صحيفة بيلد الألمانية.

وكشف تقرير غارسيا قبول ثلاثة أعضاء في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) دعوة للسفر إلى ريو دي جانيرو على حساب الاتحاد القطري قبل التصويت على استضافة مونديال 2022، حسب ما أكدت صحيفة «بيلد» الألمانية أول من أمس. ونشرت «بيلد» بدءاً من أمس تقرير غارسيا حول حصول روسيا وقطر على استضافة مونديالي 2018 و2022 على التوالي.

وفي مقتطفات من مقال نشرته أول من أمس، أكدت الصحيفة اليومية الواسعة الانتشار حصولها على تقرير غارسيا الذي يتضمن أكثر من 400 صفحة حول استضافة البطولتين، والذي رفض الفيفا نشره كاملاً حتى الآن.

ووفقاً لبيلد، فإن تقرير غارسيا يكشف كيف «سافر ثلاثة أعضاء من اللجنة التنفيذية (مجلس الفيفا حالياً) لديهم حق التصويت لحضور حفل في ريو في طائرة خاصة من الاتحاد القطري لكرة القدم قبل التصويت على استضافة المونديال».

وتابعت الصحيفة انه مباشرة بعد منح قطر الاستضافة «هنأ عضو سابق في اللجنة التنفيذية أعضاء في الاتحاد القطري وشكرهم عبر البريد الإلكتروني على تحويل مبلغ بمئات الآلاف من اليورو».

وأضافت «مليونا دولار من مصدر مجهول أيضاً أودعا في حساب لابنة أحد أعضاء الفيفا في العاشرة من عمرها».

وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن «أكاديمية اسباير» القطرية «كانت ضالعة بشكل حاسم في توريط أعضاء الفيفا الذين يحق لهم التصويت». وأثار حصول قطر على استضافة مونديال 2022 في نهاية 2010 الجدل منذ البداية، وأحيطت به شكوك قوية بالفساد.

وجرى في وقت سابق الكشف عن بعض التفاصيل التي ذكرها تقرير صحيفة بيلد.

وأجرى المدعي العام الأميركي السابق مايكل غارسيا تحقيقاً داخلياً في الفيفا حول استضافة البطولتين من قبل قطر وروسيا، أعلنت بموجبه الغرفة القضائية التابعة للجنة الأخلاق في الاتحاد الدولي أن هناك سلوكاً مشبوهاً سادت عملية الترشح والتصويت للحصول على شرف مونديال 2018، بينما كان الوضع أكثر وضوحاً في الترشح لمونديال 2022، حيث طغى الفساد على حملة قطر من أجل الحصول على تنظيم المونديال.

وفي نهاية 2014، اعتبر غارسيا أن قراءة تقريره، الذي نُشر جزء منه فقط، كانت جزئية ومنحازة.

تفاصيل

وذكر بيتر روزبرغ، مراسل صحيفة بيلد الذي يزعم توصله إلى التقرير، عبر صفحته بموقع شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أنه «هناك العديد من المؤشرات القوية، خاصة فيما يتعلق بقطر، التي تفيد بأن استنتاجات أخرى واردة بشكل كبير بأن مونديال 2022 تم التلاعب بنتائج تصويته».

ووصف روزبرغ تقرير غارسيا بأنه «صورة لنظام فاسد تماماً»، قائلاً إنه أدى إلى اعتقال العديد من مسؤولي كرة القدم ضمن تحقيقات جنائية.

وعبر حسابه بموقع شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر»، نشر روزبرغ جملة ادعى أنها مقتطفة من تقرير غارسيا وجاء فيها، «هذه الإجراءات تعمل على الإضرار بنزاهة عملية التصويت».

وجرى تكليف غارسيا، المدعي العام السابق في الولايات المتحدة، بنظر ادعاءات الفساد المتعلقة بعملية التصويت، وقدم تقريراً في 2014 عن كل المتقدمين بملفات طلب الاستضافة لكنه لم ينشر بقرار من قيادة الفيفا.

واستقال غارسيا في ديسمبر 2014 احتجاجاً على قرار عدم نشر التقرير وكذلك على ملخص أعده هانز يواخيم إيكرت، رئيس الغرفة القضائية بالفيفا.

ويشكل تقرير صحيفة بيلد أنباء سيئة بالنسبة للسويسري جياني إنفانتينو، الذي انتخب رئيسا للفيفا في 2016، حيث جاء في الوقت الذي يسعى فيه جاهداً لتحسين صورة الفيفا من جديد.

وذكرت بيلد أنها ستنشر المزيد من تفاصيل التقرير في الأيام المقبلة، وهو ما يتزامن مع الاستعراض الإيجابي المتوقع من إنفانتينو لمجريات بطولة كأس القارات التي تختتم يوم الأحد المقبل.

تأثير

واستمر تقرير غارسيا: كان من الواضح جداً أن الملف القطري أثر بشكل غير نزيه على أعضاء لجنة تقييم المنشآت، ودراسة الملفات، وليس فقط أعضاء المكتب التنفيذي لفيفا المنتظر تصويتهم على طلب تنظيم المونديال.

وأضاف التقرير: تلقى أكثر من سبعة من أعضاء لجنة تفتيش الدول المترشحة والوقوف على حقيقة قدراتها دعوات خاصة من قبل أكاديمية إسباير، والتي وعدت بشكل واضح بتقديم دعم تقني، وإقامة منشآت بنى تحتية لكرة القدم في دول أعضاء لجنة التفتيش، مع تأكيد بمنح الأفضلية في تنفيذ هذه المنشآت إلى شركات من اختيار هؤلاء الأعضاء، واستمر التقرير، طلب من هؤلاء الأعضاء التجاوز عن النقاط التي عجز الملف القطري عن توفيرها، من أجل الاستمرار في صراع الترشيح للحصول على شرف المونديال.

وفي مخاطبة بريدية بين رئيس لجنة التفتيش التابعة لـ«فيفا» هارولد مايني نيكولس والمدير الرياضي في أكاديمية «أسباير»، طلب الأول إيجاد فرص تدريبية ووظيفة لبعض أقاربه في الوقت الذي كان مكلفاً فيه بالتفتيش على ملاعب ومنشآت الدول التي تقدمت بملف ترشيحها لاستضافة مونديالي 2018 و2022، ومن بينها بالطبع الملف القطري، خاتماً الرسالة، «حسبما تم الاتفاق من قبل».

شكوك

ودارت الشكوك حول أكاديمية «أسباير» بعد ورود اسمها في قضية اتخاذ لجنة الأخلاق في «فيفا» قراراً بإيقاف هارولد نيكولاس، ثم تكشف الكثير من الأدوار التي قامت بها لتنظيم عملية الرشوة وشراء أصوات أعضاء لجنة التفتيش ومن بعدهم أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا».

وبحسب المخاطبات فإن نيكولاس تساءل في إحداها، والموجهة إلى مسؤولي «الأكاديمية القطرية» عمّا يمكن تقديمه لستة لاعبين، من دون أن يحدد الخطاب هويتهم، إذ جاء في الخطاب: «ماذا عن اللاعبين الستة؟ أرجو اطلاعي عمّا تعتقده في شأن وضعهم، وما يمكن أن نفعله حيالهم»، وعلى رغم أن التساؤل السابق شابه الكثير من الغموض.

إلا أن نيكولاس أوضح لاحقاً طلبه إيجاد فرص تدريبية ووظيفية لشخصيات مقربة منه، إذ لم يتوانَ في كشف ذلك على شكل استفسار ختم فيه خطابه، حين قال: «ماذا بخصوص ابني وابن شقيقتي في (يناير) أو (فبراير) متى سيتم التعين في انتظار الوفاء بالوعد، لقد قمت بجانبي من الاتفاق ولم يعد الملف القطري في خطر».

دهشة

وكانت الدهشة قد تملكت العالم الرياضي عندما أعلن فيفا قبل فترة عن اتهام إنجلترا بمحاولة التلاعب من أجل الحصول على شرف تنظيم مونديال 2018، بينما اعتبر أن حصول قطر على تنظيم مونديال 2022، جاء بشكل سليم، لتتضح الحقيقة بعد ذلك سريعاً.

حيث تبين أن الرئيس الفاسد سيب بلاتر عقد اتفاقاً مع القيادة القطرية، أدى إلى سحب ترشيح الموقوف محمد بن همام من رئاسة فيفا، مقابل أن يحمي سيب بلاتر ملف قطر 2022، من أي شيء، ونجح بلاتر حينها في دفن تقرير غارسيا، بل وأورد منه أجزاء مبتورة ذهبت لصالح الملف القطري قبل أن يتم الكشف عن التقرير أمس.

ملف قطر 2022 يتعهد بهدايا لقادة «كونميبول»

كشف التقرير الذي أعده المحقق الأميركي مايكل غارسيا عن رسالة من ملف قطر 2022 أرسلت إلى قادة اتحاد أميركا اللاتينية لكرة القدم «كونميبول» في الرابع من يناير 2010 تدعوهم إلى لقاء مع أمير قطر بعد نحو أسبوعين من ذلك. وأشارت الرسالة بوضوح أن «الهدايا» المنتظرة ستكون كما هو متفق عليه مسبقاً، وأن لا تغير في هذا الأمر.

ومضى التقرير: لا نستطيع أن نجزم حول ماهية هذه الهدايا. التزم الجميع الصمت حولها، فضّل قادة اتحاد «كونميبول» الاستقالة من مناصبهم ومغادرة «فيفا» والامتناع عن الحديث إلينا، بدلاً عن الكشف عن "ما هي هذه الهدايا"، هذا الواقع الذي تعاملنا معه.

واجتمع أمير قطر بالأعضاء اللاتينيين في المكتب التنفيذي لفيفا خلال زيارة قام بها إلى أميركا اللاتينية وتحديداً إلى البرازيل، حيث التقى بنيكولاس ليوز وخوليو غرناندونا وتكسيرا، بحضور الرئيس الأسبق لفيفا جووا هافيلانغ. وأضاف التقرير: لا يمكن الجزم بما جرى خلال هذا الاجتماع، لكنه يبدو في إطار الدعم الحكومي للملف، وهو أمر معتاد، لكن علينا أن نكون أكثر حذراً حول مثل هذه الاجتماعات.

مضيفاً، كما التقى مجموعة من أعضاء الديوان الأميري القطري بقادة الكرة في قارة أميركا اللاتينية، كانت لقاءات منظمة خلال زيارة أمير قطر إلى البرازيل في التاسع عشر من يناير 2010، أي قبل نحو 11 شهراً من موعد التصويت النهائي على شرف استضافة المونديال، وهي فترة مؤثرة في عمر أي ملف.

واستمر التقرير: بناء على معلومات توفرت لدينا تأكد أن اللقاءات تم تنظيمها بواسطة الرئيس الأسبق لنادي برشلونة الإسباني ساندرو روسيل، الذي كان يعمل مستشاراً للملف القطري على الرغم من أن ذلك يمكن أن يشير إلى شبهة تنظيم تبادل أصوات مع الملف الإسباني المترشح لمونديال 2018، والذي كان سيتخذ القرار حوله في الوقت نفسه الذي يتخذ فيه القرار حول مونديال 2022، مما يشير إلى وجود أهداف أخرى لروسيل من وراء ترتيب هذه اللقاءات، ضارباً بعرض الحائط مصلحة ملف بلاده الذي يمكن أن ينهار إذا ما تعرض لمثل هذا الاتهام.

 

 

Email