قطر المأزومة تتنفّس من رئة المـــــــواقف المتناقضة

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين يفتقد السياسي الحجّة، يظهر جلياً ضعفه وتخبطه، ولعل هذا ما حصل الاثنين مع وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني. فقد ناقضت تصريحاته نفسها بنفسها، حتى بدا الأمر ارتباكاً واضحاً في موقف الدولة التي تعيش أزمة حقيقية بعد قطع ثلاث دول خليجية (السعودية والإمارات والبحرين) بالإضافة إلى مصر ودول أخرى غير عربية قطعت علاقاتها معها.

إذ بعد أن أكد أن قطر لن تفاوض على سياستها الخارجية، وزاد في التعنت، مؤكداً أن لا مفاوضات أو حوار مع الدول المقاطعة إلا بعد رفع المقاطعة، عاد ليؤكد أن بلاده مستعدة للحوار ومعالجة مخاوف دول الخليج، لكن قطر في الوقت نفسه أمهلت الدبلوماسيين اليمنيين 24 ساعة لمغادرة البلاد.

ولعل تلك التصريحات، لا سيما ادعاء وزير خارجية قطر أن إجراءات الدول الخليجية تبدو موجهة للتخلص من دولته، كانت كفيلة بإرباك كل من يسمعها، فهل تسعى دول الخليج للتخلص من قطر؟ أم أن دول الخليج أكدت أكثر من مرة وبالدلائل سعي قيادات قطرية لزعزعة استقرار تلك الدول وفي أكثر من مناسبة.

وفي تصريحات جديدة تظهر التعنت القطري إزاء الأزمة، قال الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول سعد الكعبي، إن بلاده يمكن أن تظل تحت ما سمّاه "الحصار" إلى الأبد. وقال المسؤول القطري إن بلاده مستعدة جيداً، مضيفاً: "نستطيع أن نظل في الحصار إلى الأبد، وأمورنا في النفط والغاز لن تتأثر".

لا رد مقنعاً

هذا ليس كل شيء، فوزير الخارجية الحالي تحدث عن استعداد بلاده للاستماع لما وصفها بهواجس الدول الخليجية ثم الرد عليها، على الرغم من أن ما يصفها بالهواجس ليست إلا «واقع» لا يغفل على أحد، ألا وهو تمويل المنظمات والكيانات المتطرفة التي تجد ملجأ لها في الدوحة.

أما التناقض الأبرز، فأتى واضحاً عند الحديث عن «الحصار» المزعوم التي تشدّد الدول الخليجية على أنه مقاطعة وليس حصاراً. ففي حين تحدث عن أن هدف هذا «الحصار» التخلص من قطر، قال من جهة أخرى إن بلاده ستعتمد على عمان والكويت وتركيا في حركاتها التجارية، كما قال القطري إن إيران توفر للدوحة ممرات للطيران،. فعن أي «حصار» يتكلم إذاً.

ولعل أكثر من فسر هذا التناقض، وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد الذي قال في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر الاثنين، «سمعت كلمة حصار وسمعت أيضاً أن خطوط الطيران مفتوحة فوق إيران، وعبر مطارات الكويت ومسقط وتركيا! كلّها في جملة واحدة».

وبعد، وفيما يعيد وزير الخارجية القطري ويكرّر أن دولة الكويت لها القيادة في الوساطة، يؤكد أنه سيزور واشنطن الأسبوع المقبل لبحث الأثر الاقتصادي للأزمة، وقبلها كان في باريس ولندن للهدف المعلن ذاته، فيما اعتبر سياسيون أنه كان من الأولى للخارجية القطرية أن تحشد جهودها الدبلوماسية والسياسية خلف الجهود الكويتية إن كانت بالفعل تسعى كما تقول لحل الأزمة.

السفارة اليمنية

السفارة اليمنية في العاصمة القطرية الدوحة، أغلقت أبوابها ابتداءً من أمس وحتى إشعار آخر. وكان مصدر في بعثة اليمن الدبلوماسية بالدوحة صرح في وقت سابق، إن السلطات القطرية طلبت من السفارة اليمنية المغادرة خلال 48 ساعة بناءً على موقف بلادها بقطع العلاقات مع قطر. وأشار المصدر إلى أن السلطات القطرية أبلغتهم بحزم حقائبهم والمغادرة خلال المدة المذكور.

ووصف وزير الخارجية في الحكومة اليمنية عبد الملك المخلافي قرار السلطات القطرية بأنه «تحصيل حاصل». وذكر في تصريحات صحافية بأن الحكومة اليمنية قطعت العلاقات مع قطر، واتفقت مع السودان لرعاية المصالح اليمنية في قطر وفق الأعراف الدبلوماسية.

وأضاف: «من الطبيعي أن يغادر أعضاء البعثة الدبلوماسية اليمنية قطر بعد قطع العلاقات، وهم الآن يستعدون للمغادرة بعد الاتفاق مع السودان الشقيق على رعاية المصالح اليمنية». وعبر عن أمله في أن تزول الأسباب التي أدت إلى قطع العلاقة مع قطر، وأن تعود العلاقات الخليجية واليمنية مع الدوحة إلى طبيعتها.

من فمك أدينك

وكما يقولون، من فمك أدينك. فقد كشفت قناة الجزيرة القطرية أخيراً عن خيانة دولة قطر للتحالف العربي في الحرب الدائرة في اليمن.

وبثت القناة تقارير تهاجم التحالف العربي وتتهمه باستهداف المدنيين والفشل في تحقيق أهدافه. تقارير قناة الجزيرة الأخيرة إشادة بتحالف الحوثي وصالح في مواجهة التحالف العربي الذي أطلقت عليه القناة «تحالف العدوان»، علماً أن قطر كانت فيه فيه حتى الأمس القريب. وتعمدت «الجزيرة» مهاجمة الأجهزة الأمنية في المحافظات المحرّرة بهدف التحريض على هذه الأجهزة التي حققت إنجازات في مكافحة الإرهاب بدعم من دول التحالف العربي.

مراقبون في اليمن قالوا إن موقف «الجزيرة» الأخير يعكس حقيقة الموقف القطري من التحالف العربي في اليمن، وانحياز النظام القطري بشكل سافر للحوثيين وصالح في الحرب الأخيرة على حساب الأمن القومي للخليج والمنطقة العربية برمتها.

وأضافوا أن الموقف الصريح الذي عكسته القناة يوضح خيانة قطر للتحالف العربي في اليمن وانها خلال الفترة الماضية أثناء مشاركتها في التحالف العربي كانت بمثابة العميل المزدوج وذلك بهدف تقديم تسهيلات للحوثيين وصالح من خلال تزويدهم بمعلومات استخباراتية عن تحركات قوات التحالف العربي.

تحرّك دبلوماسي

في الأثناء، اجتمع محمد راشد المنصوري السكرتير الأول في سفارة دولة الإمارات لدى روسيا الاتحادية وكل من أحمد عبدالرحمن الساعاتي سفير مملكة البحرين ود.محمد البدري سفير مصر ومحمد الشمري نائب السفير السعودي أمس مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما الروسي ليونيد سلوتسكي.

وأطلع الدبلوماسيون الأربعة البرلماني الروسي على ما تعرضت له دولهم من أضرار وخسائر جراء دعم قطر للجماعات الإرهابية، والجهود السياسية التي بذلتها هذه الدول لإثناء الدوحة عن سياساتها العدوانية والتي لم تجد تجاوباً معها الأمر الذي اضطرت معه الدول الأربع إلى اتخاذ قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر حماية لأمنها الوطني وسلامة شعوبها وأراضيها. وقالوا إن المرحلة الحالية تتطلب تضافر جهود جميع الدول لإدانة ومكافحة الإرهاب على المستوى العالمي.

من جانبه قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما الروسي إن بلاده تتمتع بعلاقات متميزة مع الإمارات والسعودية والبحرين ومصر وهي ترحب بالتشاور مع قادتها في مختلف القضايا.

وأعرب عن تفهمه الكامل لمخاوف الدول الأربع والأسباب التي دعتها لاتخاذ مثل هذا القرار.. ودعا قطر للجلوس على طاولة الحوار مع أشقائها لإزالة هذه المخاوف وحل الخلاف بشكل سلمي بينها. وذكر أن اتفاقية الرياض التي وقع عليها أمير قطر عام 2014 كانت أساسا جيدا لحل الخلاف الذي نشب آنذاك ويجب على قطر أن تلتزم بها.

وأضاف أن روسيا كانت من أولى الدول التي حاربت الجماعات الإرهابية، مشيراً إلى أنها أدرجت جماعة الإخوان الإرهابية على القائمة السوداء بقرار من المحكمة العليا في روسيا منذ عشرة أعوام، فإنها تدعم إدراج هذه الجماعة على القائمة المحظورة التي أصدرتها الدول الأربع.

في سياق آخر، أكد موقع «برق الإمارات» تعرضه لعشرات آلاف حالات محاولات الاختراق. وقال موقع برق الإمارات على «تويتر» إن 16 ألفاً و900 محاولة اختراق للموقع الإلكتروني جرت خلال الأيام الماضية، مشيراً إلى أن مصدر هذه الاختراقات هو قطر.

Email