الدوحة لا تملك سجلاً قوياً في سباقات الخيل

فروسية قطر في مهب الريح

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

مع مقاطعة الدول العربية و الإسلامية لدولة قطر منذ قرابة الأسبوعين، تحول إتجاه الأوساط الرياضية ألي ما ستوؤل إليه الأوضاع بالنسبة لكأس العالم 2022، و التركيز لفتح الملف مرة أخرى، خاصة مع اتهام قطر بالأدلة التي لا تقبل الشك بتمويلها الإرهاب، والتدخل في شؤون الدول بهدف زعزعة أمنها واستقرارها، إلا أن الأوساط الرياضية في الوقت ذاته، تناست بأن للإمارة الصغيرة إستثمارات كبيرة في مجال صناعة وسباقات الخيول في أوروبا، مما جعلها تحاول منافسة أشهر السباقات و الإسطبلات حول العالم في السباقات الكبرى.

فقطر، لا تملك سجلاً قوياً في سباقات الخيل، نستطيع مقارنتها بإنجازات «جودلفين» و«شادويل» و «جودمونت» للأمير خالد بن عبد الله آل سعود، إلا أنها كعادتها تحاول بكافة الوسائل أن تناطح الكبار في هذا المجال، وحتى ولوكان هذا المال يستخدم فيما بعد لقتل الناس.

شراء السباقات

وألقت الأزمة على ظلالها في الأوساط البريطانية المهتمة بعالم سباقات الخيل، فالإمارة الصغيرة استثمرت أموالها في سباقات الخيول في بريطانيا،فالمال الذي صرف على شراء الذمم في ملف كأس العالم 2022، يختلف عن المال الذي صرف لشراء أشهر سباقات الخيل الأوروبية، فالإتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» يحقق في الملف بسبب الفساد الذي شابه، و هم في الأصل لن يخسروا شيئاً إذا قرروا سحب الإستضافة من قطر، و لكن على الجهة الأخرى فإن القائمين على السباقات في بريطانيا بحاجة ماسة للمال من أي جهة كانت، حتى إذا كان هذا المال ملطخاً بالدماء.

ففي ديسمبر من العام 2014، وقعت قطر إتقافية مع مضمار «جودوود»، لتغيير مسمى السباق إلى «مهرجان قطر جودوود» لمدة 10 سنوات، في صفقة وصفت يومها بالأغلى في سباقات الخيل البريطانية، حيث تبلغ جوائزها 4.5 ملايين جنيه إسترليني.

وبعد ستة أشهر، عقدت شركة قطر للإستثمار وتطوير المشاريع القابضة «كيبكو» إتفاقية بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني، مع سلسلة سباقات الأبطال ببريطانيا، والتي تشمل سباقات مضمار «نيوماركت» و«آسكوت» حيث تبلغ قيمة الجوائز المالية 5 ملايين جنيه إسترليني بحلول العام 2024.

وفي فرنسا، ترعى الدوحة سباق «الآرك» الكلاسيكي الشهير، حيث يتحول المهرجان في كل عام إلى منصة دعائية للترويج عن قطر، و تجميل سياساتها، خاصة أن معظم المدعوين هم من السياسيين في فرنسا وسفراء الدول في باريس، في حملة علاقات عامة منظمة، بعيداً عن أجواء السباق.

غموض الموقف

و يبقى الموقف البريطاني غامضاً، فالقائمون على سباقات الخيل في بريطانيا، أكدوا انهم سيتماشون مع السياسة التي سوف تتخذها الحكومة حيال الأزمة، مشيرين بأن الحكومة شجعتهم على تطوير العلاقات التجارية مع قطر، و لا نتوقع أن تتغير سياستهم حيال الأزمة القائمة.

وفي سلسلة سباقات الأبطال في بريطانيا، أكدوا بأن «كيبكو» هي شركة خاصة وسوف يستمرون في التعاون معها خاصة أنها قدمت الكثير للسباقات البريطانية من ناحية الرعاية والجوائز المالية.

وعلى هذا المنوال ذهب أيضا القائمون على مضمار «آسكوت، فيما أمتنع القائمون على مضمار» جودوود «عن التعليق على الموضوع.

تأثير محتمل

و لكن على الجانب الآخر، برزت عدة مخاوف من تأثر السباقات البريطانية نتيجة الأزمة، خاصة الإتهامات الموجهة لقطر في مجال دعم الإرهاب، و إذا ما قررت الحكومة البريطانية اتخاذ موقف متشدد حيال سياسات الدوحة الرامية لضرب الإستقرار العالمي.

فإذا تم التشديد على قطر من ناحية الإستثمارات الخارجية، فإن الشركات الراعية لن تكون قادرة على مواصلة رعايتها للسباقات، أو سوف تضطر إلى تخفيض قيمة الرعاية و التي سوف تؤثر بشكل مباشر على السباقات في بريطانيا.

كما أن الإجراءات الإقتصادية التي اتخذتها الدول المقاطعة للدوحة، سوف تؤثر على أداء هذه الشركات، والتي ستحاول بقدر المستطاع تخفيض إنفاقاتها الخارجية نتيجة الأزمة.

إنهاء السيطرة

وهذا سيفتح المجال مرة أخرى، لعدد من الشركات العالمية لإنهاء السيطرة القطرية على سباقات الخيول الأوروبية، و هناك عدة أمثلة ناجحة في هذا المجال على رأسها، شركة» طيران الإمارات «التي ترعى كأس دبي العالمي السباق الأغلى في العالم، و سباق» ملبورن كب «في إستراليا.

كذلك برزت مطالب من داخل المهتمين بقطاع الفروسية في بريطانيا، بأن تلعب الشركات العملاقة المحلية دوراً أكثر حيوية ونشاطاً في هذا المجال، معتبرين السباقات الكلاسيكية شأناً داخلياً وإرثاً رياضياً يجب الإهتمام به اكثر.

كما أن هناك توقعات كبيرة، بعدم مشاركة الخيول الإماراتية والسعودية في سباقات الخيل التي تقام برعاية قطر، تنفيذاً لقرار المقاطعة، مما سيؤثر سلباً على السباقات في أوروبا بشكل عام، وبريطانيا بشكل خاص.

إمتداد إقليمي

وعلى الصعيد الإقليمي، فإن الإسطبلات القطرية مثل» قطر ريسنغ «و» الشقب) ستحرم من المشاركة في السباقات التي تقام في الدول المقاطعة، خاصة كأس دبي العالمي، بل إن التأثير سيمتد إلى ملاك الإسطبلات الخاصة في قطر.

كما ستتضاعف تكلفة نقل الخيول من إسطبلاتها في الدوحة إلى الخارج، مع إغلاق الدول المقاطعة لمجالها الجوي أمام الطائرات القطرية، مما سيسبب المزيد من الخسائر في مجال صناعة الخيول في قطر، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الأعلاف والتي كانت تأتي من الدول المجاورة عن طريق المعابر البرية والبحرية.

إذاً ليس فقط ملف كأس العالم 2022 سيتأثر، بل أيضا أحلام إمبراطورية الفروسية والتي كانت قطر تريد أن تبنيها على أنقاض الإرث التاريخي لهذه السباقات، فالمال لا يشتري كل شيء، بل إنه سينقلب ضد أصحابه الذين لم يتوانوا يوماً من استخدامه في شراء الذمم و محو كل شيء جميل ورائع في الرياضة.

Email