تخبّط إعلامي قطري.. وأزمة المصداقية تعصف بالجزيرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تخبط إعلامي قطري عكس تخبطا سياسيا تعيشه الدوحة ووسائل اعلامها المرئية والمكتوبة والمسموعة، أكثر من واقعة شاهدها أو استمع إليها أو قرأها المتابعون للأزمة التي أدخلت الدوحة نفسها فيها بسبب دعمها للإرهاب وسياساتها التي تسير كموج يتخبط ذات اليمين وذات اليسار.

ترقب القطريون خطاب أميرهم ومعرفة ردة فعله من خلال كلمة قطعت لها قناة «الجزيرة» أحد برامجها فجأة، لنقل الخطاب على الهواء مباشرة، بيد أن كلمة الأمير لم تتجاوز الجملة أو الجملتين، فتقطع كلمة الأمير ويرجعون للبرنامج مرة أخرى.

وكأن شيئا لم يكن، وهذا الأمر أثار تساؤلات عديدة عمن هو المتحكم بالإعلام في الدوحة، ومن يديره ويملك صلاحية قطع خطاب الأمير على الهواء، حيث عادت قناة الجزيرة لمواصلة برنامجها وكأنه لم يحدث شيء.

ففي الوقت الذي تحاول فيه الجزيرة، قلب الحقائق والتربص بتصريحات المسؤولين الخليجيين في دولة الإمارات أو السعودية أو البحرين، تحاشت تماماً كل الأخبار التي تظهر قطر أنها الداعم الرئيسي للإرهاب، وذهب التخبط الإعلامي بهذه القناة إلى بث مضطرب ونشرات أخبار متناقضة وأداء مترد للمذيعين ومقدمي البرامج الإخبارية.

هذا القلق والتوتر على قناة الجزيرة بدا واضحاً خلال الأسبوع الماضي، وقد كشف عن خلفياته العديد من العاملين في قناة الجزيرة في الولايات المتحدة الأميركية وحتى في المركز الرئيسي في الدوحة.

وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بجيش الجزيرة الإلكتروني الكاذب، الذي بات يواجه على جبهتين جبهة البث المباشر وجبهة تويتر، فترى كل العاملين في الجزيرة بالإجماع يعملون على محورين، محور البرامج التلفزيونية ومحور تويتر، حيث بات هؤلاء يمضون كل أوقاتهم بين تويتر والاستديوهات.

اعتراف

وفي الولايات المتحدة الأميركية اعترف العاملون في الجزيرة بحالة التخبط في أروقة القناة. وكشف عاملون سابقون في شبكة الجزيرة الإخبارية لوسائل إعلام أميركية، عن إجراءات اتخذتها إدارة قناة الجزيرة حول تسريح عدد من الموظفين تحت شعار إعادة هيكلة تهدف إلى إعادة تخصيص الموارد لعملياتها الإخبارية الرقمية.

وتأتي هذه الإجراءات بعد أن باتت الجزيرة تحت الضغط الجماهيري وخصوصا الخليجي، بعد أن انكشفت كل أساليبها التحريضية. ومن بين العاملين الأربعة كان أمجد عطا الله، المسؤول السابق عن مركز عمليات الجزيرة في الولايات المتحدة الأميركية، الذي اعتبر أن الضغوط التي خلفتها الأزمة القطرية كان لها تأثير بالغ على العمل في قناة الجزيرة.

ويؤكد بحكم خبرته السابقة أن الأجواء لم تعد صالحة للعمل في هذه القناة.

تسريح

وكشف الموظفون الأربعة في حديثهم لوسائل إعلام أميركية، عن جملة من التسريحات التي دبت في القناة بعد انسحاب العديد من الموظفين الخليجيين، معتبرين أن هذه الانسحابات من قبل الموظفين الخليجيين تصيب القناة في مقتل من الناحية المعنوية ومن الناحية التقنية.

وقالوا إن سياسات الجزيرة الخاطئة وأداءها في الآونة الأخيرة، تحول إلى وبال على العاملين بسبب المواقف السياسية التي تصدرها القناة وأشاروا على سبيل المثال: «في الماضي، فرضت علينا قيود بسبب سياسات القناة، فتم حظر قنواتنا في بعض البلدان أو المناطق وتم قطع الوصول إلى المنصات الرقمية لدينا وأغلقت مكاتبنا في بعض الدول وإلغاء تراخيصها».

في غضون ذلك، كشف موظف ثان بأن قناة الجزيرة كانت تغري الصحافيين الغربيين للعمل فيها وتعرض لهم مرتبات ومغريات مالية تعتبر أعلى من المعتاد في اروقة القناة، وهم بالطبع لا يترددون في العمل ومهما حدث سياسياً.

فهذا شأن الحكومة القطرية. وهذه الاستراتيجية من أجل عدم ربط سياسة الجزيرة بالأشخاص العرب العاملين فيها، باعتبار الصحفي الغربي غير مرتبط بمواقف سياسية تجاه الدول العربية.

وفي ظل المطالبات الخليجية بإغلاق قناة التطرف والتحريض الطائفي «الجزيرة»، باتت حالة التخبط الإعلامي واضحة على البرامج اليومية، بينما فقدت الجزيرة العديد من المحللين الذين رفضوا الظهور على قناة الجزيرة للحديث عن الأزمة الحالية التي تعيشها قطر.

وعلمت «البيان» من مصادر إعلامية رفيعة ومعروفة، أن العديد من المحللين السياسيين السوريين والخليجيين، رفضوا في أكثر من مرة الظهور على قناة الجزيرة، معتبرين أن الحديث في هذه الفترة ليس مناسباً.

لذا اتجهت الجزيرة إلى أسماء إعلامية مغمورة في الآونة الأخيرة للتغطية على الفشل الذريع في اجتذاب المحللين الذين يرون في الأداء القطري خروجاً عن الإجماع الخليجي والعربي.

حجج ضعيفة

يرى مراقبون أن الدوحة تعيش منذ خطاب أميرها تخبطاً إعلامياً وسياسياً واضحاً تسبب في ضرر أكثر من الضرر الأول لأسباب كثيرة، ويأتي على رأس هذه الأسباب الحجج الضعيفة، التي استند إليها الإعلام الرسمي في قطر، لتكذيب تصريحات أميره، التي تسببت بالأزمة وعكست سياسة قطر المتناقضة والمزدوجة.

وكانت وكالة الأنباء القطرية أفادت بأن سلطاتها طلبت سحب سفرائها من المملكة ومصر والكويت والبحرين والإمارات، لتعود بعدها وتفيد بأن الموقع تعرض للقرصنة، في حين غرد وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، قائلا: «إنه لم يقل سحب أو طرد السفراء وإن تصريحه أخرج من سياقه».

وجاء هذا التضارب على خلفية تصريحات أمير قطر تميم بن حمد، خلال حفل تخريج الدفعة الثامنة من مجندي الخدمة الوطنية في ميدان معسكر الشمال، والتي نقلتها الوكالة أيضاً.

وفيما بعد، نقلت فضائية «الجزيرة» عن «قنا» أن حسابها على تويتر تعرض بدوره للقرصنة، وذلك بعد نشره أن قرار قطر سحب سفرائها من الدول العربية الخمس، زاعمة أن ما تم نشره ليس له أي أساس من الصحة، وأن الجهات المختصة ستباشر التحقيق في هذا الأمر، ما يعكس تخبطا بينا، ونوايا مبيتة، الا أن التخبط هو الذي ساد بعدها.

الإساءة وبلعها

وفي سياق تخبطها الواضح نشرت قناة «الجزيرة» رسما كاريكاتيراً مسيئا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وسرعان ما تصدى مغردون لإساءة القناة المتخبطة وفي السياق انتشر هاشتاغ «قناة الجزيره تسيء للملك سلمان»، وحل في المركز الأول للوسوم الأكثر تداولا في المملكة.

وبعد ما أثار موجة غضب واسعة وجدلاً في مواقع التواصل، حذف القائمون على موقع «الجزيرة نت» الكاريكاتير بعنوان «أخبار مفبركة» نظرا للغط الذي أثاره، بحسب ما أعلنت الشبكة، مشيرة إلى أنها لم تقصد بأي حال الإساءة لخادم الحرمين الشريفين، كما تم التداول.

وأن ما حدث من ربط لدى البعض هو «اصطياد في الماء العكر». وفي السياق، كذبت إريتريا ادعاءات الإعلام القطري بشأن وقوف أسمرا إلى جانب الدوحة إثر قطع دول عدة العلاقات معها، لدعم النظام القطري الإرهاب والإضرار بالأمن القومي الخليجي والعربي.

ووفقا لموقع «سكاي نيوز» قال وزير الإعلام الإريتري يماني ميسكيل، على حسابه بموقع تويتر: إن «البيان الصحافي الصادر باللغة العربية والمنسوب لوزارة الخارجية الإرتيرية بشأن قطع العلاقات بين دول عربية وقطر مزور».

وكانت وسائل إعلام قطرية نشرت بياناً موقعاً بختم وزارة الخارجية في أسمرا جاء فيه رفض إرتيريا لطلب المملكة والإمارات قطع العلاقات مع قطر، دون الإشارة إلى مصدر البيان وكيف وصل إليها.

مرحلة اختناق

ووصل التخبط في الإعلام القطري إلى مرحلة الاختناق، نظرا للحقائق التي أوردتها الصحف السعودية وبشكل يومي على صفحاتها ومواقعها الإلكترونية ومعها عدد كبير من المغردين. وقال مراقبون، إن الإعلام القطري يمر بمرحلة الهذيان، كما أن هذا الإعلام أصبح يكذب الكذبة ويحذفها.

ويرى هؤلاء المراقبون أن الإعلام القطري ضلل سواداً عظيماً من الناس طوال السنوات الماضية وخصوصا قناة «الجزيرة»، إلا أن الحقائق سرعان ما تكشفت، وسقطت ورقة التوت، كما برزالوجه القبيح لتلك القناة بعدما سقط قناع الزيف لتراها عيون وبصائر، أنها محض محرض على التفرقة والمشاكل بين الأشقاء العرب والمسلمين ليس إلا.

وفي سياق تعليقهم على ما يجري في الدوحة، قال هؤلاء المراقبون: يجب أن تعرف قطر أن الوضع ليس في صالحها، ويجب عليها الاعتذار والتخلص من العقول المدبرة للإرهاب كعربون أولي عن حسن النوايا تجاه جيرانها ولحمتها وعروبتها.

وقال خبير اعلامي: «إن ‏الغرف السوداء للنظام القطري بلغت الحضيض، فتارة تفبرك تصريحات تنسبها لمواطنين إماراتيين وتارة تفبرك تصريحات لمسؤولين إماراتيين، وما زال التخبط مستمرا». وتابع: «كلما طالبنا الدوحة بالشفافية ومصارحة النفس وجدناها تغرق أكثر في الوهم والإنكار، أدلة دعم الإرهاب واضحة ولا يمكن الهرب منها بتهريجات إعلامية».

إساءة

صحيفة الراية القطرية وفي آخر حلقات التخبط والإساءات قامت الأربعاء بحذف خبر أساءت فيه لهيئة كبار العلماء في المملكة، على خلفية تأييده للمقاطعة الخليجية لقطر.

وأشعلت الصحيفة موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة وغيرها فور صدورها صباح الأربعاء، إذ تعد هيئة كبار العلماء أرفع هيئة دينية في المملكة، كما أن فتاواها معتمدة في عدد كبير من الدول العربية والإسلامية، لتضطر الصحيفة لحذف الصفحة التي تضمنت الإساءة، بعد موجة الغضب التي تسببت بها دون أي تعليق منها.

 

Email