أكبر خسارة يومية للأسهم منذ 2009 .. والمشروعات التنموية في مهب الريح

الاقتصاد القطري يدفع فاتورة المـــــــراهقة السياسية للدوحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يدفع الاقتصاد القطري فاتورة المراهقة السياسية لصناع القرار في الدوحة، بعد إعلان 8 دول على رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين ومصر، أمس، قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية ووقف رحلات الطيران، وذلك رداً على الممارسات القطرية الخارجة عن الإجماع العربي والخليجي، وإصرارها على شق الصف ودعم تنظيمات إرهابية.

وفي باكورة الآثار السلبية المترتبة على قرار قطع العلاقات، انهارت البورصة القطرية، أمس، حيث فقدت نحو 39.2 مليار ريال (10.7 مليارات دولار) من قيمتها السوقية، بعدما هوت مؤشراتها الرئيسة إلى أدنى مستوياتها خلال عام ونصف العام لتسجل بذلك أسواء أداء يومي لها منذ ديسمبر 2009، وانحدر مؤشر قطر العام بنسبة 7.27 في المئة، وسط حالة من الهبوط الجماعي للأسهم بالحد الأقصى بسبب عمليات بيع اتسمت بالهلع نفذها متعاملون راغبون في الخروج من السوق.

وفي سياق متصل، من المتوقع أن يتكبد الاقتصاد القطري خسائر باهظة من جراء قطع العلاقات، إذ أصبحت الخطط التنموية والمشاريع الإنشائية الكبرى بدولة قطر في مهب الرياح، في ظل غلق المنافذ البرية، وما سيترتب عليه من ارتباك شامل في واردات قطر، نتيجة توقف عمليات إعادة التصدير من كل من الإمارات والسعودية والبحرين إلى السوق القطري.

علماً بأن استمرار هذه المشاريع يعتمد على استيراد معدات وأجهزة ولوازم كثيرة تستوردها قطر عن طريق الموانئ الكبرى والمناطق الحرة في الإمارات والسعودية، ومن الصعب على الدوحة في الوقت الراهن إيجاد موانئ أو مناطق حرة بديلة تستورد احتياجاتها منها بسرعة مما يفاقم الأزمة لديها.

ويعد الطيران القطري أحد أكبر القطاعات المتضررة من قرار قطع العلاقات، إذ من المتوقع أن يتكبد خسائر بمليارات الدولارات من جراء قرار وقف الرحلات إلى الدوحة، ومنع الخطوط الجوية القطرية من المرور أو الهبوط في عدد من الدول الخليجية والعربية.

ومن جهتها، أكدت وكالة موديز إنفستورز سيرفيس للتصنيفات الائتمانية، أن إغلاق الطرق البرية والجوية والبحرية من شأنه التأثير سلباً في الجدارة الائتمانية لقطر إذا عطل التجارة وتدفقات رأس المال.

وارتفعت، أمس، تكلفة التأمين على الديون السيادية القطرية إلى أعلى مستوياتها في شهرين، فيما هبطت السندات الدولارية السيادية لقطر استحقاق 2026 لأقل مستوى منذ مارس الماضي.

الى ذلك،اعتبر كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط في «سيتي بنك» فاروق سوسة في بيان، أمس، أن طبيعة ومدى الإجراءات الخليجية ضد الدوحة، والتي وصفها بـ«الشديدة» قد تحفز القطريين إلى الإسراع في إيجاد حل لأي خلافات مع جيرانها وفي أقرب وقت ممكن.

وأضاف أن تأثير الأزمة في المدى القریب یمكن احتواؤه، ولكن نرى مخاطر كبیرة فیما یتعلق بالأثر الاقتصادي والمالي لهذه الإجراءات طالما طال أمدها، وهو ما يمكن تلخيصه في 5 تأثيرات:

الأول:تضخم أسعار المواد الغذائية، حيث إن جزءاً كبيراً من إمدادات قطر الغذائية يأتي براً عبر السعودية، وأن التحول إلى الطرق الجوية والبحرية سيؤدي إلى زيادة التكاليف.

الثاني:تراجع النمو الاقتصادي على خلفية تأثر قطاع الإنشاءات الذي يعتبر محركاً رئيسياً للاقتصاد القطري ويعتمد جزئياً على الطرق البرية للإمدادات.

الثالث:التأثير المحتمل في المشروعات المرتبطة باستضافة قطر لبطولة كأس العالم – في حال لم يتم رفع العقوبات في وقت قصير – خصوصاً وأنه من المخطط أن تتم إقامة عدد كبير من المشجعين في الأراضي المجاورة لقطر.

الرابع:الأثر على الخطوط الجوية القطرية، إذ يمكن أن يكون لفقدان الطرق الجوية وتغيير المجال الجوي للرحلات تأثير سلبي طويل الأجل في أعمال الخطوط الجوية القطرية من حيث تآكل الأرصدة المالية وزيادة متطلبات التمويل للشركة.

ويمكن للحكومة أن تستوعب أي زيادة في تكاليف أو خسائر النقل إلى الخطوط الجوية القطرية، ما سيؤدي بدوره إلى زيادة متطلبات وكلفة الاقتراض السيادي.

الخامس:ارتفاع كلفة الاقتراض - نلاحظ أن السيولة في القطاع المصرفي في قطر تأثرت بشدة بانخفاض أسعار النفط التي أدت إلى التشدد في اشتراطات التمويل وارتفاع الالتزامات الأجنبية للقطاع المصرفي (حالياً 105 مليارات دولار مقارنة مع صافي احتياطي العملات الأجنبية البالغ 34 مليار دولار).

ونعتقد أن استمرار العقوبات لفترة طويلة من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم ذلك، وربما تجعل تمويل الالتزامات الخارجية أكثر كلفة وصعوبة، بحسب سوسة.

تأثير سلبي

قال أحد كبيري المحللين لدى وكالة موديز إنفستورز سيرفيس للتصنيفات الائتمانية في تصريحات، إن الوكالة قلقة من أن الخلاف بين قطر ودول أخرى في المنطقة قد يؤثر في التصنيف الائتماني للدوحة إذا تعطلت التجارة وتدفقات رؤوس الأموال.

وقال ماتياس أنجونين في دبي: «هناك درجة كبيرة من الضبابية. ليس هناك الكثير من الوضوح بشأن ما يمكن أن يحل هذا الخلاف بين قطر ودول أخرى في مجلس التعاون الخليجي».

وأضاف: «التوتر الأخير انتهى من دون تداعيات ائتمانية»، في إشارة إلى خلاف يعود لشهر مارس 2014 عندما سحبت السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين سفراءها من قطر.

وأردف: «لكن هذه المرة في ظل إغلاق الطرق البرية والجوية والبحرية يظهر تصعيد سلبي على الناحية الائتمانية ونحن قلقون من أن يكون لذلك أثر ائتماني إذا عطل التجارة وتدفقات رأس المال».

ارتفاع الكلفة

ارتفعت كلفة التأمين على الديون السيادية القطرية إلى أعلى مستوياتها في شهرين.

وارتفعت عقود مبادلة مخاطر الائتمان القطرية لخمس سنوات نقطتي أساس عن إغلاق يوم الجمعة، لتصل إلى 61 نقطة أساس، مسجلة أعلى مستوى لها منذ أوائل أبريل الماضي.

وقال محلل بوكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، إن الأزمة قد تؤثر في التصنيف الائتماني لقطر إذا أدت إلى تعطل حركة التجارة وتدفقات رؤوس الأموال. وتراجعت السندات الدولارية السيادية لقطر أيضاً.

هبوط السندات

هبطت السندات الدولارية السيادية لقطر استحقاق 2026 لأقل مستوى منذ مارس الماضي.

وانخفضت السندات الدولارية السيادية لقطر استحقاق 2026 بواقع 1.8 سنت وفقاً لبيانات تريدويب إلى 99 سنتاً للدولار. كما نزلت السندات الأقصر أجلاً استحقاق 2019 وسجلت أقل مستوى لها منذ أواخر 2013 على الأقل.

وكان أحد كبيري المحللين بوكالة «موديز للتصنيف الائتماني» قال: إن هذا الخلاف قد يؤثر سلباً في الجدارة الائتمانية لقطر إذا عرقل التجارة والتدفقات الرأسمالية.

Email