العلاقات السعودية الأميركية بين انتكاسـات أوباما وانطلاقة ترامب

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بدا أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والولايات المتحدة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب سيعملان قريباً على إعادة رسم معالم جديدة للمنطقة.

ووضع المملكة كونها دولة محورية في العالمين العربي والإسلامي ومركز اتخاذ القرار فيهما في مركز القيادة لترسيخ السلم والأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، خاصة بعد أن أثبتت الرياض عملياً أهليتها وقدرتها للقيام بهذه الأدوار من خلال ثقلها الديني والسياسي والاقتصادي، فضلاً عن قوتها العسكرية والأمنية الضاربة.

ويتفق المراقبون على أن العهد الأميركي الجديد بقيادة ترامب، سيشهد تحالفاً غير مسبوق مع السعودية لحصار نفوذ إيران ووقف تدخّلاتها السافرة في شؤون الدول العربية من المحيط إلى الخليج بعد أن أثبتت السعودية عملياً .وعلى أرض الواقع قدرتها على مواجهة إيران وإحباط طموحاتها في التمدد إقليمياً في المنطقة، فضلاً عن تنامي الثقة الأميركية فيها كشريك حقيقي وقوي لإنهاء التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا، وهي الأهداف التي كان ترامب أعلنها في حملته الانتخابية.

رسالة دعم

ويؤكد محللون سياسيون سعوديون أن العادة التي جرت لدى الإدارات الأميركيَّة السابقة أن يكون وزير الخارجية هو المبعوث الدبلوماسي لمنطقة الشرق الأوسط، غيران إدارة ترامب أوفدت وزير الدفاع المعروف بعدائه لإيران جيمس ماتيس للسعودية في أبريل الماضي ما يبعث رسالة دعم قوية للرياض وبقية دول مجلس التعاون الخليجي إزاء التهديدات الإيرانيَّة المتواصلة إضافة إلى مواجهة التهديدات الإرهابية، التي باتت واشنطن تعتبر طهران أحد مموليها.

ويقول أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الملك عبد العزيز د.أسامة مطرفي إن العلاقات السعودية الأميركية شهدت في عهد الرئيس السابق باراك أوباما توتراً غير مسبوق هدّد بسقوط آخر خيوط الشراكة الاستراتيجية بينهما، بعد أن أقر الكونغرس الأميركي قانوناً يحظر بيع الأسلحة إلى السعودية.

وآخر باسم «قانون جاستا» الذي يحمّل المملكة المسؤولية عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001؛ ما دفع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى التهديد، حسب صحيفة «نيويورك تايمز» آنذاك، بأن تبيع الحكومة السعودية أصولها الأميركية البالغة 750 مليار دولار.

وأضاف مطرفي قائلاً «لقد تصاعدت الخلافات بين واشنطن والرياض بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، لوجود قناعة لدى السعودية بأن الاتفاق يعزّز وضع إيران الإقليمي، وأنه جاء على حساب العلاقات الأميركية مع بلدان مجلس التعاون الخليجي.

مشيراً إلى أن سياسة واشنطن تجاه المنطقة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما فقدت مصداقيتها لدى السعودية، ما أثر سلباً على قدرة الإدارة الأميركية السابقة في التعامل مع الأزمات التي تعرضت لها المنطقة».

إمكانات ذاتية

وأفادت دراسات سياسية بأن السعودية في ظل الملك سلمان لم تعتمد كثيراً على الولايات المتحدة بسبب سياسات أوباما العرجاء، بل بدأت ترسم استراتيجية جديدة تستند إلى الاعتماد على إمكاناتها الذاتية وبناء تحالفات إقليمية من أجل الحفاظ على أمنها، وتحقيق سياساتها في المنطقة لمواجهة ما تراه مداً إيرانياً في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ومنع إيران من استغلال الاتفاق النووي لتحقيق منافع في الصراع على قيادة الإقليم مع المملكة.

ومن جهته قال الخبير الاستراتيجي د. محمد بن عمر الهيازع إن العلاقات السعودية الأميركية حالياً تغيرت جذرياً عما كانت عليه في عهد أوباما، لأن الرئيس الحالي دونالد ترامب وإدارته أدركا الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته إدارة أوباما.

وأضاف الهيازع أن السعودية صنّفت عالمياً أنها من أكثر دول العالم محاربة للإرهاب وللفكر التكفيري؛ لذلك تعهدت إدارة الرئيس دونالد ترامب للسعودية بزيادة الدعم لمواجهة خطر مليشيات إيران وتدخّلاتها في المنطقة، وفق ما نقلته صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية.

زيادة التعاون

وكشفت المعلومات عقب اجتماعات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، وغيره من مسؤولي الإدارة الأميركية مع الوفد السعودي المرافق لولي ولي العهد، محمد بن سلمان، وما أعقبها من محادثات سياسية وأمنية وعسكرية مكثّفة بين الجانبين السعودي والأميركي أن إدارة ترامب تعهدت للسعودية بزيادة التعاون على مجموعة من الجبهات منها التعاون المخابراتي، وتقديم معدات عسكرية بشكل متزايد للوقوف بوجه الأنشطة الإيرانية.

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي السعودي فهيم الحامد أن التحول في الموقف الأميركي تجاه الرياض، جاء نتيجة للفهم الاستراتيجي للإدارة الجمهورية، لحقيقة الموقف السعودي الداعم لإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة، وكبح الإرهاب ولجم إيران، والنظر للمصلحة الاستراتيجية للشراكة، كونها البوصلة الذي تحدد مستوى وطبيعة العلاقات.

وأضاف: خلال فترتي حكم أوباما تراجع الدور الأميركي في المنطقة بشكل مخيف، ما أفسح المجال لروسيا وإيران والميليشيات الطائفية للهيمنة على سوريا والعراق ولبنان، إلا أن إدارة ترامب غيرت هذه النظرية خلال الـ 100 يوم الأولى من حكمها، وأصبحت اللاعب المتحكم في إعادة رسم الخريطة السياسية في المنطقة.

500

يشارك أكثر من 500 إعلامي من مختلف دول العالم في تغطية القمم الثلاث التي ستنعقد في الرياض اليوم وغداً. وبحسب تصريحات لمسؤولين سعوديين فإن المملكة تسعى عبر استراتيجية طموحة إلى استثمار الإعلام والتقنية الحديثة في نقل الحدث بوسائط جديدة للمتلقي في كل مكان ضمن جهودها في رؤية 2030 الساعية للنهضة الشاملة في المجالات كافة وأبرزها تنمية اقتصاد المملكة وتشجيع الاستثمار الأجنبي.

50

سيجتمع زعماء أكثر من 50 دولة إسلامية في المملكة العربية السعودية بالتزامن مع زيارة رئيس الولايات المتحدة للمملكة. وسيشارك دونالد ترامب في القمة العربية الإسلامية الأميركية خلال زيارته ويلتقي قادة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية لبحث سبل التعاون في مواجهة تهديد التطرف والإرهاب الدولي. كما سيحضر قمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تناقش قضايا التجارة والأمن والعلاقات الثقافية بين هذه الدول.

100

سيعقد منتدى رفيع المستوى بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في الرياض يحضره أكثر من 100 شخصية من كبار المديرين التنفيذيين للشركات الأميركية والسعودية. وستجري فيه مناقشة فرص الاستثمار المشترك والشراكات التجارية لإيجاد فرص عمل إضافية والدفع بسبل النمو الاقتصادي للبلدين.

2030

تسعى المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030 إلى إحداث نقلة نوعية في المجالات كافة. وتتضمن خطة العمل في هذه الرؤية استثماراً ضخماً في تحديث البنية التحتية وتأسيس صناعات متقدمة تقنياً لتنويع الاقتصاد وإيجاد فرص عمل للسعوديين قائمة على المعرفة.

أفضلية

قال الباحث د. سلطان بن فهد السبيعي إن تلاقي وجهات النظر السعودية والأميركية خلال المئة يوم الأولى للرئيس دونالد ترامب، حول الملف الإيراني والأوضاع في المنطقة، فضلاً عن زيارة ترامب للسعودية كأول محطة خارجية هو قرار «تاريخي» يؤشر لإحداث نقلة نوعية بين البلدين.

وأضاف إن ترامب أكد بنفسه على «تاريخية» اختيار السعودية كأول محطة خارجية له عندما قال «أفتخر بأن أنقل لكم هذا الإعلان التاريخي والعظيم وهو أن زيارتي الخارجية الأولى كرئيس للولايات المتحدة الأميركية ستكون للسعودية ثم إسرائيل وبعد ذلك روما».

Email