إسرائيل تضع ترامب قيد الاختبار الاستيطاني

مستوطنة بيت إيل ملاصقة للخاصرة الشرقية لمدينة البيرة ــ أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تزداد المعطيات التي تدلل على أن القضية الفلسطينية تمر في أوضاع أكثر صعوبة، نحو مزيد من التهميش وقضم الأرض في ظل المتغيرات الدولية، وفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، ويشكل ذلك منعطفاً خطيراً، في ظل انقسام فلسطيني امتد طويلاً وأدى لمزيد من الحسم على صعيد الديموغرافيا وفرض وقائع الاستيطان.

وفي خطوة أولى في هذه الاتجاه، صادقت إسرائيل قبل بضعة أيام، في المرحلة التمهيدية على قانون تبييض المستوطنات، في وقت تستعد السلطة الفلسطينية للتوجه إلى مجلس الأمن أو المحكمة الجنائية الدولية لإبطاله.

المصادقة على مشروع القانون، تمّت بالتوافق بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ووزير التعليم نفتالي بينيت الذي يشغل منصب رئيس حزب البيت اليهودي وهو من التيار الأكثر تشدداً، على التصويت لصالح المشروع، ونقل 40 عائلة من بؤرة «عمونة» العشوائية شمالي شرق رام الله، إلى أراضٍ قريبة تعود للاجئين فلسطينيين صادرتها السلطات الإسرائيلية بالسلاح المسمى «قانون أملاك الغائبين».

الاتفاق تضمن إزالة البند السابع من مشروع القانون الذي كان ينص على تطبيقه بأثر رجعي، ليشمل بؤرة «عمونة»، لكن القانون الجديد يتيح إخلاء البؤرة الاستيطانية فقط، ويشرعن باقي البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية.

بينيت قال لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن النص «خطوة أولى نحو السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية»، في حين أكد نتانياهو أن «جهوداً جبارة تُبذل لإيجاد حل لسكان النقطة الاستيطانية العشوائية عمونة».

انتقادات

سعي حكومة نتانياهو لإقرار مشروع القانون هذا، أثار انتقادات من دول كثيرة، حيث أكد منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف أن الهدف منه توفير الحماية لمستوطنات غير شرعية مبنية على أملاك فلسطينية خاصة.

لكن المعارضين لمشروع القانون في إسرائيل، وهم ينطلقون من مصلحتها أيضاً، يرون في شرعنة البؤر الاستيطانية خطراً على إسرائيل نفسها، لأنهم يعتبرون النتيجة الطبيعية لهذه السياسة القضاء على حل الدولتين وحض الخطى باتجاه دولة واحدة ثنائية القومية تضم الفلسطينيين أيضاً. وعلى هذا الأساس ندّد زعيم المعارضة الإسرائيلية اسحق هرتزوج بمشروع القانون، ووصف يوم إقراره بأنه «يوم أسود للكنيست وانتحار وطني»، محذّراً «تذكّروا هذا اليوم»، بعد أن مزّق نسخة من نص مشروع القانون.

ثنائية القومية

وتابع: «هذا القانون سيؤدي بنا إلى دولة ثنائية القومية تضم اليهود وعرب إسرائيل والفلسطينيين (في إشارة إلى ضم الضفة الغربية)»، فيما أعلن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية افيحاي مندبليت أنه لن يدافع عن القانون أمام المحكمة العليا، ما يعني سقوطه، وربما سقوط الحكومة الإسرائيلية، بعد أن هدد بينيت بإسقاط الحكومة في حال عدم المصادقة على القانون.

وكان لقاء عقده بينيت في نيويورك قبل أسبوعين مع عدد من أعضاء طاقم ترامب مؤشراً آخر على الوضع الذي يؤول إليه المشهد السياسي الإقليمي والدولي، وما جرى طرحه من جانب بينيت يعني أن الكنيست الإسرائيلي بدأ في إخراج خطته لشطب القضية الفلسطينية إلى العلن.

وعرض بينيت على طاقم الرئيس المنتخب مقترحات لخطة بديلة لكي يتبناها البيت الأبيض، تتلخص في منح حكم ذاتي للفلسطينيين في التجمعات السكنية القائمة بالضفة الغربية، على أن تبقى لإسرائيل السيادة الأمنية والعسكرية.

ودعا بينيت طاقم ترامب إلى ترك حل الدولتين جانباً، والبحث عن بدائل وأطروحات مغايرة للسياسة التي كانت دارجة في عهد الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما بكل ما يتعلق في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

رئيس اللجنة المحلية للتنظيم والبناء في بلدية الاحتلال بالقدس مائير ترجمان، قال إنه سيتم دفع مخططات لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس، معتبراً فوز ترامب بمثابة ضوء أخضر للمصادقة على استمرار البناء الاستيطاني، حيث يدور الحديث عن مشاريع استيطانية جمّدها أخيراً رئيس البلدية نير بركات بضغوط دولية.

24 عضواً في حزب الليكود أعلنوا دعمهم تمرير قانون شرعنة البؤر الاستيطانية، كما نشر ما يسمى المجلس القومي في الحزب إعلاناً على صفحة كاملة في صحيفة «هآرتس» العبرية، تحت عنوان «نعم للاستيطان في جميع أرجاء الضفة الغربية ولا لاقتصاره على الكتل الاستيطانية الكبيرة».

تغوّل استيطاني

وذكر المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان أن ثمّة مخططات كبرى تهدف لعزل القدس بشكل نهائي عن محيطها الفلسطيني، وربط المستوطنات ببعضها البعض، ما يؤدي إلى تقويض أية فرصة لتطبيق حل الدولتين.

بؤرة

تقع بؤرة عمونة شمال شرق رام الله، وهي مجاورة لمستوطنة عوفرا، وتم هدمها مرتين عام 2006، وتصدى آلاف المتظاهرين لعملية إخلاء البؤرة الاستيطانية وهدمها، وتطورت مواجهة عنيفة بين المستوطنين والجنود، وتم هدم منزل في عمونة عام 2013 بناءً على قرار المحكمة الإسرائيلية، وقرّرت المحكمة الإسرائيلية إخلاء المستوطنة نهاية هذا العام.

Email