الموت والنزوح رديفان في الموصل

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يرى العراقيون فرقاً يُذكر بين النزوح والموت، يدفعون ضريبة «سياسات حمقاء» وغدر عشائري وإهمال حكومي، عوامل أدخلتهم في حيرة أي الخيارين يفضّلون؟، لا أمل يلوح في الأفق، فبعد أن راود الأمل نازحي الأنبار في العودة إلى ديارهم وأخذوا يعدون الأيام لتحقيق ذلك، بدأت أزمة نازحي الموصل التي ستتحول إلى كارثة إنسانية في التفجّر.

يتمسّك مصطفى يعقوب، رب أسرة بالبقاء في الموصل، قائلاً إنه لن يترك منزله ويخرج مع عائلته، كي لا يتعرض لما حل بالنازحين الذين فرّوا من قضاء الشرقاط وأطراف الموصل، فالنزوح عنده «رديف الموت».

ويرى يعقوب أن الحكومة لم تضع خطة مُحكمة لاستيعاب نازحي الموصل، وأن «داعش» يتربص لاستخدامهم دروعاً بشرية حال دخول الجيش المدينة أو قصفه لها.

ويروي عدنان سرحان، الذي أفلت قبل أشهر من قبضة «داعش» وفرّ إلى بغداد، المغامرة القاسية التي عاشها خلال رحلته التي استمرت أسابيع، وكيف أن قوى الأمن ألقت القبض عليه وأخضعته لاستجواب استمر أكثر من أسبوع، عانى فيه الكثير قبل أن يثبت أنه من سكان بغداد، وأنه ذهب إلى الموصل لجلب عائلة أخيه الأصغر بعد سقوط الموصل، ليحتجز من «داعش» ويتمكن من مغادرة الموصل دون أن يجلب عائلة شقيقه معه.

مخيمات عراء

أمّا شقيقه، الذي رفض مغادرة الموصل قبل أشهر، فقد اضطر إلى مغادرتها خوفاً من خطر معركة تحريرها، ووجد نفسه في مخيم ديبكه التابع لقضاء مخمور جنوب شرق نينوى، حيث يعيش النازحون ظروفاً قاسية، ويضطر من لا يملك خيمة إلى النوم في العراء على رمال ساخنة، كما لا يتوافر الماء الكافي للشرب والاغتسال، وتنتشر الأمراض مع شح الأدوية والمستلزمات الطبية، إذ لا تكفي المساعدات التي تصل من المنظمات الإنسانية وهيئة الأمم المتحدة لسد الاحتياجات، يزيد من المعاناة رفض القوات الأمنية مغادرة النازحين للمخيم، وفصل الرجال عن عوائلهم لاستجوابهم، عوامل أسهمت جميعها في قرار الأهالي المكوث في الموصل.

تجار أزمات

ويقول الشيخ محمد القره غولي، الذي نزح من الرمادي واستقر في بغداد، إن كل نزوح جديد تقابله متاجرة بأزمات النازحين، مشيراً إلى انتفاع جهات عدة من أزمة نزوح سكان الأنبار، على رأسهم السياسيون الذين تسلموا ملفات النازحين وأنفقوا الأموال الطائلة التي خُصصت لها وتجار المواد الغذائية والنقل، فضلاً عن بعض عناصر الأمن التي استغلت حاجة النازحين إلى عبور جسر بزيبز وطلبت ثمن ذلك.

ويتهم غولي بعض منظمات المجتمع المدني التي حازت مكاسب على حساب معاناة العراقيين عبر زيارة مخيمات النازحين وتصويرها لأهداف إعلامية فقط وهم يحملون لافتات تحمل أسماء منظماتهم، ويوزعون مساعدات بسيطة لا تكفي لإغاثة النازحين وتخفيف معاناتهم.

 ويتوقّع غولي استغلال أزمة نزوح أهالي الموصل من قبل «تجار الأزمات» ما لم تسارع الحكومة لتوفير أماكن استيعاب مناسبة، أو السماح لهم بالانتقال إلى بقية المحافظات، فضلاً عن تسهيل إعادة نازحي الأنبار إلى ديارهم حتى يخف الضغط على بغداد وبعض المحافظات.

معاناة

نزح أكثر من 500 ألف شخص منذ احتلالها واستمرار العمليات العسكرية بها وفق الإعلامية عدوية الهلالي، وهو الأمر الذي يؤيّده تقرير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبعثة الأمم المتحدة.

ويشير التقرير إلى احتمال نزوح أكثر من مليون شخص بعد بدء تحرير الموصل، لاسيّما أن سكانها عانوا من ممارسات داعش الذي فرض عقوبات قاسية على السكان.

Email