حوار استراتيجي خليجي بريطاني لمواجهة إيران و«داعش»

احتضنت مدينة جدّة السعودية اجتماعاً مشتركاً للحوار الاستراتيجي الخليجي البريطاني بمشاركة وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ونظيرهم البريطاني فيليب هاموند، الذي التقى أيضاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

وبحث الاجتماع الشراكة الاستراتيجية البريطانية الخليجية والعمل على مواجهة التحديات الإقليمية كالوضع في سوريا والعراق وليبيا، والدعم البريطاني لدول الخليج في مواجهة التدخلات الإيرانية، التي قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن التعايش معها «أمر صعب»، لأن هدفها «تدمير الجار».

كما عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مدينة جدة أمس الدورة الـ139 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون.

وناقش وزراء الخارجية الخليجيون، وبينهم وزير الدولة للشؤون الخارجية معالي د.أنور بن محمد قرقاش الذي مثّل دولة الإمارات، مع هاموند، الذي عقد صباحاً اجتماعاً مع الملك سلمان بن عبدالعزيز ناقشا خلاله تطورات الأحداث في المنطقة، فضلاً عن العلاقات الثنائية، والعلاقات بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات. وتبادل المجتمعون، وبينهم الأمين العام لدول المجلس د.عبداللطيف بن راشد الزياني، وجهات النظر في القضايا الإقليمية والدولية.

وأكد رئيس الاجتماع الوزاري المشترك، وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن دول مجلس التعاون ترتبط بعلاقات عميقة مع بريطانيا تمتد جذورها أكثر من 100 عام، مشيراً إلى أن التعاون بين دول المجلس وبريطانيا قائم وبناء. وقال إن الاجتماع يأتي تعزيزاً للعلاقات التاريخية بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والعلمية والتعليمية.

التخريب الإيراني

وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني فيليب هاموند، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن بعض الإجراءات التي طلبتها إيران خلال موسم الحج غير مقبولة وهدفها خلق الفوضى، موضحاً أنه اتفق مع هاموند على ضرورة وقف إيران تدخلاتها في شؤون المنطقة، مؤكداً أن إيران هي من عزلت نفسها بنفسها من خلال دعم الإرهاب ودعم الميليشيات في سوريا والعراق وعليها تغيير سياساتها.

وأضاف الجبير، خلال المؤتمر، أن إرسال إيران ميليشيات طائفية إلى العراق أمر غير مقبول، مشدداً على أن الفتنة في العراق سببها إيران، وطالبها بكف يدها عن العراق، معتبرا أن سياساتها الطائفية هي جزء من المشاكل فيه.

وقال إنّه: «إذا كانت إيران  تريد السكينة والاستقرار للعراق، فعليها ان تكف يدها من العراق وتنسحب». وأضاف أن المشكلة التي أدت الى الفرقة والانقسام في العراق هي السياسات الطائفية التي أتت بسبب سياسات إيران. ورأى ان «تواجد إيران في العراق بأي شكل كان غير مقبول.

إرسال ميليشيات شيعية الى العراق أو تدريبها لتلعب دورا طائفيا في العراق أمر غير مقبول»، معتبراً وجود القيادي في الحرس الثوري قاسم سليماني في الفلوجة دليلاً عن أن «إيران لم تغير سياستها»، وقال: «أي وجود إيراني في العراق بدعوة أو بغير دعوة غير مقبول».

واعتبر وزير الخارجية السعودي التعايش مع إيران «أمر صعب»، لأن هدف طهران «تدمير الجار». وأضاف: «إيران ترسل آلاف المقاتلين إلى سوريا وتهرب متفجرات إلى مملكة البحرين واليمن... إيران عزلت نفسها وتواصل نفس السياسة»، وأوضح: «على إيران الالتزام بحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة».

وقال الجبير إن إيران تقدم الدعم للإرهاب، وتنتهك القرارات الدولية باختباراتها للصواريخ الباليستية. وحضّ المجتمع الدولي على عدم رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران، بسبب «عدم التزامها بالقرارات الدولية».

خلق الفوضى

وفي ما يتعلق بالموقف الإيراني من مسألة الحج وعدم توقيعها الاتفاق بهذا الشأن، أكد الوزير السعودي أن المملكة لا تمنع أي مسلم من تأدية فريضة الحج، مشيرا إلى أن إيران أرادت أن تخلق فوضى.

وقال الجبير إن بعض الإجراءات التي طلبتها إيران خلال موسم الحج غير مقبولة، لافتاً إلى مطالبتها بالحق في تنظيم مسيرات لحجاجها خلال موسم الحج، وأوضح أنّ طهران «كانت تطالب بحق إجراء شبه مظاهرات وكانت تطالب بأن يكون لها مزايا تخرج عن إطار التنظيم العادي»، معتبرا ان هذه الخطوات كانت «ستخلق فوضى خلال فترة الحج»، مشدّداً على رفض السعودية أي تسييس يخص هذه الفريضة.
 

وأشار الجبير إلى أن الإيرانيين «طلبوا ان تمنح التأشيرات من إيران وليس من خارجها (إيران). حلينا الموضوع عبر منح تأشيرات للإيرانيين عبر الانترنت. كانوا يطالبون بأن يتم نقل نصف الحجاج الإيرانيين عبر ناقل إيراني، وافقت المملكة».

كما وافقت الرياض على ان يكون لطهران «تمثيل في جدة عن طريق السفارة السويسرية للتعامل مع أي ظروف تحصل للحجاج الإيرانيين»، وأن المملكة وافقت على ذلك رغم قطع العلاقات «من حرصنا على ان يستطيع كل مسلم بمن فيهم كل إيراني، ان يأتي للمملكة لفريضة الحج». وأضاف ان الإيرانيين «رفضوا ان يوقعوا مذكرة التفاهم ورجعوا لبلادهم».

وقال الجبير «اذا كانت ايران نيتها من البداية المراوغة وإيجاد حجج لعدم تمكين مواطنيها من أداء فريضة الحج فهذا أمر سلبي جدا. إذا كان الموضوع يتعلق بإجراءات وتنظيمات فنعتقد أننا قمنا بالواجب واكثر لتلبية هذه الاحتياجات وإن الإيرانيين هم الذين رفضوا». وكرر الوزير موقف بلاده بضرورة «ألا يكون هناك أي تسييس للحج»، وأن الرياض «لا تمنع أحدا من أداء هذه الفريضة».

تفهّم بريطاني

من جانبه، أعرب وزير خارجية بريطانيا الذي يقوم بجولة في دول الخليج تستمر ثلاثة أيام، عن فخره بالعلاقات التاريخية التي تمتد لمئات السنين مع دول مجلس التعاون الخليجي، وقال: «نحن فخورون بالأعمال المشتركة وننتظر مزيدا من التعاون في جميع المجالات التي تخدم أوطاننا».

وقال فيليب هاموند إن «الأزمة في اليمن ستكون من الملفات الرئيسية خلال محادثاتي في منطقة الخليج. السماح بانهيار الدولة ليس خيارا، وستواصل بريطانيا العمل مع جميع الأطراف لدعم حل سياسي شامل».
وأبدى هاموند تفهم بلاده لقلق دول الخليج بشأن إيران، مضيفا: «نعلم أنها تحاول زعزعة الأمن في المنطقة». وشدد على أن بريطانيا لن تغض الطرف عن تجاوزات إيران وتجاربها الصاروخية.

الدورة 139

وإلى ذلك، عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في جدة أمس الدورة الـ139 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون برئاسة عادل بن أحمد الجبير وزير الخارجية السعودي، رئيس الدورة الحالية، بمشاركة الأمين العام لمجلس التعاون د.عبداللطيف بن راشد الزياني. ترأس وفد الدولة الى الاجتماع معالي د.أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية.


وناقش الوزراء مسيرة العمل الخليجي المشترك وما تم تنفيذه بشأن قرارات المجلس الأعلى، بما في ذلك متابعة تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك، وما تم انجازه في اطار التكامل والتعاون بين دول المجلس، وسبل تعزيزه وتطويره في جميع المجالات واتخذوا بشأنها التوصيات المناسبة تمهيدا لرفعها الى اللقاء التشاوري لقادة دول المجلس في جدة الثلاثاء المقبل. كما بحث الوزراء آخر التطورات الاقليمية والدولية.

استنكار


استنكر مجلس العلاقات الخليجية الدولية (كوغر) ما يقوم به النظام الإيراني من محاولات تسييس فريضة وشعائر الحج وتجييرها لطقوس تخفي وراءها أجندة سياسية وطائفية وعرقية.

وأكّد المجلس على حق المملكة العربية السعودية في منع أي تسييس للحج ومحافظتها على سلامة الحجاج من أية أعمال تضر وتهدد حياتهم. الرياض - واس

إضاءة

عقد الاجتماع الوزاري الأول للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي وبريطانيا في سبتمبر 2011. ويسعى الجانبان إلى تنفيذ خطة العمل المشترك التي تسعى إلى ترجمة الأهداف المشتركة للجانبين إلى خطوات عملية ملموسة تحقق مصالحهما المشتركة وفق برامج زمنية محددة.

واتفقت دول المجلس وبريطانيا على أن تعمل الخطة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية والمتمثلة في الحفاظ على الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة والتجارة والاستثمار والمعاملة الضريبية والتعاون القنصلي وتعزيز النمو الاقتصادي والرفاهية للشعوب وتعزيز التنمية المستدامة والتبادل العلمي والثقافي.

وأقر الجانبان تنفيذ الخطة من خلال حوارات منتظمة على جميع المستويات تشمل المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية وتعزيز الشراكات بين ممثلي القطاع الخاص وتشجيع التواصل بين الشعوب.

الأكثر مشاركة