استمرار الحالة يُغذي الحلول الانفصالية

الانقسام يتعزز ويفرض واقعاً مريراً على الفلسطينيين

طفل فلسطيني يجلس على كرسي فوق أنقاض منزل في حي مدينة الشجاعية دمره الاحتلال - أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

ثمان سنوات من الواقع المرير الذي يعيشه سكان قطاع غزة إثر الانقسام الذي جلب مزيداً من الويلات والأزمات، ونحو عام على اتفاق الشاطئ الذي مثل في حينه حجر زاوية لخروج غزة من أزماتها وهمومها، وأملاً من شأنه أن يُنهي مسببات الانقسام وكل ما من شأنه أن يعصف بالحالة الفلسطينية ويفاقم أوضاعها المتردية، ويُنهي طرح بدائل أخرى تعمل على تكريسه.

هذه السنوات الثمانية لم يتخللها سوى التجاذبات والتراشقات التي ضربت النسيج المجتمعي وأشاعت حالة من انعدام الثقة وفقدان الأمل، رغم قادة طرفي الانقسام على اتفاقيات إنهاءه من مكة إلى الدوحة وصولاً للقاهرة وانتهاءً باتفاق الشاطئ الذي اعتبر في حينه بصيص أمل في نهاية نفق مظلم استمر طويلا.

ويرى الكاتب محمود سلامة الريفي أن غزة التي تعيش دون أبسط مقومات الحياة الآدمية تعاني ظروفاً استثنائية، كانت تعتقد أنها مؤقتة وطارئة سرعان ما تزول، اكتشفت مع مرور الوقت عكس ذلك، وبالذات أن ما تعانيه وتعيشه حال قائم ومستمر أفرزته تجاذبات السياسة وتقاطع المصالح وغض البصر عن الهم الوطني الأكبر.

هذا الحال التي تعيشه غزة ويخنق رجالها وشيوخها وأطفالها ونساءها دفع تجمعاً شبابياً يطلق على نفسه اسم «حراك 29 ابريل الشبابي»، ويضم شباباً يحلمون بمستقبل مشرق، للإعلان عن إطلاق فعاليات وتظاهرات في قطاع غزة للضغط على صناع القرار السياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة لتغيير الواقع المرير وإنهاء الانقسام.

الحراك الذي سيشمل تظاهرات في عدة نقاط هدفه استعادة الثقة للشارع الفلسطيني بأنه قادر على تغيير الواقع المرير، ويؤمل أن يكون شرارة الانطلاق لتشكيل كتلة ضغط للتأثير على صناع القرار بالضفة وغزة لإنهاء الانقسام وإيصال صوت الشباب، حسب ما يرى أحد منظميه، فادي الشيخ يوسف (23 عاما).

أمل مفقود

الشعب الفلسطيني كله وخاصة سكان غزة الأسيرة متعطش لأي عمل يعطيه أملاً ولو واحداً في المئة للتغيير وإنهاء الانقسام ورفع الحصار وإعادة الإعمار وتجنيب القضية الفلسطينية الويلات. إلا أن هذا الأمل يبدو بعيد المنال، على الأقل في الفترة الحالية.

لقد دعت حكومة التوافق الوطني الفلسطينية الحركة مجدداً، وبعد أسبوع على مغادرة وفدها إثر عرقلة «حماس» مهمته في غزة، بتمكينها من العمل في القطاع، مؤكدة حسب بيان أن ما فعلته «حماس» يعرقل عمل الحكومة ويعيق عملية توحيد المؤسسات الفلسطينية في إطار الشرعية ويضع العقبات أمام إنهاء الانقسام.

إلا أن الكاتب جبر الريفي يرى أن الشارع الفلسطيني لم يعد يعلق الآمال الكثيرة على السير قدماً في جهود إنهاء الانقسام السياسي الذي يزداد تعقيداً كلما بدأ البحث الجدي في تفكيك القضايا العالقة التي سببها هذا الانقسام البغيض.

حلول انفصالية

ويضيف الريفي أنه باستمرار هذه الحالة الفلسطينية يزداد الخطر على وحدة الشعب الفلسطيني الوطنية، وأن من شأن ذلك الوضع المساهمة والدفع بتعجيل ظهور وانتعاش حلول انفصالية لكل تجمع فلسطيني على حدة، وهو ما يتم الآن بحثه في موضوع قطاع غزة بالتحديد..

ويزيد من خطر اللجوء إلى حلول بديلة قد يتم تطبيقها في إطار المحيط الجغرافي والاجتماعي لكل تجمع على حدة وتتماهى مع المخططات التي يتم تداولها في المحافل الاقليمية والدولية ويزداد طرحها كلما أصبح حل الدولتين الذي يحظى بإجماع عربي ودولي حلا مستعصيا.

ولعل زيارة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر إلى غزة وتحركات عديد من الأطراف الاقليمية والدولية ومنها تركيا بشأن غزة، قد تكون متعلقة بتدعيم هذه الحلول الانفصالية التي تغذيها بالأساس صاحبة المصلحة الكبرى إسرائيل.

Email