العبادي يقاوم ضغوط الميليشيات ضد التغيير

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس بالإمكان، لحد الآن الحديث عن إنجازات تذكر، على أرض الواقع، لحكومة الدكتور حيدر العبادي، على انقاض «الانهيار الثاني» بعد الغزو والاحتلال، للدولة العراقية، إلا أن هناك حقيقة مهمة جديرة بالذكر، وهي مدعاة للتفاؤل إلى حد ما، تتجسد في كون الرجل يمتلك «ثقافة الحوار» وليس الاستئثار، حسب ما تظهره الوقائع الآنية، وبالتالي، فإن البرنامج الحكومي لا يمكن تنفيذه بعصا سحرية، مع وجود تركة ثقيلة من الخراب المادي والنفسي، واستمرار نفوذ العهد السابق، الذي ربما يكون استفاد من اضمحلال القوات المسلحة، لتحل محلها مجموعات مسلحة، معظمها «مستحدثة» تمارس سطوتها من خلال متنفذين، لهم غطاء سياسي، أو انهم تبرقعوا بذلك الغطاء.

بقايا عهد المالكي

ويرى المراقبون السياسيون، ان القول بأن عهد المالكي انتهى، يجانب الحقيقة، لان مافيات السياسة والاقتصاد، مازالت عالية الصوت، مدعومة وداعمة مع ميليشيات تعمل على المكشوف، ولعل من أمثلة ذلك حادثة اختطاف وقتل داعية المصالحة الوطنية الشيخ قاسم سويدان الجنابي ونجله وأفراد حمايته.

يقول العبادي في استضافته امام البرلمان، إن العملية ليست فردية، ولم تتورط بها جهة واحدة، بل اكثر، وإلا كيف يتم اختطاف موكب الشيخ في جنوب بغداد، وينقل الى شرقها، ثم إلى الشمال الشرقي، حيث قتلوا وألقيت جثثهم هناك.

وهناك حادثة اخرى وقعت قبل أيام، باختطاف رئيس مجلس محافظة بغداد الدكتور رياض العضاض من منزله في الأعظمية، من قبل قوة مسلحة ترتدي الزي العسكري، ولكن الاتصالات السريعة بالدكتور العبادي ومكتبه ووزارة الداخلية، أسفرت عن التعرف على الجهة المنفذة، وتم إطلاق العضاض، ألا أن أحداً لم يجرؤ على التحدث عن تلك الجهة المرتبطة بوزير سابق في حكومة المالكي.

شروط مفروضة

وليس الحديث فقط عن انهيار امني، وإنما الانهيار الاقتصادي أيضاً، وإفراغ خزينة الدولة، التي لم يظهر من يتحدث عنها أو يحاسب، لأسباب لا يراد الكشف عنها، بسبب التوازنات في العملية السياسية.

وفي أوضاع كهذه، وبمبررات الحرب ضد «داعش» يرى الكثير من المراقبين أن من غير الواقعي مطالبة العبادي بتقديم اكثر مما هو عليه الآن، حيث تحقق نوع من الانسجام الداخلي، وان كان البعض يراه مفروضاً، كشرط لدعم العراق، اضافة إلى الانفتاح العالمي على العراق، وهو مترابط مع شرط الانسجام الداخلي.

أسس البناء الصحيح

هذان العاملان، رغم المعارضة الشديدة لهما من قبل المتنفذين من سياسيي نظام المالكي، يعدان أساساً واقعياً يمكن البناء عليه، لتحقيق تدريجي للبرنامج السياسي والحكومي المعلن، ومن ثم إمكانية التصحيح التدريجي، وهو ما أعلن عنه العبادي أمام البرلمان، ولاسيما تركيزه على إنهاء دور الميليشيات والجماعات المسلحة الأخرى خارج اطار الرسمي، وهذه العملية ليست سهلة، وتتطلب إنشاء جيش مهني وقوات مسلحة وطنية، وقوة اقتصادية.

الا ان هناك من ينظر الى الأمور نظرة اخرى، وهي ان الولايات المتحدة، ومعها التحالف الدولي، وضعت الحكومة العراقية أمام خيار «داعش مقابل الميليشيات» وهي غير مستعدة لإنهاء «داعش» سلمياً أو عسكرياً، الا بإنهاء دور الميليشيات الموالية لإيران، وهذا ما يفسر الامتناع عن دعم حكومة المالكي، اضافة الى عدم تقديم المساعدة الجوية للقوات البرية العراقية المدعومة من الميليشيات، في عملياتها العسكرية.

Email