تقارير البيان

إدارة أوباما تتجرع «حليب السباع»

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاشتباك الجاري بين إدارة الرئيس الاميركي باراك اوباما وحكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، أكثر من قصف كلامي. بالتأكيد ليس بمثابة انقلاب أميركي على الحليف المدلل. لكنه من نوع كسر واشنطن للممنوع لأول مرة بهذه الصورة التي فجّرت ازمة بينهما يستعصي تجاوزها طالما بقي أوباما في البيت الأبيض ونتانياهو في رئاسة الحكومة.

وقد تقوم الإدارة بخطوات في العام القادم، تؤسس لإخراج العلاقات من دائرة التبعية العمياء. خاصة إذا ما كرّت سبحة الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين بعد الخطوة السويدية اول من امس والتي شكلت لكمة موجعة لإسرائيل. تزامن الهزة الأميركية مع الاعتراف السويدي لا بدّ وأنه أربك الحسابات الإسرائيلية وربما يطيح بالائتلاف الحكومي.

وصلات توتر

وليست هي المرة الأولى التي تشهد فيها العلاقات الأميركية – الإسرائيلية وصلة من التوتر. حصل ذلك ايام الرؤساء دوايت أيزنهاور ورونالد ريغان وجورج بوش الأب، فضلاً عن الكثير من المسئولين الذين أعربوا بين الحين والآخر، عن الاستياء من السلوك الإسرائيلي.

وزير الدفاع الاميركي السابق روبرت غيتس ذكر في مذكراته انه عندما كان يعمل في البيت الأبيض ايام بوش الأب طلب من مستشار الرئيس الإيعاز إلى نتانياهو، الدبلوماسي آنذاك، بان لا يدخل البيت الأبيض بعد الان. لكن كل تلك المناكفات كانت عابرة. ومعظمها كان أيام الحرب الباردة.

هذه المرة جاء الانفجار بعد احتقان طويل راكمه مسلسل استفزازي إسرائيلي، ساهم تراخي الإدارة في تشجيعه. وقد وصل في بعض حلقاته إلى حدود الإهانة المتعمدة الموجهة إلى الرئيس الاميركي وإدارته.

انعكست النقمة على نتانياهو في النعوت التي اطلقها عليه مسؤول على الأرجح من البيت الأبيض والتي مررها عن عمد وتصميم إلى مراسل يهودي جرى استدعاؤه لتحميله الرسالة التي جاءت بمفردات غير مسبوق مخاطبة مسئول إسرائيلي أو أي مسئول أجنبي بها تحقير بأبشع التوصيفات وأحطّها، مثل القول بان رئيس الحكومة الإسرائيلية أشبه «بما يخرج من قفا الدجاج وبأنه جبان».

وكان ذلك ذروة التراشق الذي بدأه وزير الجيش الإسرائيلي موشى يعالون في تهجمه على وزير الخارجية الاميركي جون كيري وما تلا ذلك من رفض كيري ومستشارة الرئيس سوزان رايس الاجتماع مع يعالون أثناء زيارته لواشنطن الأسبوع الماضي والذي ردت عليه حكومة نتنياهو بالإعلان عن مشروع استيطاني جديد في القدس الشرقية. تحديات متبادلة تناسلت عن بعضها وانتهت بقنبلة التحقير.

رسالة محسوبة

والواضح أنها كانت رسالة محسوبة. ذلك أنه لم يصدر عن البيت الأبيض أو وزارة الخارجية أي اعتذار أو حتى شجب لها حتى الآن. تفسير ذلك أن الكلام ليس من عند المسئول لوحده. وإلا لكان جرى الوعد بالكشف عنه وإقالته. وهذا لم يحصل. ثم أن الرسالة على ما يبدو موجّهة إلى طرفين: القوى السياسية الإسرائيلية المناوئة لنتانياهو لتحريضها ضده بحجة أنه خرّب العلاقة مع أقرب حلفاء إسرائيل.

وأيضاً هي موجهة إلى الأوساط النافذة المؤيدة لإسرائيل في الساحة الأميركية، لحملها على إعادة حساباتها ومفاتحة نتانياهو بقلقها الذي بدت معالمه في الردود الأولى لبعض رموزها.

ومهما كان احتضان الكونغرس لإسرائيل، يبقى للرئيس الاميركي الباع الطويل في تقرير الشؤون الخارجية. ومنها العلاقة مع إسرائيل التي لا يقوى اوباما على دكّ ركائزها. لكن ربما خلخلتها. ولا بد وأن يكون قد ازداد هذا القلق في أعقاب ما تردّد بأن الإدارة تزمع «تخفيف تغطيتها» لإسرائيل في الأمم المتحدة ..

وقد لا تقف حجر عثرة في طريق السلطة الفلسطينية إذا ما قررت لاحقاً مطالبة مجلس الأمن بإعلان اعترافه بالدولة الفلسطينية. وثمة من لا يستبعد أن تخفف من أخذ العامل الإسرائيلي بحسابها خلال الجولة القادمة من مفاوضات النووي الإيراني. ليس ما يشير الان إلى أن الإدارة عازمة على سلوك هذا السبيل. لكن الواضح ان العلاقة مع إسرائيل تعرّضت لهزّة غير معهودة.

تشدد

صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنه سيواصل الدفاع عن إسرائيل على الرغم من الهجمات التي يتعرض لها.

وزعم خلال كلمة ألقاها في الكنيست الأربعاء الماضي أن المصالح العليا لإسرائيل وفي مقدمتها الحفاظ على الأمن ووحدة القدس لا تتصدر سلم أولويات تلك الجهات التي تهاجمه شخصيا.

Email