سلاح الجو العراقي في خدمة الأكراد لقطع الطريق على المساعدة الأميركية

سقوط سنجار يخلط أوراق المالكي وبارزاني

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تقل حالة الصدمة التي نجمت عن سقوط كل من زمار وسنجار بيد تنظيم الدولة الإسلامية عن الصدمة السابقة حول سقوط الموصل نفسها بيد التنظيم.

الانسحاب اللامنظم لقوات البيشمركة ودخول مئات منهم إلى مناطق تحت سيطرة قوات كردية سورية في محافظة الحسكة، والتقدم الصادم لمقاتلي الدولة الإسلامية، كل ذلك يعيد تكرار سيناريو الموصل الذي واجهه الجيش العراقي كردياً.

رغم الهجوم المضاد الذي بدأته قوات البيشمركة، وتحريرهم المتوقع للمواقع التي فقدوها، إلا أن الغموض ما زال قائماً حول ما حدث. والأرجح أن الانشغال بالتفسيرات لن يزيد سوى في تعقيد إمكانية استيعاب ما حصل بين أن يكون الانسحاب ذاته مقصوداً، وبين أن يكون عدم كفاءة عسكرية، وهو أمر سيتوضح بدون شك في ظل الصدمة التي هزت صورة البيشمركة لطالما كان يعتبرها الأكراد لا تُقهر إضافة إلى المجازر التي تعرض لها الايزيديون في سنجار.

ابتلاع الإهانة

هناك شيء مفاجئ برز منذ الساعات الأولى لسقوط سنجار: الإعلام العراقي الموالي لرئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي لم يسخر من البيشمركة. والقول بأن هذا أمر مفاجئ فلأن سقوط الموصل كانت المادة الفكاهية الأولى في الإعلام الكردي العراقي، وبلغت السخرية من مؤسسة الجيش حداً يجعل من المدهش أن لا يرد إعلام المالكي على الأكراد بالمثل.

في اليوم التالي ينشر الإعلام العراقي خبراً مفاده أن سلاح الجو العراقي قصف مواقع المتشددين في سنجار، ثم بعد ذلك نشر خبر آخر عن أن البيشمركة زوّدت القيادة العسكرية العراقية بمعلومات هامة عن «داعش» في منطقة حوض حمرين، كما نفذت القوات العراقية ضربات جوية أخرى استهدفت مواقع التنظيم في ربيعة بالموصل حيث يدور قتال بين البيشمركة والمتشددين.

ابتلع المالكي الإهانة التي لحقت به من وراء سقوط الموصل. تلك الإهانة التي كانت قيادة إقليم كردستان تراقبها بعين الرضا إن لم تكن مشاركة في جزء أساسي منها بحسب ما يردد نواب من كتلة نوري المالكي في البرلمان. لكن سقوط سنجار خلق فرصة نادرة للمالكي لإعادة وصل ما انقطع مع الإقليم، ويبدو أن مرحلة ما بعد سنجار سيكون ذا طابع تعاوني بين بغداد وأربيل في الحرب. لكن هذا التعاون إن حدث فعلاً، سيكون اضطرارياً بالنسبة لبارزاني في حال أصر الأميركيون على عدم تزويده بأي نوع من السلاح الثقيل من دون موافقة بغداد.

وكانت أربيل تأمل أن تكون كارثة سقوط سنجار والمذابح التي لحق بالإيزيديين كفيلاً بكسر الفيتو الأميركي على مسألة السلاح، بما فيه سلاح الجو الذي يمكنه من قصف مواقع التنظيم المتمترس في المواقع الجبلية.

المساعدة الاضطرارية

هنا يمكن توسيع الرؤية حول ما بدا للوهلة الأولى أنها مساعدة من المالكي لبارزاني عبر وضع سلاح الجو في خدمة تقدم البيشمركة. ذلك أن المالكي هو الآخر لا خيار لديه دون ذلك، فالبديل سيكون تزويد واشنطن لأربيل بالسلاح، بذريعة أن القوات الجوية العراقية ليست جزءاً من معركة أربيل ضد «داعش». وأولوية واشنطن لإعادة تمكين العراق يعتمد أساساً على توافق بارزاني والمالكي، ولا توجد فرصة أكبر من الوضع الحالي لتحقيق ذلك.

من المؤكد أن أربيل ستحاول الفكاك من تقاطعها مع بغداد، أو على الأقل سيكون توسعها في المناطق المتنازع عليها أمراً نهائياً، وإلا ما كان المالكي أمر قوات الجو بتسهيل سيطرة البيشمركة مرة أخرى على سنجار.

مسألة التوازنات هذه تخضع لخط بياني غير مستقر، إلا انه في المقلب الآخر، تلفظ الطبقة السياسية السنية أنفاسها أمام الكارثة التي خلقها تمدد «داعش» في المناطق الكردية. فاستعادة التنظيم لمناطق يعتبرها عرب الموصل بأنها عربية، حتى مع عدم تواجد غالبية عربية فيها، يحقق مطلباً أساسياً لهم.

«داعش» تتبرع بتأدية مهام قومية عربية في نظر هؤلاء، وهذا يقلل أكثر من فرص ما يسمى ثوار العشائر في أن يكون لهم دور في التعبئة الشعبية ضد التنظيم.

قوات متعددة

دخلت قوات حزب العمال الكردستاني على خط المواجهات ضد داعش في سنجار. وبحسب مسؤولين في الحزب فإن قوات تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي تقاتل أيضا في ناحية ربيعة التي كانت تحت سيطرة البيشمركة وانسحبت منها. ومثل هذه المشاركة الواسعة تجعل من المعركة ضد داعش مسألة قومية كردية، ولو أن حالة تنافسية ستنشأ بين هذه القوى الكردية لاحقاً في المناطق التي يحررونها.

Email