اتفاق خليجي قطري يحدد آليات المصالحة

وقع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماع طارئ في الرياض أمس، بحضور سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، على آلية لتنفيذ اتفاق الرياض بشأن العلاقات بين دول المجلس ما يمهد إلى إنهاء ملف سحب سفراء دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية والبحرين من قطر.

وجاء في بيان صدر إثر الاجتماع الخليجي أنه «انطلاقاً مما يربط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من الوشائج والروابط التاريخية والمصير الواحد، والحرص على دفع المسيرة المشتركة لدول المجلس»، فقد اتفق وزراء خارجية دول المجلس خلال اجتماعهم أمس على «إجراء مراجعة شاملة للإجراءات المعمول بها في ما يتعلق بإقرار السياسات الخارجية والأمنية، وتم الاتفاق على تبني الآليات التي تكفل السير في اطار جماعي، ولئلا تؤثر سياسات أي من دول المجلس على مصالح وأمن واستقرار دوله ودون المساس بسيادة أي من دوله».

وأضاف البيان أن وزراء الخارجية أكدوا «موافقة دولهم على آلية تنفيذ وثيقة الرياض التي تستند إلى المبادئ الواردة في النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية». ونوه الوزراء «بهذا الإنجاز التاريخي لدول المجلس الذي يأتي بعد ثلاثة وثلاثين عاماً من العمل الدؤوب لتحقيق مصالح شعوب الدول الأعضاء، ويفتح المجال للانتقال إلى آفاق أكثر أمناً واستقراراً لتهيئة دول المجلس لمواجهة التحديات في اطار كيان قوي متماسك».

وأردف أنه في هذا الإطار أشاد الوزراء بالدور الذي قامت به دولة الكويت بقيادة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت للوصول إلى النتائج المتوخاة.

وأكد المجتمعون على أنه «تم الاتفاق على أهمية التنفيذ الدقيق لما تم الالتزام به للمحافظة على المكتسبات والإنجازات التي تحققت، وللانتقال بإذن الله إلى مرحلة الترابط القوي والتماسك الراسخ الذي يكفل تجاوز العقبات والتحديات، ويلبي آمال وتطلعات مواطني الدول الأعضاء» بحسب نص البيان الذي صدر في ختام الاجتماع.

وعقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض أمس للتحضير للقمة المقبلة للمجلس في مايو المقبل ومناقشة ملفات أخرى، أهمها ملف سفراء دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية والبحرين من قطر. ورشحت معلومات عن أن أهم بنود الاتفاق تتضمن الحفاظ على وحدة الصف الخليجي، وعدم السماح لأطراف خارجية التدخل في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي، وفي الوقت نفسه عدم تدخل أي دولة بشؤون دولة أخرى أو القيام بما من شأنه الإضرار بصالحها.

وذكرت مصادر في أمانة مجلس التعاون في الرياض أن وزراء الخارجية ناقشوا خلال اللقاء، الذي عقد في قاعدة الرياض الجوية، العديد من الملفات خاصة تطورات الوضع على الساحة السورية والملف النووي والإيراني ومسيرة السلام في الشرق الأوسط وعدداً آخر من القضايا الإقليمية والدولية. وأضافت ان من أهم الملفات الخليجية الداخلية التي تناولها الاجتماع الوزاري مسيرة العمل الخليجي المشترك بجوانبه السياسية والاقتصادية والأمنية، مع التركيز على إعادة ترتيب البيت الخليجي الداخلي لمواجهة المستجدات والتطورات والمخاطر المحدقة بدوله. وأضافت المصادر أن وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية رأس الوفد القطري خلال الاجتماع. وصدرت تصريحات سبقت الاجتماع من مسؤولين خليجيين عن انتهاء الأزمة.

موقفان كويتيان

وسبق الاجتماع، اعلان رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم تلقيه انباء بخصوص انفراجة، مثمناً الدور الذي أداه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في لمّ الشمل بين الخليجيين وتقريب وجهات النظر. وقال في تصريح للصحافيين في مجلس الأمة: «اننا شهدنا اليوم ثمار الجهود التي بذلت في القمة العربية» التي استضافتها الكويت في شهر مارس الماضي. واعرب عن امله في أن «يسود الأمن والأمان جميع دول مجلس التعاون الخليجي وان تستمر اللحمة الخليجية على وضعها السابق»، مضيفاً «أن هذه الأزمة سحابة صيف ومرت».

من جهته، قال وكيل وزارة الخارجية الكويتي خالد الجار الله في وقت سابق ان الخلاف الخليجي - الخليجي «في طريقه للزوال»، مؤكدا أن «الأمور تتجه بإيجابية لاحتواء وطي صفحة هذا الخلاف». وأكد الجار الله في تصريح للصحافيين عقب ختام الاجتماع الـ11 للجنة الوزارية المعنية بمتابعة تنفيذ القرارات ذات العلاقة بالعمل المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي في الرياض، ان الخلاف «لم يؤثر إطلاقاً على المجلس واجتماعاته»، معتبراً ذلك «مؤشرا على حيوية هذا المجلس ودلالة على حرص دول مجلس التعاون على تماسك هذا الكيان والحفاظ على التجربة لكي تنطلق وتحقق الآمال». ورداً على سؤال حول دور بلاده في احتواء الخلاف الخليجي، قال الجار الله ان الكويت «قامت بدور وأعلنت الاستعداد للقيام بأي دور يسهم في تماسك ووحدة دول مجلس التعاون الخليجي».

خلفية وقمة

ويأتي ذلك بعد مضي أكثر من شهر على قرار الدول الثلاث سحب سفرائها من قطر، إذ أوضحت في بيان مشترك حينها أن القرار «اتخذ بعد فشل كافة الجهود في إقناع قطر بضرورة الالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي وعدم دعم الإعلام المعادي».

وأكدت الدول الثلاث في البيان حينها «حرصها على مصالح كافة شعوب دول المجلس، بما في ذلك الشعب القطري الشقيق الذي تعده جزءاً لا يتجزأ عن بقية شعوب دول المجلس، وتأمل في أن تسارع دولة قطر إلى اتخاذ الخطوات الفورية للاستجابة لما سبق الاتفاق عليه، ولحماية مسيرة دول المجلس من أي تصدع، والذي تعقد عليه شعوبها آمالاً كبيرة».

ومن المتوقع أن يعقد قادة دول مجلس التعاون الخليجي قمتهم التشاورية في الرياض الشهر المقبل، وعادة يكون جدول أعمال القمة التشاورية مفتوحاً أمام القادة لمناقشة أي ملف يتم طرحه من قبل القادة ولكن عادة ما تكون هناك قضايا تفرض نفسها على جدول أعمال القمم التشاورية.

إضاءة

 

 

اتفاق الرياض هو تفاهم أبرم إثر الاجتماع الذي عقد في نوفمبر الماضي، حيث أكدت الإمارات والسعودية والبحرين حينها انها «كانت تأمل في أن يتم وضع الاتفاق موضع التنفيذ من قبل دولة قطر حال التوقيع عليه». وعقد اجتماع في فبراير الماضي بحضور أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني ووزراء خارجية دول المجلس، والذي تم خلاله الاتفاق على أن يقوم وزراء خارجية دول المجلس بوضع آلية لمراقبة تنفيذ اتفاق الرياض. البيان