خلاف بغداد أربيل.. قطار الحل في انتظار حصيلة معارك الأنبار

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أنّ ما بين بغداد وأربيل عصيّ على جسْر الهوة. والخلاف في حال استفحل سيكون وبالاً على العراق، ولن تعود العلاقة بين الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي منذ نحو 23 عاماً مع بغداد علاقة مركز مع إقليم.

المفاوضات بين الطرفين دخلت دائرة الدوران في الفراغ، وفي متاهة الطلبات التعجيزية، ومساعي كسر العظم، وفي ترجمة لهذه الصورة جاء تحذير رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني من اضطرار حكومة الإقليم إلى اتخاذ موقف حاسم في حال استمرت الحكومة العراقية الاتحادية في موقفها إزاء الإقليم.

وبعد شهور من الشد والجذب بين بغداد وأربيل تحت عناوين اقتصادية، كالنفط وقانونه وتصديره وعوائده والموازنة والرواتب، كشف بارزاني المسكوت عنه، فقالها صراحة إنّ المشكلة بين أربيل وبغداد ليست النفط أو الموازنة، وإنما محاولة لكسر هيبة الكرد. ولوّح بأنّ إقليم كردستان بصدد إعادة النظر في العلاقة مع بغداد لأن الأكراد لن يستطيعوا العيش تحت التهديد ولن يتنازلوا عن حريتهم. واعتبر عدم إرسال حكومة بغداد رواتب الموظفين إلى الإقليم بمثابة إعلان الحرب.

إذن، الخلاف كبير وقد يتطوّر إلى أزمة سياسية قد تنزلق لاحقاً إلى جبهة عسكرية في حال انتهت الحكومة العراقية من جبهة الأنبار.

الخلافات بين بغداد وأربيل كثيرة، ويتقدّمها ملف النفط والغاز، ومن ضمنها تجميد رواتب موظفي الإقليم وقواته المسلّحة (البيشمركة).. وهذه مشاكل دورية كانت تجد طريقها للحل دون جعجعة عندما كان الرئيس جلال طالباني على رأس السلطة، ولكن الآن وفي ضوء غياب الرئيس في «غيبوبة مرضية» استقوى رئيس الوزراء نوري المالكي على الإقليم..

وما زاد من شق الخلاف عدم مساندة مسعود بارزاني الحكومة في حربها على غرب العراق، وموقف الإقليم من حرب الإبادة الدائرة في سوريا. وربما كان الضغط الذي تمارسه بغداد في أربيل متماهياً مع جهود سورية إيرانية لوأد أي مشاركة لكردستان العراق في ترتيب الأوضاع في المناطق الكردية السورية التي أعلنت قبل نحو شهر ونيّف عن منظومة إدارية في القامشلي والحسكة..

وبالتالي فإنّ قطع وريد الأموال، وبخاصة رواتب القوات العسكرية (البيشمركة)، عن الإقليم وزيادة الضغط عليه عبر المطالبة بمليارات الدولارات الناتجة عن تصدير النفط باعتبارها ديوناً يدخلان في نطاق تضييق الخناق على قيادة الإقليم لتشغل بمشاكلها وهمومها الداخلية وإعطاء ظهرها للغرب (المقصود ما خلف الحدود العراقية الغربية).

وبدل أن يجد بارزاني وحكومته وقتاً للتنسيق مع الأكراد السوريين لـ «ترتيب البيت الكردي» والشروع في «بناء دولة» سيكون عليه أن يستهلك المزيد من الوقت لحل مشاكله الذاتية مع بغداد.. والتي تتزامن مع مشاكل سياسية داخلية، إذ يعاني الإقليم من حالة جمود سياسي منذ الانتخابات التي جرت في سبتمبر.

خط الزيارات بين أربيل وبغداد وبين العاصمة والإقليم (حيث زار المالكي أربيل ) كان نشطاً في الأسابيع الأخيرة وسط اهتمام واضح بحل المشاكل عبر الحوار.. لكن الأكيد أنّ الملف رهنٌ بنتائج حرب المالكي في الأنبار، فإذا تحقّقت النتائج المرجوّة سيكون التشدّد مع الأكراد، وإذا استمر الوضع الصعب الحالي على الجبهة الغربية سيكون حتمياً تنفيس التوتر السياسي مع الشمال.

 

 

nidal@albayan.ae

Email