واشنطن وتل أبيب تدفعان الفلسطينيين لاتفاق مرحلي جديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

أسقطت إسرائيل من حساباتها حل الدولتين، ولحقتها الولايات المتحدة التي تخلت عن وعودها وتبنت المواقف الإسرائيلية، ولم تعد تعترف باتفاقيات ولدت من رحم البيت الأبيض، بدءاً من جورج بوش الأب ووصولاً للرئيس الحالي باراك أوباما. وتصاعدت وتيرة التهديدات التي تعصف بموقف القيادة الفلسطينية المتمسك باتفاق حل الدولتين، وفقاً لما اعترفت به معظم دول العالم في قاعة الأمم المتحدة، تارة بالتلاعب في مصير الدفعتين القادمتين من الأسرى، وتارة بالتهديد بتقليص المساعدات من قبل الاتحاد الأوروبي بحجة تليين الموقف الفلسطيني.

تلك المراوغة الأميركية الإسرائيلية تأتي بذريعة «ضمانات ضرورية لأمن إسرائيل»، الأمر الذي اعتبره مراقبون ومحللون في حديثهم لـ«البيان» بأنه محاولة جديدة لاستدراج الفلسطينيين للتوقيع على اتفاق مرحلي جديد، سيسهل على إسرائيل التنصل منه لاحقاً، كما سبق وفعلت ولا زالت منذ توقيع أوسلو.

كامب ديفيد

وعلى إثر تأكيدات الرؤساء الأميركيين بوجوب حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، علقت القضية الفلسطينية في شباك التفرد الأميركي الإسرائيلي وحبال الاتفاق المرحلي أو الانتقالي، فوقّعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق كامب ديفيد عام 1993 برعاية الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون، وهو اتفاق مرحلي نص على تحديد مصير الأراضي الفلسطينية خلال خمسة أعوام.

لكن الأعوام الخمسة انقضت دون التوصل الى اتفاق، وبقيت المفاوضات تراوح مكانها حتى توقفت بشكل كامل، وجرت بعدها عدة محاولات انتهت في مهدها.

تحوّل أميركي

لكن المفاجأة كانت بتحول الموقف الأميركي بما يتناغم مع الموقف الإسرائيلي، وتخلي الولايات المتحدة فعلياً عن حل الدولتين إلى حل المرحلتين، والحديث عن ترتيبات أمنية ثم الاتفاق النهائي دون تحديد ملامحه ومرجعياته.

ويرى مراقبون في حديث وزير الخارجية الأميركي جون كيري الناعم، استدراج الطرفين للمفاوضات في البداية والتلويح القاسي بتهديدات مختلفة الآن، تحول في النهج الأميركي ضمن خطة مدروسة لإيقاع الفلسطينيين في مصيدة جديدة.

ويشير المحلل السياسي باسم برهوم لـ«البيان» إلى ما أعلنه أوباما مؤخرا بأن الولايات المتحدة توصلت إلى نتيجة مفادها أن حل الدولتين يتضمن بقوة ما أسماه «الضمانات الضرورية لأمن اسرائيل»، يعكس تخلي واشنطن فعليا عن دورها في عملية السلام بانحيازها التام لإسرائيل.

فرصة لإسرائيل

من جهته، يشدد المحلل السياسي تحسين يقين على خطورة السياسة الإسرائيلية الأميركية التي يجري تنفيذها بشكل مبطن منذ اليوم الاول لانطلاق هذه المفاوضات، لجرّ القيادة الفلسطينية للتوقيع على اتفاق مرحلي أو انتقالي يعطي اسرائيل فرصة جديدة وطويلة لفرض المزيد من الوقائع على الأرض.

ويقول يقين لـ«البيان» إن «هذا سيعيدنا الى المربع الأول لحقبة ما بعد أوسلو والمفاوضات العقيمة مع إسرائيل التي لم تحقق نتيجة، فما هو السقف الزمني الذي حددته الولايات المتحدة للفترة الانتقالية؟! وما هي الضمانات التي ستقدمها؟! وكم من السهل على إسرائيل أن تتنصل من كل هذا لبلوغ غايتها وإكمال احتلالها وإحلالها للمنطقة جميعها؟ إن مثل هذا الطرح سيعيد المنطقة الى حالة من الفوضى التي لا يمكن التنبؤ بعواقبها».

 

لا نتائج

بعد جمود أعوام، حاولت واشنطن إحياء عملية السلام، واستطاع وزير الخارجية الأميركي جون كيري إقناع الطرفين بالعودة الى طاولة المفاوضات على أساس حل الدولتين، وتم تحديد سقف زمني مدته تسعة شهور لإنجاز هذه المهمة، لكن خلال هذه المدة من عمر المفاوضات التي بدأت قبل أربعة شهور لم يتحقق شيء بسبب تعنت حكومة إسرائيل وعدم توفر قوة ضغط دولية على إسرائيل، وتحديداً من قبل الولايات المتحدة. البيان

Email