تقارير « البيان »

التشكيل الحكومي في السودان بين تحايل السلطة وتشاؤم الشارع

ت + ت - الحجم الطبيعي

صحا الشارع السوداني على غير ما غفا عليه قبل ساعات.. زلزالٌ سياسيٌ أطاح قادة متنفّذين في حزب المؤتمر الوطني الحاكم على رأسهم النائب الأول للرئيس علي عثمان طه ومساعد البشير وأحد أبرز جناح الصقور نافع علي نافع، وصعد في الوقت نفسه بآخرين كانوا حتى وقت قريب على دكّة البدلاء الذين لا نصيب لهم في التشكيل الأساسي لكنّ تبدّل الأيام وتداولها بين الناس وفقاً للتطورّات ومتطلّبات التغيير صعدت بهم إلى واجهة الأحداث ومركز صناعة الفعل السياسي، تحوّل قابله الشارع بالكثير من التشاؤم واللامبالاة زاهدين في تغيير حقيقي يعيد «دوزنة» الأوتار غير ذات النغم بما يطعم البلاد من جوع ويؤمّنها من خوف.

تغيير ومعضلات

ومع إعلان نائبين جديدين للبشير وهما: ركن بكري حسن صالح نائباً أول للرئيس، وحسبو محمد عبد الرحمن يرى أحد المواطنين السودانيين، رفض الكشف عن اسمه في تصريحات لـ «البيان»، أنَ التشكيل الوزاري الجديد لن يحدث أي تغيير يذكر في شؤون البلاد ومعضلاتها الرئيسية، لافتاً إلى أنّ الأوضاع الراهنة تحتاج أكثر من مجرد تبديل وجوه لا يسمن ولا يغني من جوع باعتبار أنّ الجدد والقدامى ينتمون ويدينون بالولاء لنفس الحزب والأفكار وبالتالي السياسات التي ستدير الشأن العام. ويشير إلى أنّ المخرج الوحيد من المأزق الحالي الذي تعانيه البلاد يتمثّل في تشكيل حكومة انتقالية تمثّل كل ألوان الطيف السياسي دون هيمنة من قبل طرف بعينه تقود إلى صياغة دستور جديد وانتخاب مجالس تشريعية حقيقية تمثّل الشعب تمهيداً لقيام انتخابات رئاسية، مبيّناً أنّ الشارع السوداني غير متفاعل مع التشكيل الجديد على الإطلاق لزهدهم في حدوث تغيير حقيقي يقود البلاد نحو الأفضل. ويبيّن أنّ الشارع غارق في همومه الاقتصادية وما يعاني من أزمة خانقة لا تطاق تجعل من الحديث عن التشكيل نوعاً من الترف.

سياسات قديمة

ويشير المواطن السوداني أبوبكر عمر الشيخ لـ «البيان» إلى أنّ التشكيل الوزاري الجديد لا يعدو كونه استمراراً لنفس السياسات القديمة باعتبار أنّ القادمين والمغادرين ينتمون لحزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي لن يقبل بأي حال من الأحوال التنازل عن أي من الوزارات السيادية وعلى رأسها الدفاع والداخلية والمالية. ويمضي الشيخ إلى القول انّ التشكيل الجديد لم يراع مصلحة المواطن ما خلق نوعاً من اليأس في نفوس السودانيين من حدوث أي تغيير يفك الحصار الخانق الذي يفرضه الواقع الاقتصادي.

ويلفت الموظف الحكومي كمال الدين عبدالرحمن إلى أنّ المتوقع من التشكيل الجديد كان في اختيار شخصيات تكنوقراط يمتلكون الخبرة والدراية لإنقاذ البلاد من كبوتها، مشدّداً على أنّ الشخصيات التي تم استبعادها لا تختلف عن الشخصيات المختارة ما يجعل التشكيل الجديد عديم الفائدة.

3 سيناريوهات

ويؤكّد مدير تحرير صحيفة «ايلاف» خالد سعد عثمان في تصريحات لـ «البيان»، أنّ التشكيل الحكومي الجديد لن يخرج عن ثلاثة سيناريوهات يتمثّل الأول في وجود تسوية سياسية داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم لحسم الخلاف بين علي عثمان طه وعلي عثمان في الترشّح للرئاسة بعد إعلان البشير عدم الترشّح بنقل صراع الرجلين من القصر الجمهوري إلى الحزب، لافتاً إلى أنّ السيناريو الثاني يتمثّل في شعور الحكومة بحالة الاستياء العام التي انتظمت الشارع وتحاول الايحاء للرأي العام بأنها غيّرت شكل الحكومة الذي تسبّب في حالة الانهيار الاقتصادي.

اقصاء مدنيين

ويمضي سعد إلى القول إنّ الرئيس البشير حسم أمر خليفته لمنصب الرئيس بتعيين الفريق بكري حسن صالح نائباً أول بديلاً للمقال علي عثمان باعتبار أنّه يلقى قبولاً داخل الحزب الحاكم وسنداً قويا من قبل القوات المسلّحة باعتباره جنرالاً ينتمي إليها، مشيراً إلى أنّ البشير أقصى المدنيين في الحزب الحاكم لصالح العسكريين. ويشدّد سعد على أنّ الأيام المقبلة ستكشف عمّا إذا كان المدنيون قبلوا باختيار البشير لبكري حسن صالح خليفة له في حال تحقّق نبوة السيناريو الثالث.

Email