الأحزاب مرتبكة والتراجع عن القرارات سمة الجميع

الساسة الأردنيون في دوامة اختيار رئيس الوزراء

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يسبق ان اختبرت الساحة السياسية الاردنية دوامة اختيار رئيس وزراء أردني جديد لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية في السابق.

الاختيار الذي كان مطلب الكثير من السياسيين الاردنيين عبر دعوات «الحكومة البرلمانية» اصطدم بفوضى وارتباك واسعين من قبل الكتل البرلمانية التي لا تستقر على رأي لاسم رئيس الوزراء. وكأن عملية الاختيار زئبقية تخضع لعوامل فيزيائية غاية في التعقيد، حتى بات يستنجد بالعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني ليريح البلاد والعباد من هذه المناخات.

الكاريكاتير الذي قدمه احد الصحافيين حول اعلان عن وظيفة شاغرة بمسمى رئيس وزراء عبرت تماما عن ما يجري. ولم يعد غريبا ان تصبح الكتلة على اسم وتمسي على اسم آخر، او تقرر انها لن تسمي اسما محددا، ثم تعود بعد ساعات عن قرارها. اضافة الى ما فعلته هذه الفوضى بتماسك الكتل النيابية التي تهشمت على صخرة اول اختبار لها.

الجديد في ماراثون اختيار رئيس الوزراء التعقيد الجديد الذي وضعه رئيس الوزراء الحالي عبدالله النسور في حضن مجلس النواب، عبر قرار رفع اسعار المشتقات النفطية مجددا للمرة الثانية على التوالي، وهو ما وضع الكتل النيابية، خاصة تلك التي أعلنت ترشيحها للنسور من أجل التجديد له لرئاسة الوزراء في حرج كبير.

فبينما اعتمدت كتل نيابية اتخاذ قرار انتحاري أمام الشعب بالإعلان عن اختيارها النسور رئيسا، وفي الوقت الذي استطاع فيه رئيس الوزراء أن يخترق الجدران الهشة التي بنتها الكتل النيابية في سياق منعه من الولوج إلى الدوار الرابع مجددا. لم يرمش النسور وهو يوقّع على قرار رفع أسعار المشتقات النفطية.

حتى وقت قريب كان يعتقد ان رفع أسعار المشتقات النفطية «خط احمر» لا يمكن ان يقترب منه النسور لضمان ان يصبح رئيسا للوزراء، هذا ما أجمع عليه النواب أو كثير منهم. فهل كان هذا مجديا؟.

البيانات والمواقف الصحافية للكتل البرلمانية والاحزاب لم تنتظر طويلا، فوسائل الاعلام بثت كما ضخما من الرسائل الالكترونية والفاكسات التي تندد بقرار رفع اسعار المشتقات ومطالبة النسور بالعودة عنه. ووصل حد وصف بعض الكتل النيابية لقرار الرفع بانه «اطلاق النار على مجلس النواب»، ومحاولة تهشيمه امام الناس.

ردود شعبية ضعيفة

لكن ردة فعل الشارع الاردني حيال القرار كانت ضعيفة جدا، مقارنة مع تداعيات الخطوة الأولى وهو ما يعني ان لدى صانع القرار مساحة من المناورة.

لقد أظهر رئيس الوزراء قدرة فائقة على رعاية تنفيذ القرارات المطلوبة منه والقتال من أجلها، بل وتحمل مسؤوليتها وتبنيها، وكأنها نابعة من بنات افكاره هو، رغم شهرته القريبة في محاربتها عندما كان نائبا قبل أن يتحمل وزر رئاسة الوزراء. وهي ميزة قلما وجدها صانع القرار في شخصية سياسية أردنية.

قيل كلام كثير حول اتخاذ النسور قرار رفع الأسعار، إلى حد وصفه البعض بأنه «انتحار سياسي وشعبي».

لكن المفارقة ان ما فعله النسور هو كما يصفه البعض «غسيل وكي ثوبه السياسي مجددا» وتذكير صانع القرار بانه «قادر على الفعل»، أما ما يمكن ان يسمى انتحارا سياسيا فهو ان يبدو الرسمي ضعيفا في اتخاذ القرارات المطلوبة منه.

Email