القبائل تضيق على الرئيس اليمني عبر إسقاط المناطق واستنزاف الجيش

صالح يوجه خطابا «تصالحياً» لمعارضيه

ت + ت - الحجم الطبيعي

وجه الرئيس اليمني علي عبدالله صالح امس خطابا وصف بـ«التصالحي» لمعارضيه دعاهم خلاله لدعم مساعي تحقيق وفاق «يرضى عنه ويلتزم به الجميع» فيما تحاول القبائل التضييق على صالح من خلال سياسة إسقاط المناطق واستنزاف قوات الجيش.

وفي خطاب مكتوب بثته وكالة الانباء الرسمية «سبأ»، قال صالح: «ندعو لدعم المساعي الجادة لتحقيق وفاق يرضى عنه ويلتزم به الجميع وان تكون المبادرة الخليجية وبيان مجلس الامن الدولي كارضية لحل الازمة». واضاف: «التغيير الذي ينشده الجميع لا يمكن الوصول اليه بالعنف والمؤامرات وتزييف الحقائق، فالحالة التي وصل اليها اليمن توجب علينا جميعا العمل من اجل تجاوزها».

 واشاد الرئيس اليمني بجهود نائبه عبد ربه منصور هادي في معالجة الازمة، قائلا: «ندعو الحكماء لتدارك المخاطر المحيطة بالوطن وندعو جميع الاطراف الى التهدئة ونبذ العنف والتطرف والتخريب لانه لا بديل عن الحوار الذي ينطلق من الثوابت الوطنية والدستورية».

 

تضييق القبائل

الى ذلك يبدو التحالف القبلي الذي أعطى قيادته للشيخ صادق بن عبدالله الأحمر وبتركيبته التي ضمت ممثلين عن قبائل حاشد وبكيل وحمير ومذحج ويمتد نفوذها من شرق البلاد إلى شمالها بمثابة القوة العسكرية التي ستتمكن من حسم المواجهة بالقوة من خلال سياسية إسقاط المناطق واستنزاف قوات الجيش التي لاتزال تدين بالولاء لصالح بعد أن عجزت ستة شهور من التظاهرات والاحتجاجات السلمية من إجباره على مغادرة السلطة.

وعمل صالح طوال فترة حكمه على الانتصار لقيم القبيلة، وزاوج بينها وبين مؤسسات الدولة في مواجهة المشاريع التحديثية التي كان خصومه يرفعونها في وجهه؛ ولهذا صمد في مواجهة هذه التيارات وانتصر عليها، وزاد من قوته التحالف مع تنظيم الإخوان المسلمين الذي يتمتع بنفوذ قوي داخل المناطق القبلية.

ومع اطمئنان صالح إلى انه تمكن من تصفية خصومه بدأ بالتحلل من تحالفه مع زعيم قبيلة حاشد الشيخ عبدالله الأحمر وغيره من زعماء القبائل ومع تنظيم الإخوان الذي أصبح اسمه تجمع الإصلاح ويقود المعارضة البرلمانية مذ العام ١٩٩٧. وشكلت الانتخابات الرئاسية في العام ٢٠٠٦ بداية المواجهة بين الرئيس صالح وقبيلة حاشد إذ تصدّر أبناء الشيخ الأحمر المشهد السياسي لصالح المعارضة ومع نهاية العام كان الشيخ عبدالله الأحمر غادر الحياة الدنيا ومعه انتهى التحالف مع نظام حكم صالح.

ومنذ قيام ثورة سبتمبر في شمال اليمن لعب رجال القبائل الدور الحاسم في تحديد شخص رئيس الدولة وتحديد توجهاته؛ فتمت الإطاحة بنظام حكم الرئيس عبدالله السلال في عام ٦٧ بفعل تحالف الشيخ عبدالله الأحمر مع مشايخ قبيلة بكيل؛ وبعدها أطيح بالرئيس عبدالرحمن الارياني الذي وصل إلى السلطة باختيار رجال القبائل.

ومع وصول الرئيس إبراهيم الحمدي إلى السلطة باعتباره حلا وسطا بين الارياني والأحمر ومعه الزعيم القبلي البارز في قبيلة بكيل الشيخ سنان أبولحوم دخلت العلاقة بين رأس الدولة ورجال القبائل مرحلة من الصدام حيث انحاز الحمدي إلى قوى الحادثة في مواجهة القبيلة وقد جاءت نهايته على يد هؤلاء في عملية اغتيال اتهم بتنفيذها خلفه الرئيس احمد الغشمي الذي لقي حتفه في حادث اغتيال مدبر من قبل نظام الحكم في جنوب البلاد بعد ثمانية شهور من وصوله إلى السلطة.

وطوال خمسة أعوام صعّد أبناء الأحمر من لهجتهم المعارضة لنظم الحكم ووجهوا سهامهم نحو نجل الرئيس صالح وبدأ هؤلاء يستعيدون دور أبيهم في التأثير على موقع رأس الدولة حتى جاء ربيع الثورات العربية وخرج مئات الآلاف من الشباب إلى الشوارع للمطالبة برحيل نظام الحكم .

حيث أعلن الشيخ صادق الأحمر الذي خلف أباه في زعامة القبيلة انضمامه وقبيلته إلى الثورة الشبابية. في نهاية مارس الماضي واجه الرئيس صالح تحديات كبيرة من شركائه في صناعة انتصاراته على الآخرين؛ ومع الإعلان عن تشكيل تحالف قبائل اليمن لمساندة الثورة الشبابية يبدو أن الرئيس المعتل جراء محاولة اغتيال فاشلة وقعت له في مطلع يونيو قد فقد الكثير من حلفائه وانه يواجه اليوم خيارات صعبة .

Email