البشير يطالب المجتمع الدولي بتنفيذ تعهداته ويتمنى النجاح للدولة الجديدة.. وسيلفا كير يتعهّد بسلام عـــــــــــــــــــــــــادل لدارفور وأبيي وكردفان

السودان الجنوبي يرفع علمه في جوبا.. وينـــــــــــزل علم السودان

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

رأت جمهورية السودان الجنوبي النور أمس، ليزداد عدد دول العالم دولة جديدة، ويرتفع عدد الدول الإفريقية إلى 54.. لكن حفل الاستقلال الذي أقيم في العاصمة جوبا وشارك فيه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون و30 رئيس دولة، بينهم الرئيس السوداني عمر حسن البشير، تضمن إشارة لافتة من قبل رئيس الدولة الجديدة سيلفاكير ميارديت إلى عدم نسيان جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وأبيي.

ما أعطى إشارة إلى أن العلاقة بين الشمال والجنوب قد تشهد توتراً.. في وقت هنأ البشير جنوب السودان بالاستقلال، مشدّداً على أن نجاح الدولة الوليدة هو نجاح لبلاده، لكنه طالب الرئيس الأميركي باراك أوباما بالوفاء بالتزاماته ورفع العقوبات المفروضة على السودان وفتح صفحة جديدة من العلاقات.

وبدأ اليوم التاريخي، بإعلان رئيس البرلمان السوداني الجنوبي جيمس واني ايغا الاستقلال جنوب السودان، ثم إنزال العلم السوداني ورفع علم جنوب السودان مكانه، وأداء ميارديت القسم الدستوري رئيساً. وقال جيمس واني ايغا: «حرمنا من حقوقنا، واليوم لن يحدث ذلك بعد الآن»، وأضاف: «نحن ممثلي الشعب المنتخبين ديمقراطيا، وبناء على إرادة شعب جنوب السودان، واستنادا إلى نتيجة استفتاء تقرير المصير، نعلن جنوب السودان امة مستقلة ذات سيادة».

وقال ايغا إن جنوب السودان سيسعى «كأولوية استراتيجية» للانضمام إلى الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، ومجموعة ايغاد لبلدان شرق إفريقيا، وغيرها من المنظمات والمحافل الدولية.

وبعد ذلك، وقع الزعيم الجنوبي سالفا كير الدستور الانتقالي، وأدى يمين تولي الرئاسة كأول رئيس للدولة الجديدة، متعهداً بـ «دعم التنمية ورفاهية شعب جنوب السودان».

وأعلن سيلفا كير العفو عن جماعات مسلحة تقاتل حكومته، وتعهد بإحلال السلام في المناطق الحدودية المضطربة.

وقال: «أود أن أنتهز هذه الفرصة لإعلان العفو عن كل هؤلاء الذين حملوا السلاح ضد السودان»، واستطرد القول: «أود أن أؤكد لمواطني أبيي ودارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان أننا لم ننسهم. عندما تبكون نبكي. عندما تنزفون ننزف.. أتعهد لكم اليوم بأن نتوصل إلى سلام عادل للجميع»، مضيفاً أنه سيعمل مع البشير لتحقيق ذلك.

وقرأ إعلان الاستقلال أمام العشرات من رؤساء الدول والشخصيات الدولية البارزة ووسط ابتهاج آلاف الجنوبيين الذين حضروا المراسم. ثم رفع العلم الوطني لجنوب السودان، وسط تصفيق حاد ودموع وأناشيد. وهتفت الحشود: «لن نستسلم أبداً.. أبداً!»، وسط انطلاق صفارات ودموع الكثيرين.

البشير: أوفوا بالتزاماتكم

من جانبه، دعا البشير، في كلمته التي ألقاها خلال الاحتفالات المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي إلى الوفاء بالتزاماتهما والتعاون مع حكومة الخرطوم، وأيضاً مع دولة جنوب السودان. وشدّد على أن «من حق الشعب السوداني ان يدعو المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي للوفاء بالتزاماته التي قطعها عندما وقعنا اتفاق السلام الشامل». وأضاف: «ندعو الرئيس باراك اوباما ليفي بالتزامه برفع العقوبات الاحادية عن السودان».

وشدد البشير على وقوف بلاده إلى جانب الدولة الوليدة، مشيراً إلى أن نجاحها هو نجاح للشمال أيضا. وأعرب عن استعداد بلاده لدعم دولة جنوب السودان في إقامة مؤسساتها وتقديم الخبرات اللازمة لها في هذا الصدد. وقال إن «إرادة شعب الجنوب يجب أن تحترم». وقال: «نتطلع ان تنجح دولة الجنوب في قيام مجتمع تسوده روح الديمقراطية والشفافية والمساواة، ولأن نجاح دولة الجنوب نجاح لنا، نؤكد استعدادنا لأن نقدم دعماً تاماً لمؤسسات الجنوب بما تطلبه».

وأوضح أن «التحدي الماثل هو الحفاظ على أمن حدود الدولتين، وتشكيل رؤية وتفاهم واع على الحزام الحدودي، وأن يسهم مواطنو الدولتين على الحدود عبر تبادل المنافع والمصالح في تقوية الأمن»، واستطرد بالقول إن علاقات الخرطوم الخارجية ستكون علاقات قائمة على الاحترام والمصالح المتبادلة والتعاون المشترك.

وأضاف البشير: «نتطلع لاستدامة السلام بين الشمال والجنوب، وهذا يتم عبر علاقة جوار ايجابية، ومراعاة المصالح المشتركة، والتأكيد على مسؤوليتنا المشتركة في تعزيز الثقة لإكمال الاتفاق حول المسائل العالقة».

كي مون يتعهد الدعم

في السياق، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن جنوب السودان يمكنه الاعتماد على تضامن المجتمع الدولي.

وطالب كي مون الشمال والجنوب بفتح صفحة جديدة من العلاقات يسودها السلام والعمل معاً كشركاء، وليس كأعداء، مؤكدا وقوف الأمم المتحدة إلى جانب شعب جنوب السودان بعد حصوله على حقوقه. وشدد على ضرورة ضمان قيام دولة ديمقراطية تتحقق فيها المساواة، معرباً عن تقديره في الوقت إذاته لجهود الشركاء في الوصول إلى هذه اللحظة. وقال إن المنظمة الدولية ستقدم الدعم لجنوب السودان في مواجهة التحديات الضخمة المتمثلة في مشروعات البنية التحتية وعدم الأمان.

وأضاف أن مياه النيل ستتدفق من الجنوب إلى الشمال، مشيرا إلى ضرورة التزام الجانبين بحل المشاكل العالقة والدخول في مفاوضات بهذا الشأن.

زوما يرحب

من جانبه، أعلن رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما أن جميع الأفارقة فخورون باستقلال جنوب السودان. وقال زوما في بيان إن «على السودان (بشماله وجنوبه) أن يكون مثالا للأمل، ليس لأفارقة القارة فحسب، بل للعالم أجمع». وأضاف: «نعلم أن كثيرين قلقون حيال موضوع استقلال الجنوب. إن التغيير يثير دائما الشكوك. لكننا مسرورون بالقبول العام لواقع استقلال الجنوب، وبأن يكون هذا التطور التاريخي تعبيراً عن إرادة الشعب».

تزاحم دولي في الاعتراف بالدولة الغضّة

لم يكد رئيس جمهورية جنوب السودان سيلفا كير يؤدي القسم في عاصمة دولته الجديدة حتى انهالت الاعترافات الدولية بالجنوب «دولة مستقلة».

وتدفقت الاعترافات من كل حدب وصوب، من الولايات المتحدة ومن الاتحاد الأوروبي ومن بعض الدول العربية، إذ كانت مصر الدولة العربية الثانية (بعد السودان) التي تعترف بالدولة الجديدة الغضّة التي اشارت إلى أن هناك 22 دولة قررت فتح سفارات لها في جوبا. وأعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما اعتراف الولايات المتحدة رسميا بجمهورية جنوب السودان الجديدة.

وقال الرئيس الاميركي في بيان :«اعلن بفخر ان الولايات المتحدة تعترف رسمياً بجمهورية جنوب السودان دولة تتمتع بالسيادة ومستقلة ابتداء من هذا اليوم». وقال أوباما: «اليوم يشرق نور صباح جديد بعد ظلام الحرب». ودعا أوباما شمال وجنوب السودان إلى التعايش السلمي ، وقال: «يتعين على كلا الشعبين معرفة أنهم سيعيشون في أمن أكبر ورخاء أكبر إذا تركوا الماضي الأليم وراءهم وحلوا الاختلافات سلمياً».

بريطانيا: يوم تاريخي

من جهته، اعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اعتراف المملكة المتحدة رسميا بجمهورية جنوب السودان. وقال في بيان: «انه يوم تاريخي لجنوب السودان ولإفريقيا بأسرها». واضاف ان بريطانيا فخورة بأنها «ضمن طليعة البلدان التي تعترف باستقلال الجنوب».

فرنسا : علاقات دبلوماسية

بدوره، أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اعتراف فرنسا بالدولة الوليدة. وأوضحت الرئاسة الفرنسية في بيان ان «فرنسا تعترف وترحب بجنوب السودان في عداد مجموعة الدول»، مؤكدة ان ساركوزي «رحب بحصول جنوب السودان على استقلاله، وعرض على الرئيس سيلفا كير اقامة علاقات دبلوماسية وتبادل للسفراء». وقال ساركوزي: «أدعو كل السودانيين إلى بدء هذا الفصل الجديد (من تاريخهم) بروح الحوار والتعاون».

وأكدت رئيسة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاترين آشتون دعم دول الاتحاد لشعب جنوب السودان، قائلة ان الاتحاد الأوروبي يقف الى جانب شعب جنوب السودان «في هذا اليوم التاريخي المشهود، وسيكون شريكا يعتمد عليه في المستقبل». واعربت روسيا عن استعدادها للاعتراف بدولة الجنوب. وصرح ميخائيل مارغيلوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي في افريقيا لوكالة انباء «ايتار تاس» ان موسكو مستعدة لإقامة علاقات رسمية مع جنوب السودان على أعلى مستوى.

تركيا: عين على الاستثمار

من جانبها، اعترفت تركيا بالجمهورية الافريقية الجديدة، وأرسلت ممثلاً لحضور الاحتفالات. وقال وزير التنمية جودت يلماز، الذي يزور جوبا لوكالة أنباء الأناضول : «سلّمت رسالة باعتراف تركيا بجمهورية جنوب السودان من الرئيس عبدالله غول إلى السلطات السودانية الجنوبية». وأضاف: «لدينا علاقات جيدة مع السودان قبل الانفصال، والآن سنحافظ على هذه العلاقات مع شمال السودان وجنوب السودان على حد سواء».

وذكّر يلماز بأن بلاده أطلقت مبادرة للتوسّع إلى إفريقيا «التي تحتوي على رصيد كبير، إلاّ أنه بسبب الاقتتال والمتاعب الأخرى لم يكن من الممكن الاستفادة منها، ولكن أعتقد اليوم بأن جنوب السودان ستقدم فرصاً كبيرة بثروتها النفطية والمعدنية والزراعية».

اعترافان عربيان

وعربياً، أعلن وزير الخارجية المصري محمد العرابى اعتراف بلاده بجمهورية جنوب السودان.

وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية انه فور وصول الوفد المصري المشارك في احتفالات إعلان الدولة في جوبا قام بتسليم خطاب رسمي بالاعتراف. في السياق، اعترفت ليبيا رسمياً باستقلال الدولة الجديدة. وأوضحت وكالة الأنباء الليبية الرسمية (جانا) ان «الجماهيرية العظمى تعترف رسمياً بجنوب السودان دولة مستقلة ذات سيادة».

 

Email