هل ستخوض روسيا حربا مع الغرب للدفاع عن النظام السوري؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

  استخدمت روسيا يوم الخميس حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار غربي يهدد بفرض عقوبات على سوريا تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة إذا لم تسحب الحكومة السورية القوات والأسلحة الثقيلة من المناطق السكنية.

وفي ظل ممارسة الجانب الغربي الضغوط على حكومة بشار الأسد نتيجة تصاعد حدة الهجمات وتفاقم الوضع في سوريا, الأمر الذي قد يؤدي إلى القيام بتدخلات عسكرية في الأزمة السورية, أعرب بعض المراقبين الدوليين عن قلقهم إزاء احتمال خوض روسيا حربا ضد الغرب للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في سوريا.

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت يوم 10 يوليو الجاري ان 11 من السفن الحربية الروسية ستتوجه إلى المحيط الأطلنطي والبحرين المتوسط والأسود للقيام بتدريب على مهام قتالية وسترسو في ميناء طرطوس الذي يعد القاعدة البحرية الروسية الوحيدة في البحر المتوسط.

ورغم أن موسكو أوضحت ان هذه الخطوة كانت مخططا لها من قبل ولا علاقة لها بالوضع في سوريا, لكنها أثارت مخاوف لدى الدول الغربية من أن تكون ذات صلة وثيقة بالوضع في سوريا.

بيد أن الخبير الصيني لوي تشنغ تاو يرى أن الحرب هي خيار أخير بالنسبة لروسيا. ويقول إن روسيا تواجه من الناحية العسكرية صعوبة في خوض حرب بمنطقة الشرق الأوسط، إذ يلزم عليها ضمان توافر سلسلة من الامدادات اللازمة لشن حرب عابرة للبحار.

وقد أكدت الحكومة الروسية ان توجه الأسطول الروسي إلى البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود لا يهدف سوى إلى الحفاظ على الوجود العسكرى الروسي في المناطق البحرية الهامة في العالم وحماية أمن بحارة السفن الروسية وكذا العمليات الاقتصادية البحرية الروسية، و"ليس له أية علاقة بالوضع السوري". لكنه من المعروف للجميع أن روسيا تتمتع بمصالح استراتيجية هامة في منطقة الشرق الأوسط عبر النظام السوري، ومنذ إندلاع الأزمة في سوريا في بداية العام الماضي، هددت روسيا مرارا باستخدام القوة العسكرية من أجل إحتواء التدخل الغربي في القضية السورية.

غير ان الموقف الديبلوماسى لن يترجم إلى رغبة حقيقية في شن حرب، وهناك عوامل عديدة عسكرية واستراتيجية تحول دون خوض روسيا لحرب في الشرق الأوسط :

اولا: ان روسيا تملك ما يزيد على 20 قاعدة عسكرية فقط خارج البلاد تقع معظمها في جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق، أما في منطقة الشرق الأوسط ، فلا تملك روسيا سوى قاعدة بحرية واحدة تقع في ميناء طرطوس بسوريا، وتعتبر طرطوس بالمعنى الدقيق للكلمة تسهيلا عسكريا أكثر من كونها قاعدة عسكرية، إذ أنها تتكون فقط من تسهيلات أساسية بسيطة مثل محطة عمل عائمة وثكنة ومخزن للذخائر، كما يعانى الميناء من حالة متدهورة نتيجة الإهمال ونقص المرافق.

ثانيا: انه علاوة على ضعف الوجود العسكري في منطقة الشرق الأوسط ، لا تقدر روسيا على ضمان توافر سلسلة من الامدادات الضخمة التى لا غنى عنها للمشاركة في حرب عابرة للبحار.

ثالثا: انه يتعين على روسيا أن تفكر مليا قبل خوض أى حرب، إذ انها لا تواجه هذه المرة عدوا منفردا بل أكبر كتلة عسكرية في العالم ألا وهى منظمة حلف شمال الاطلسى (الناتو) أو حتى العالم الغربى بأكمله.

رابعا: ان العالم الغربي بقيادة الولايات المتحدة لا يرغب في دفع روسيا إلى حافة الحرب على الرغم من كرهه لنظام بشار الأسد، ويرجع ذلك إلى ان مصالح الغرب الاستراتيجية ستتعرض لخسائر جسيمة إذا ما شهدت سوريا تقلبات سياسية وصعود لقوى إسلامية متطرفة، فمازال الغرب يريد تغيير النظام السوري باسلوب قابل للتحكم والسيطرة، وهذا يحتاج إلى تفاعل جيد مع روسيا.

وخلاصة القول: إن الحرب تعد آخر خيار بالنسبة لروسيا للدفاع عن مصالحها في منطقة الشرق الأوسط

 

Email