تقرير إخباري

قضية الأسرى الشغل الشاغل للفقيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتذكر الكويتيون بقلوب ملؤها الحزن والأسى والمؤمنة في الوقت نفسه بقضاء الله وقدره مواقف الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله في خدمة الكويت وأهلها في كل الجوانب والصعد.

وكانت قضية الأسرى والمرتهنين الكويتيين وغيرهم من الجنسيات الأخرى في سجون النظام العراقي المخلوع منذ اندحار قواته التي غزت الكويت في 2 أغسطس عام 1990 من أهم القضايا التي أولاها الشيخ رحمه الله اهتمامه الأكبر لإيمانه الراسخ بقيمة الإنسان وحقه في العيش بكرامة وحرية وفقا للأعراف والشرائع الدينية والإنسانية.

وعلى مدار السنوات التي تلت تحرير الكويت حتى سقوط نظام الحكم العراقي البائد في 2003 على يد قوات التحالف كانت قضية الأسرى والمرتهنين الشغل الشاغل للأمير والبند الأول الذي لا يعلوه بند آخر في أجندة نشاطه.

وحرصه رحمه الله على هذه القضية انطلق من القناعة بأن خطف أكثر من 600 إنسان من دور العبادة أو من بيوتهم وأمام أعين أطفالهم ونسائهم أو آبائهم وأمهاتهم ليس بالقضية التي يجوز التراخي أو التهاون في التعامل معها.

فعدد الأسرى كان يشكل بالنسبة للكويت واحدا بالألف من سكانها حسب تقديرات تلك الفترة وهو ما يشكل نسبة كبيرة مقارنة مع عدد السكان.

والعدد كثر أو قل كان يشير إلى إصرار النظام الحاكم في العراق آنذاك على انتهاج السياسة العدوانية نفسها التي دأب على نهجها ضد دولة الكويت وانتهت بالعدوان الشامل في الثاني من أغسطس عام 1990 وعدم استيعابه درس الهزيمة التي أنزلت به عند اندحاره من الكويت مهزوما في السادس والعشرين من فبراير عام 1991.

وشكل الاستمرار في احتجاز الأسرى وعدم تقديم أي بيانات أو معلومات بشأنهم انتهاكا خطيرا للقانون الدولي وحقوق السكان المدنيين وانتهاكا لميثاق الأمم المتحدة ومواثيق وشرعات حقوق الإنسان التي يسعى العالم بأسره لتعميق الالتزام بها.

وانطلاقا من قيمة الإنسان الذي كرمه الله قبل أن يكرمه بنو جنسه أكد الأميرالراحل في كلمته يوم 7 ابريل 1991 بمناسبة العشر الأواخر من رمضان عام 1411 للهجرة أي بعد اقل من شهرين على تحرير الكويت أن الوطن وقيادته لن يهدأ لهما بال أو يشعرا بطعم الراحة «قبل رجوع الأسرى كافة إلى ذويهم».

وفى كل مرة كان يتحدث فيها أو مناسبة يحضرها كان يؤكد رحمه الله التزام الكويت بالسعي لإطلاق سراح الأسرى وطرق كل السبل لتخفيف معاناتهم وإعادتهم سالمين لوطنهم وذويهم.وحتى في خطابه السنوي في العشر الأواخر من شهر رمضان كان يختم كلامه بالدعاء والابتهال إلى الله عز وجل في تلك الأيام المباركة لفك قيد الأسرى وعودتهم في القريب العاجل.

ونتيجة لهذه الجهود الصادقة التي بذلها رحمه الله لم تكد توجد دولة في العالم آنذاك لم تطالب بإطلاق سراح الأسرى والتعاون مع اللجنة الدولية المشكلة لهذا الغرض بل إن كثيراً منها ومن المسؤولين في المنظمات الإقليمية والدولية لم يترددوا في الإعلان عن استعدادهم لبذل الجهود لحل هذه المشكلة الإنسانية من دون تحقيق نجاح يذكر بسبب تعنت النظام العراقي آنذاك واستمراره في الاحتفاظ بالأسرى وعدم الإفصاح عن أية معلومات عنهم وعن مصيرهم كوسيلة للضغط والابتزاز كما أكد الأمير الراحل.

واكتسبت قضية الأسرى زخما عالميا بفضل جهود الأمير الراحل رحمه الله بصدور العديد من الفقرات ضمن قرارات مجلس الامن إلى أن صدر القرار 1284 تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة مما جعل حل القضية شرطا لازما لرفع الحصار الذي كان مفروضا على العراق آنذاك ومكونا مهما ضمن حزمة القرارات المتعلقة بالعدوان العراقي على دولة الكويت. وأكد المجتمع الدولي بفضل تلك الجهود المباركة التي بذلها رحمه الله أنها قضية إنسانية يجب عدم تسييسها من قريب أو من بعيد.

ولعبت اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين والمشكلة بموجب مرسوم أصدره الأمير الراحل رحمه الله في عام 1992 دورا بارزا في هذا الاتجاه حيث كانت تشكل الآلية التي تتعامل مع هذه القضية مستفيدة من الموقف الإنساني الذي عبر عنه في خطاباته وتعليماته السامية وكانت تلتزم به الدولة في سياساتها وفى تحركاتها وفى تحركات وأنشطة مسؤوليها وتسخر له جميع قدراتها وإمكاناتها.

وامتد دور اللجنة الوطنية بفضل توجيهاته رحمه الله وتعليماته ليشمل حسب مرسومها وحسب معطيات الواقع الفعلي رعاية أبناء الأسرى والمفقودين وأسرهم من جميع الجوانب النفسية والتربوية والصحية والسكنية وتذليل أية صعوبات أو معوقات تعترضهم وكذلك الأنشطة الاجتماعية والترفيهية لتنمو داخل نفوسهم قيمة مهمة هي تقدير الوطن لأبنائه وعدم نسيانهم أو تجاهلهم أو التفريط فيهم تحت أي عذر أو مبرر.

وعند سقوط النظام العراقي البائد في عام 2003 انكشفت الجرائم الكبيرة التي كان ارتكبها ذلك النظام الهمجي الذي لم يضع أي اعتبار للمثل والقيم الدينية والإنسانية وكان على رأس هذه الجرائم مصير الأسرى الكويتيين وغيرهم الذين قتلهم ذلك النظام غدرا وظلما وكانت جريمتهم الوحيدة حب الكويت وأهلها.

Email